واشـنطن وحبـال الأكاذيب حـول إيران

 

صعّد ترامب من تهديداته ضد إيران يوم الجمعة الماضي موجهاً إليها مسؤولية ضرب ناقلتي نفط في خليج عُمان، وتوعد بالانتقام بحال قامت بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي.
استند ترامب في ملاحظاته الجاهلة والمعارضة على صور فيديو غير واضحة بالأبيض والأسود نشرته القيادة المركزية الأميركية CENTCOM التي توجه التدخلات العسكرية الأميركية في جميع دول الشرق الأوسط.
وادّعت هذه القيادة أن الفيديو الذي التقطته طائرة تجسس أميركية يظهر قارباً صغيراً يعود للحرس الثوري الإيراني وهو يقترب من إحدى الناقلتين المنكوبتين كتكوت كوراجوز وسحب جسماً صغيراً غير منفجر مُعلَّق بهيكل الناقلة، وتم تقديم الفيديو كدليل على أن إيران نفذت هجمات على السفن وأرسلت قارب الحرس لإزالة أي دليل…
صرح ترامب في لقاء له مع فوكس نيوز في اليوم التالي: (إيران فعلتها، وتعرفون أنها فعلتها لأنكم رأيتم السفينة) وأردف: (اعتقد أن أحد الألغام لم ينفجر، رأيت القارب ليلاً وهو يحاول إزالة الآثار.. كانوا هم ولا يريدون ترك الأدلة خلفهم.
واستمر بتوجيه إدانته لإيران على أنها دولة إرهابية وقال لفوكس نيوز إنه إذا أغلقت إيران مضيق هرمز- الذي يربط الخليج الفارسي بخليج عُمان في بحر العرب- والذي يستخدم للتبادل التجاري للمنتجات السائلة وأغلبها من النفط سيتم معاقبتها.
هذا الفيديو يماثل ما قامت به وزارة الخارجية الأميركية أيام كولن باول عام ٢٠٠٣، حيث قدمت تقريراً لمجلس الأمن حول وجود (أسلحة الدمار الشامل) في العراق.
تأكيدات الولايات المتحدة المبنية على الفيديو كانت متناقضة تماماً مع موقف مالكي البترول، يوتاكاكاتا مدير الشركة البحرية كوكوا سانغيو مالكة بترول كوكوا كونكورد، صرّح في ١٤ الجاري للصحفيين في طوكيو أن التصريحات التي تؤكد أن الباخرة تأذت بسبب ألغام على بدن السفينة (خاطئة).
( يقول الطاقم أن السفينة أصيبت بجسم طائر كان متجهاً نحوها ثم وقع الانفجار وحدث ثقباً في السفينة، فيما بعد شهد بعض أفراد الطاقم إطلاقاً ثانياً).
ويكمل:(نحن لا نعتقد أنه تم لصق قنبلة على جانب السفينة.. والأضرار التي أصابتها كانت أكبر بكثير وجاءت من فوق المياه).
وفيما يندد ترامب وينسب لإيران تهمة (الإرهاب) نرى أن الإرهاب الذي تعمم وأصاب الشرق الأوسط يعود سببه إلى مفهوم (صنع في الولايات المتحدة).
الحرب التي شنتها الولايات المتحدة ضد العراق – وأدت لاجتياح غير مشروع لدولة وضحايا يفوق عددها المليون شخص – تبعتها حروب هدفت لتغيير الأنظمة في ليبيا وسورية لجأت فيها أميركا إلى تمويل وتسليح داعش المرتبطة بتنظيم القاعدة بهدف إسقاط الحكومات.
اليوم تسعى أميركا لتحقيق نفس الهدف في إيران، وهي دولة أكبر وأقوى أربع مرات من العراق.
نفذت أميركا ما تباهى به وزير خارجيتها مايك بومبيو من (حملة ضغط قصوى) تهدف لتجويع الشعب الإيراني بدءاً من إبطالها للاتفاق النووي والموقعة عليه دول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن، إلى فرض عقوبات اقتصادية جديدة مشددة لا تهدد إيران وحدها إنما كل دولة أو شركة تربطها علاقة بإيران وأوضحت هدفها وهو العمل على تقليص صادرات النفط الإيراني إلى الصفر والذي يشكل العائد الأكبر من صادرات الدولة.
تشكل هذه الإجراءات المطبقة من جانب واحد والانتهاك المباشر لقرارات مجلس الأمن والذي يعادل حصاراً اقتصادياً كبيراً شكلاً من أشكال الحرب.
ردت إيران على هذه التهديدات الأخيرة بوصفها (مثيرة للقلق وخطرة).
قبل مقابلة فوكس للرئيس الأميركي ترامب مباشرة، عدّ وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف (موقف واشنطن في اتهام إيران دون وجود أي دليل واقعي تسرعاً).
ولفت نظر إلى حقيقة أن الناقلتين -إحداهما تعود ملكيتها لشركة يابانية والأخرى تنقل شحنة لليابان- تعرضتا للإصابة أثناء اجتماع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي مع المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي وقال:(لا شك تعجز الكلمات عن وصف ما حدث فعلاً).
