ملحق ثقافي: عقبة زيدان:
شنّ بول فاليري هجوماً قاسياً على الفن الروائي، بهدف الحطّ من قيمة هذا الجنس الأدبي الذي يطمح إلى إعادة ابتداع الحياة. وسبب هذا الهجوم أن الرواية بدأت تنتشر بقوة وتتسنم مكاناً عالياً وتزاحم الشعر.
يقول فاليري إن الشعر هو لغة في اللغة، ولا يدخل في نطاق الأحلام، بينما الرواية كذب في الأساس. وإن قيمة القصيدة الجمالية أكبر من قيمة الرواية، لأن الشعر نهائي لكونه المنظومة الصرفة لزخارف اللغة واحتمالاتها.
تمتاز القصيدة بأنها لا يمكن أن نضيف أو نقتطع منها كلمة من دون أن نخاطر بتخريبها، في حين أن الرواية يمكن تُلخَّص، وتروى، وتترجم، وتخضع للتطويل إلا اللانهاية.
القصيدة منظومة مغلقة، بينما الرواية منظومة مفتوحة. ويرى فاليري أن الرواية هي قوة الخداع، والروائي مخادع قبل كل شيء، لأنه لا يصور إلا عالم الخيال. وهذا بحسب فاليري يعدّ تفاهة وسخفاً.
رغم كل هذا الهجوم غير المبرر من بول فاليري وشارل دوبوس، إلا أن القرن العشرين كان قرن الرواية بامتياز. وقد استطاع الروائي أن يصدّ الهجمات الشرسة المضادة له، ويقنع القارئ بأنه أتى بجديد على المستوى الاجتماعي والنفسي والإبداعي. وبهذا فقد أصبحت الرواية قصيدة، كما تمنى ميشيل بوتور.
لا يضير الشعر أن تنهض الرواية، ولا يضير الرواية أن يرتقي الشعر إلى آفاق غير محدودة، فلكل فن من الفنون أسلوبه في تصوير الحياة، ولكن يجب أن يبقى الهدف النهائي هو الإنسان وتقدمه وسيادة العدالة.
التاريخ: 25-6 -2019
رقم العدد : 17008