هناك فنانون محكومون بالإبداع فثقافتهم وتاريخ عطائهم وقدرتهم على التعاطي بحرفية عالية مع أي شخصية تُقدّم لهم تؤهلهم لقراءة الدور بشكل مختلف وتلمّس ما بين السطور الأمر الذي يجعلهم في حالة بحث دائم لتجسيده بالإطار الأكثر إقناعاً وقرباً من الجمهور، ويتيح لهم أن يصنعوا منه دوراً مهماً بغضّ النظر إن كان كبيراً أو صغيراً على صعيد المساحة، مثل هؤلاء تُرفع لهم القبعة تقديراً لما يقدمون، لأنهم يعطون ما بداخلهم بحب وهمهم إنجاز الأفضل والأبقى، فيبادلون محبة الجمهور لهم بعطاء يحترم قدرتهم ومكانتهم الإبداعية أولاً، ويحترم المتلقي وعقله وتربيته وأخلاقه ثانياً، وهم بذلك يشبهون الذهب العتيق الذي كلما امتُحن بالنار كلما زاد ألقاً وتوهجاً وبهاء، ومن أبرز هؤلاء المبدعين الفنان جهاد سعد المسكون بالشغف، الذي اشتاقت إليه كل من الشاشتين الكبيرة والصغيرة والمسرح (مخرجاً وممثلاً)، كما اشتاق إليه الجمهور الذي يحبّه ويتابع أعماله بلهفة وحب، واليوم يحمل في جعبته الكثير للقادم من الأيام فالطموح لا ينتهي ولا تحدّه حدود في أي مجال إبداعي.
يطلّ الفنان جهاد سعد في شهر رمضان على الجمهور من خلال عدد من الأدوار التي يأتي أغلبها ضمن مساحة محدودة كعدد مشاهد ولكنها كفاعلية تأخذ مكاناً متقدماً، فهو أصلاً فنان متصالح مع نفسه ويتمتع بسعة الأفق ولا ينظر إلى هذه الأمور من الزاوية الضيقة (كبر أو صغر الدور)، لأنه يترك بصمته الواضحة في أي عمل يشارك فيه بغض النظر عن حجم المشاركة، فما تزخر به الشخصية من أحداث وإحساس وقدرات هو ما يحكم تعاطيه معها، قبوله أو رفضه، ومن هذا المنطلق نتفاعل معه ونعيش صراعه في مسلسل (دقيقة صمت) إخراج شوقي الماجري، فهو هنا مدير السجن نظيف اليد الذي يتعرّض لضغوط ويتم توريطه مع مجموعة من المتنفذين الفاسدين، فكيف سيتعامل مع الوضع الجديد خاصة أنه صاحب ضمير حي وبات يعيش صراعاً بين أخلاقياته والواقع الذي فُرض عليه؟..
في حين يجسّد شخصية (والد الدكتور سامي) في مسلسل (صانع الأحلام) إخراج محمد عبدالعزيز وهي شخصية تتميز بعوالمها الخاصة، أما مروره في مسلسل (مقامات العشق) إخراج أحمد ابراهيم احمد فقد منح الدور الذي قدمه قيمة مضافة وقوة ، وكذلك الأمر في دوره عبر مسلسل (حرملك) إخراج تامر اسحاق .
الثورة – فؤاد مسعد
التاريخ: الجمعة 17-5-2019
رقم العدد : 16980