صرّح بومبيو في خطاب التخويف -الذي ألقاه في وزارة الخارجية- بطريقة ساخرة أن ظريف كان يحاول أن يكون(مضحكاً). على النقيض، وزير الخارجية الإيراني ظريف لمح إلى أن الكثير من الناس في العالم خلصوا إلى أن طهران لن تكون مدفوعة لضرب الناقلات.
وبينما كان آبي في طهران أشاد باحترام الحكومة الإيرانية للاتفاقية النووية وصرّح أن إيران(حققت تقدماً ملحوظاً لتحقيق السلم والاستقرار في هذه المنطقة). لقد كانت اليابان أحد أهم مشتريي النفط الإيراني في الشهر الماضي، حين ألغت إدارة ترامب الإعفاءات الممنوحة لعدة دول مستوردة.
من المستفيد من الجريمة؟ الجواب واضح: أولئك الذين يريدون منع إيران من التوصل إلى حل وسط يساعدها بالتخلص من العقدة الاقتصادية التي كبلتها بها أميركا، ويندرج الأمر على أميركا وحلفائها في المنطقة لاسيما إسرائيل، السعودية والإمارات العربية القادرة ببساطة على توجيه ضربات على الناقلات لتحميل إيران المسؤولية والتحضير لحرب كارثية.
الهجوم المزعوم على ناقلات النفط تم بعد زيارة وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بأيام لطهران والتي هدفت لإنقاذ الاتفاق النووي الذي أخلت به واشنطن من أجل منع نشوب حرب إقليمية.
وعد ماس إيران بأن ألمانيا، بريطانيا وفرنسا سيجدون حلاً للتسديد، للالتفاف على العقوبات الأميركية المعروفة باسم INSTEX، وبنفس الوقت حذّر أن الدول الأوروبية لا يمكنها القيام(بمعجزات)أمام العقوبات الأميركية من جانب الشركات التي تسير أعمالها في إيران.
أبدت ألمانيا وباقي الدول الأوروبية – باستثناء لندن- شكوكها إزاء الاتهامات الأميركية التي تدعي حيازتها على إثباتات بتورط إيران بمسألة ناقلتي النفط ودعت إلى التصعيد من الجانبين.
بالنسبة للصين، رفضت الاتهامات الأميركية، وعقد الرئيس الصيني شي جبين بينغ قمة منظمة التعاون شنغهاي في قيرغيزستان مع نظيره الإيراني حسن روحاني، ووعد بتعزيز علاقاتهم مع إيران بغض النظر عن الوضع في المنطقة، وكلا الطرفين حمّلا أميركا مسؤولية إلغاء الاتفاق النووي.
صممت واشنطن على إفشال أي محاولة تسعى للالتفاف على نظام عقوباتها وتمهيد الطريق للتدخل العسكري المباشر ضد إيران، هذا هو السبب المحتمل للهجمات على الناقلات.
ويؤكد هذا الاستنتاج مقال افتتاحي نشر الخميس ١٤ حزيران في صحيفة وول ستريت جاء فيه: (في الآونة الأخيرة شكك البعض بأهمية الدور الأميركي في المنطقة، لكن ما يدحض هذا الشك اشتعال النيران في ناقلتي نفط على أثر هجمات طوربيد في خليج عمان، واقع أن إيران تشكل تهديداً رئيسياً على استقرار منطقة الشرق الأوسط، فالولايات المتحدة محقة بتواجدها هناك، بقوة، واستعدادها للدفاع عن مصالحها ومصالح حلفائها).
وأضافت الصحيفة إنه (من المهم أن يتحد الغرب لمعارضة (العدوان الإيراني)، لكن إن تغاضى الأوروبيون عن التهديد العسكري الإيراني بعد هذه الهجمات فسيكون لذلك مؤشرات سيئة).
أما ديفيد إيغناسيوسمن الواشنطن بوست- الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع الجيش الأميركي والمخابرات الأميركية- كتب في مقالته: (مخزن البارود الأميركي الإيراني أهو على وشك الاشتعال؟)،(يحظى ترامب بفرصة جديدة لتوسيع الدعم الدولي في سياسته حول إيران وذلك بعد انسحاب الولايات المتحدة- في العام الماضي- من الاتفاقية النووية مع إيران).
إن ما يحدث من استفزازات في الخليج الفارسي هي حرب يمكن أن تكلف سريعاً أرواح عشرات الآلاف من الناس. قد يقتضي غزو أميركا لإيران حشد مئات الآلاف من الجنود الأميركيين، الأمر الذي من شأنه إعادة فرض التجنيد العسكري، وخلق مناخ ثوري في الولايات المتحدة.
بنفس الوقت، كما تشير التوترات مع أوروبا والصين، يُخشى أن تؤدي حرب دامية كهذه إلى حدوث حرب عالمية ثالثة.

 

عن موندياليزاسيون
بقلم: بيل فإن اوكن

ترجمة: سراب الأسمر
التاريخ: الجمعة 21-6-2019
رقم العدد : 17006

آخر الأخبار
سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق