تحالف القراصنة في الخليج العربي

سادت القرصنة منطقة الخليج منذ أمد يمتد إلى ما قبل القرن الـ 20، وكان ينظر إليها باعتبارها إحدى التهديدات الرئيسية لطرق التجارة البحرية العالمية منذ أواخر القرن الـ 18 إلى منتصف القرن الـ 19 ولا سيما في المنطقة المعروفة باسم ساحل القراصنة الذي امتدت من قطر إلى عمان، بيد أن عمليات القرصنة تراجعت منذ عام 1820 إثر توقيع المعاهدة العامة للسلام التي أكدتها معاهدة السلام البحري الأبدية في عام 1853، وعلى الرغم من المعاهدات فقد ظلت القرصنة مشكلة قائمة ومستمرة، وفي القرن الـ 20 أخذت عمليات القرصنة بالانحسار في الخليج العربي، ومنذ ذلك الحين أصبحت نشاطا هامشيا، ويرجع ذلك أساسا إلى الاستخدام الواسع النطاق على نحو متزايد للبواخر التي تعتمد على المحركات.
أما ما يحصل حاليا من تصعيد في منطقة الخليج إثر احتجاز بريطانيا ناقلة نفط إيرانية بزعم توجهها إلى سورية، فقد قابلته إيران باحتجاز ناقلة بريطانية الأمر الذي يذكرنا بمجريات الأحداث عام 1988، حينها استهدفت البحرية الأميركية عددا من منشآت إيران النفطية في مياه الخليج. وفي العام 1987 أقنعت الكويت الولايات المتحدة بتوفير الحماية لناقلاتها وهو ما أدخل الولايات المتحدة في حرب مباشرة، وبدأت السفن الحربية الأميركية في القرصنة بالخليج.
بعد العام 2009 شن القراصنة الصوماليون، أكثر من هجوم على السفن في تلك المنطقة، أبرزها في مارس 2010، باختطاف ناقلة نفط كورية جنوبية في خليج عدن، وفي ايار من العام نفسه، وقع هجوم على ناقلة نفط روسية، واختطفت في خليج عدن.
وفي العام 2011، اختطف قراصنة صوماليون ناقلة نفط إيطالية في بحر عمان.
وفي هذا السياق، يقول أنتوني كوردسمان، المسؤول لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS الأميركي، إن «حرب الناقلات» أعطت دروسا «في التصعيد وإدارة النزاع»، وساعدت في «تشكيل الهيكل العام للصراع في الخليج، ويبدو ذلك واضحاً من تصرفات واشنطن التي حولت منطقة الخليج إلى ثكنة عسكرية إذ نشرت اسطولها الخامس التابع لسلاح البحرية الأميركي في المياه الإقليمية المقابلة للبحرين واتخذت هذا البلد قاعدة لاسطولها الذي يصفه خبراء أميركيون بأنه من أكثر الأساطيل الأميركية الإستراتيجية أهمية في منطقة الخليج العربي. وتُعد مملكة البحرين من أقدم الدول العربية التي أقامت تعاوناً عسكرياً مع الولايات المتحدة، وبعد حرب الخليج الثانية، وتحديداً بتاريخ 27 تشرين الأول 1991، وقعت المنامة وواشنطن اتفاقاً عرف باسم «التعاون الدفاعي»، ومنذ 1993 اتخذت القيادة المركزية للبحرية الأميركية من البحرين مركزا لها ومنذ تموز 1995 استضافت البحرين الأسطول الأميركي الخامس.
يضم الأسطول الخامس حاملة طائرات أميركية وعدداً من الغواصات الهجومية والمدمرات البحرية وأكثر من سبعين مقاتلة، إضافة لقاذفات القنابل والمقاتلات التكتيكية وطائرات التزويد بالوقود. وتشير تقديرات سابقة إلى أن عدد البحارة الأميركيين المتمركزين في البحرين يبلغ نحو 3500 بحار، فيما يقدر عدد السفن التابعة لسلاح البحرية الأميركي والراسية في البحرين بسبعة عشرة سفينة. وتتلخص مهمة الأسطول الأساسية في تأمين إمدادات النفط من الخليج إلى الأسواق العالمية، ومراقبة إيران عن قرب، والإشراف على عمليات في الخليج العربي وخليج عمان والبحر الأحمر وأجزاء من المحيط الهندي. كما يشارك بشكل مباشر في العمليات العسكرية في كل من العراق وأفغانستان، ومكافحة ما يسمى بالإرهاب والقرصنة في المياه الدولية.
منذ أواسط 2008 بدأ الأسطول بتوسيع قاعدته في البحرين، وتحديدا في ميناء سلمان شرق العاصمة المنامة، على مساحة سبعين فدانا، بتكلفة تقدر بحوالي 580 مليون دولار. وتتضمن التوسعة الجديدة التي ينفذها ويشرف عليها سلاح الهندسة في البحرية الأميركية -التي تتخذ من نابولي في إيطاليا مقرا لها- مرافق عديدة بينها مركز عمليات وميناء ومساكن للأفراد ومبان إدارية وغيرها.
وقد كشفت القيادة المركزية الأميركية مؤخرا أن الولايات المتحدة تحضر لعملية عسكرية تحت مسمى «غارديان»، لتأمين الطرق البحرية في منطقة الخليج والشرق الأوسط عامة «بهدف تعزيز المراقبة والأمن في الممرات المائية الرئيسية في الشرق الأوسط وضمان حرية الملاحة على خلفية الأحداث الأخيرة في منطقة الخليج».
لكن الواقع يؤكد أن الأميركيين عمدوا إلى اللجوء إلى هذه الضغوطات والاستعراضات في الخليج لممارسة الضغوط النفسية والعسكرية وربما لإرسال رسالة إلى إيران مفادها أن هذا الواقع غير مقبول عند واشنطن إذ تريد إدارة ترامب أن تضغط على طهران لتخضعها وترغمها للجلوس على طاولة المفاوضات، ولا نعتقد بأن الموضوع قد يقود إلى شن حرب أو توتير عسكري أمني في المنطقة، إذ يعلم الأميركيون بأن لدى إيران صواريخ متوسطة المدى تصل إلى ما بين 300 و 350 ميل، وهي في ذلك قادرة على استهداف السفن الحربية الأميركية، وكذلك فإنها تدرك خطر الزوارق الحربية الإيرانية التي تحمل قذائف يصعب على منظومة الصواريخ باتريوت اعتراضها بسبب تحليقها على مستوى منخفض جدا.

