يقول جوليان بورجر إن الكونغرس الأمريكي بدأ يتملل من تصرفات الرئيس الأمريكي ترامب وهو الآن بصدد إعداد قرار مستقبلي ضده، خاصة بعد أن استطاع ترامب استخدام حق النقض ضد مشروع قانون أقره الكونجرس لإنهاء المساعدات العسكرية الأمريكية في حرب المملكة السعودية على اليمن. وكان مجلس الشيوخ قد أصدر قراراً من الحزبين بتصويت 54 إلى 46 عضواً من أعضاء الكونغرس، في خطوة كان ينظر إليها إلى حد كبير على أنها توبيخ لتحالف ترامب مع القوات السعودية التي تقود العمل العسكري في الحرب على اليمن. وصوت مجلس النواب على القرار في أيار من العام الحالي، حيث مرر بأغلبية 247 صوتاً مقابل 175 صوتاً. وكتب ترامب في شرحه لاستعماله حق النقض ضد قرار الكونغرس وقال: (هذا القرار محاولة غير ضرورية وخطيرة لإضعاف سلطاتي الدستورية، ما يعرض حياة المواطنين الأميركيين وأعضاء الخدمة الشجعان للخطر، اليوم وفي المستقبل) هذا وتقدم الولايات المتحدة وبمليارات الدولارات الأسلحة إلى التحالف الذي تقوده السعودية في حربها على اليمن.
لكن مع استمرار الحرب، أعرب أعضاء الكونغرس عن قلقهم بشأن الآلاف من المدنيين اليمينين الذين قتلوا في غارات جوية شنتها ما يسمى قوات التحالف الذي تقودها السعودية منذ عام 2015، والقتال في أفقر بلد في العالم العربي حيث يعاني الملايين من نقص الغذاء والرعاية الطبية الأمر الذي دفع البلاد إلى حافة المجاعة. وفي الوقت نفسه، أصبح الكثير من المشرعين الأميركيين يشعرون بعدم الارتياح من علاقة ترامب الوثيقة مع السعودية. كما انتقد المشرعون الأميركيون الرئيس دونالد ترامب لعدم إدانته لمقتل جمال خاشقجي، وهو صحفي سعودي يعيش في الولايات المتحدة حيث قالت وكالات الاستخبارات إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان متورط في عملية القتل بشكل مباشر. وقال السناتور بيرني ساندرز، الذي رعى مشروع القانون في مجلس الشيوخ: (أشعر بخيبة أمل، لكنني لست متفاجئاً، من أن ترامب رفض القرار من الحزبين لإنهاء تورط الولايات المتحدة في الحرب المروعة في اليمن).
إن الشعب اليمني بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية، وليس إلى مزيد من القنابل. وأضاف عضو الكونغرس في كاليفورنيا رو خانا، وهو ديموقراطي: (يجب على الرئيس وضع حد لحروبنا التي لا نهاية لها، فإن هذا الفيتو يمثل فرصة ضائعة مؤلمة). وقال خانا إن مشروع القانون خطوة إلى الأمام، على الرغم من حق النقض. وقال خانا: (إنها ترسل إشارة واضحة للسعوديين بأنهم بحاجة إلى رفع الحصار والسماح بالمساعدة الإنسانية في اليمن إذا كانوا مهتمين بعلاقتهم بالكونغرس). حيث وافق الكونغرس أخيراً على قرار إنهاء المساعدة العسكرية الأمريكية لحرب المملكة العربية السعودية في اليمن، في محاولة غير مسبوقة للحد من سلطة ترامب في خوض الحرب وتوبيخاً كبيراً لسياسة دونالد ترامب الخارجية.