 

ليندا سكوتي

التاريخ: الثلاثاء 23-7-2019
الرقم: 17031

 

 

 

 

آخر الأخبار
حرائق اللاذقية الأكبر على مستوى سوريا... والرياح تزيد من صعوبة المواجهة تحذير من خطر الحيوانات البرية الهاربة من النيران في ريف اللاذقية مدير المنطقة الشمالية باللاذقية: الحرائق أتت على أكثر من 10 آلاف هكتار عودة جهاز الطبقي المحوري إلى الخدمة بمستشفى حمص الوطني الشيباني يبحث مع وفد أوروبي تداعيات الحرائق في سوريا وقضايا أخرى تعزيز دور  الإشراف الهندسي في المدينة الصناعية بحسياء وحدة الأوفياء.. مشهد تلاحم السوريين في وجه النار والضرر وزير الصحة يتفقد المشفى  الوطني بطرطوس : بوصلتنا  صحة المواطن  الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بريف دمشق  تعقد أولى اجتماعاتها  لأول مرة باخرة حاويات كبيرة تؤم مرفأ طرطوس  فروغ المحال التجارية والبحث عن العدالة.. متى ظهرت مشكلة الإيجار القديم أو الفروغ في سوريا؟ وزارة الإعلام تنفي أي لقاءات بين الشرع ومسؤولين إسرائيليين معرض الأشغال اليدوية يفرد فنونه التراثية في صالة الرواق بالسلميّة تأهيل شبكات التوتر المتوسط في ريف القنيطرة الشمالي مُهَدّدة بالإغلاق.. أكثر من 3000 ورشة ومئات معامل صناعة الأحذية في حلب 1000 سلة غذائية من مركز الملك سلمان للإغاثة لمتضرري الحرائق بمشاركة 143 شركة و14 دولة.. معرض عالم الجمال غداً على أرض مدينة المعارض مناهج دراسية جديدة للعام الدراسي القادم منظمة "بلا حدود" تبحث احتياجات صحة درعا "18 آذار" بدرعا تدعم فرق الدفاع المدني الذين يكافحون الحرائق