وقد صوت مجلس النواب بأغلبية 247 صوتاً مقابل 175 صوتاً لإرسال القرار إلى مكتب الرئيس، حيث قابله حق النقض الفيتو من قبل ترامب اعتراضاً على القرار، ما أثار الاستهجان في الأوساط السياسية الأمريكية عن علاقة ترامب بالسعودية. هذا وأثار القرار مواجهة أخرى بين الكونغرس وترامب، الذي هدد بالفعل باستخدام حق النقض وفعل ذلك. حيث قال مسؤولون أميركيون إن قرارات البيت الأبيض (تثير مخاوف دستورية خطيرة). ويمثل التصويت المرة الأولى التي يحتج فيها الكونغرس بقانون صلاحيات الحرب لعام 1973 للحد من سلطة السلطة التنفيذية في تحويل البلاد إلى صراع دون موافقة الكونغرس، لأنه يهدف إلى إنهاء تدخل الولايات المتحدة في الحرب اليمنية طويلة الأمد.
وتحت ضغوط شديدة من الكونغرس، توقف البنتاغون عن توفير التزود بالوقود الجوي في تشرين الثاني للطائرات السعودية. وقال بنيامين فريدمان، مدير السياسة في مركز أبحاث أولويات الدفاع، إن معظم التورط الأمريكي المتبقي في الحرب على اليمن كان في تقديم الدعم الاستخباراتي للتحالف السعودي ضد اليمن بما في ذلك اعتراض الإشارات والمراقبة من الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار. وتشير التقديرات إلى أن الحرب في اليمن، التي دخلت عامها الخامس، قد تسببت في مقتل أكثر من 60.000 ألف شخص وتركت الملايين على شفا الموت جوعاً، ما خلق ما وصفته الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم. وأصدر الراعيان الرئيسيان لهذا الإجراء، السناتور المستقل بيرني ساندرز وعضو الكونجرس الديمقراطي رو خانا، بياناً مشتركاً قالا فيه: (اتخذ مجلس النواب الأمريكي اليوم موقفاً واضحاً ضد الحرب والمجاعة وقامت سلطات الحرب في الكونغرس بالتصويت لإنهاء حربنا). والتواطؤ في الحرب في اليمن. وقال البيان (هذه هي المرة الأولى في تاريخ هذه الأمة التي يمرر فيها قرار سلطات الحرب الى مجلس النواب ومجلس الشيوخ وتمريره إلى مكتب الرئيس).
ويقول عضو الكونغرس روخانا وأخيراً، استرد الكونغرس الأمريكي سلطته الدستورية على مسائل الحرب والسلام. ففي مؤتمر صحفي بعد التصويت، أخبر خانا المراسلين أنه لا يزال (متفائلاً) بإقناع ترامب بتوقيع القرار. وقال إن مجموعة من أعضاء الحزبين من المشرعين سيرسلون خطاباً إلى ترامب، يطلبون فيه عقد اجتماع (بحسن نية) لتوضيح أن القرار اليمني (قضية إنسانية وليست قضية سياسية). كما قال ساندرز إن التصويت يبعث برسالة (واضحة) من الكونغرس مفادها أن الولايات المتحدة (لا ينبغي أن يقودها إلى الحرب نظام استبدادي غير ديمقراطي قاتل) مثل إدارة ترامب.
وقال السناتور كريس مورفي، وهو راعٍ ديمقراطي آخر للقرار، إن النزاع يشكل أيضاً (تهديداً للأمن القومي)، مشيراً إلى التقارير التي تفيد بأن بعض الأسلحة الأميركية المبيعة للسعودية وحلفائها انتهى بها الأمر إلى أيادٍ إرهابية من تنظيم القاعدة. وقال: (هذه أزمة أخلاقية وإنسانية بحق الأمة الأميركية إذا نحن واصلنا مشاركتنا في هذه الحرب، ويعتقد الكثير من نشطاء السلام أن الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب في اليمن، التي يتعرض شعبها لخطر المجاعة الجماعية التي قد تقتل الملايين من اليمنيين. ووفقاً لتقرير جديد صادر عن مركز السياسة الدولية نُشر يوم الخميس، بلغ إجمالي مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية في عام 2018 ما قيمته 4.5 مليارات دولار، بما في ذلك 579 مليون دولار من الأسلحة النارية.
ترجمة غادة سلامة
The Guardian
التاريخ: الخميس 25-4-2019
رقم العدد : 16964
