تركيا.. مشاريع الرأسمالية في تدمير البيئة

ملاحظة المترجم مانوليس كوسادينو: لنتذكر الدكتور فولامور الممثل الاشكالي لجميع أشكال الكوابيس، الذي في فيلمه القديم الذي لا ينسى قال بلهجة غريبة: «هذا جميل حقاً يجب تدمير كل شيء!»
في اليونان، فولامور حاضر من خلال شركة التعدين (إلدورادو غولد)، أما في جبال كاناكالي التركية فهو حاضر من خلال شركة (ألاموس غولد)، وفي روزيا مونتانا الرومانية فاسم الشركة المماثلة (غابرييل ريسورس resources), الأخوات الثلاث الكنديات (المقصود الشركات السابقة) دولتها المنشأ جميلة أيضاً، وإن كانت ذاكرتكم تخونكم بتذكر الأسماء يمكنكم تذكر الصيغة الحقيقية:»إنها الرأسمالية يا سيدي».
بصدد الاختلافات بين الأنظمة السياسية، نلاحظ أن لعبة الصراع هي نفسها: بالنسبة للرأسماليين زيادة المردود، الطبقات الشعبية والمواطنين، الصحة، نوعية العيش، الحفاظ على ثقافة واقتصاد المجتمعات المحلية، بالنظر إلى الأفق البعيد نلاحظ الاستنساخ المنتظم للمشهد في جميع قارات الأرض لا سيما في غويانا التي يطمح إليها مشروع (مونتاني دور Montagne dor).
إذاً الغاية من هذا التمهيد قبل قراءة المقالة هو الاعتراف بضرورة ربط حركات الشعوب الذين يعارضون ويقاومون مشاريع التعدين الرأسمالية.
مشروع تعدين الذهب في تركيا
انشاء «مشروع كيرازلي غولد سيلفر» لتعدين الذهب والفضة يقع على بعد ١،٥ كم من جنوب شرق قرية كيرازلي في منطقة كاناكالي. تحظى كيرازلي بحوض كبير لتجميع مياه السد وتروي أكثر من ١٨٠ ألف نسمة في المنطقة، وأنشطة التعدين المخطط لها هو استخدام أساليب التخصيب باستخدام مادة السيانيد معرضين بذلك مصادر المياه للخطر، فحين نعلم أن العملية تحتاج لثلاثة اطنان من المياه لاستخراج غرام من الذهب يمكننا حساب كمية المياه التي يحتاجها المشروع خلال سنتين من العمل، حتى وإن افترضنا أن العمل سيجري ولن تترك شركة الاموس غولد أي مخلفات خلفها حسب عزمها (وهو أمر غير معقول علميا) مع هذا ستحتاج إلى ملايين أطنان المياه ما يعني أن منطقة كاناكالي لن يكون لديها مصادر المياه الكافية لسد حاجاتها.
بدأت شبكات حماية البيئة معارك قانونية منذ عام ٢٠١٢، وأول دراسة جرت حول تأثير المشروع على البيئة أكدت سيؤثر على ٢٧ هكتارا، مع ذلك تبعتها قرارات أخرى في السنوات التي تلتها مؤكدة تأثر ٣٥٠٠ هكتار.. بناءً عليه قرر مجلس كاناكلي عام ٢٠١٤ أنه لا يمكن إجراء أنشطة تعدين في المنطقة، رفضت محكمة كاناكلي الإدارية اول طلب لوقف المشروع الذي وضعته منظمات البيئة وغرف المهندسين الزراعيين، والإجراءات التالية عرضت أمام مجلس الدولة الذي رفض بدوره النتائج الإيجابية للدراسة الأولى حول أثر ذلك على البيئة، ثم ألغت المحكمة الإدارية الأولى الحكم وطلب المجلس إجراء تقييم الأثر البيئي الجديد، وتم تعليق عملية التعدين لكن في وقت لاحق صدر تقييم أثر بيئي جديد عن نفس المهندسين واستمرت عملية استغلال البيئة حيث استمرت الشركة بقطع الأشجار الحراجية وباشرت ببناء طريق جديد للمشروع..
في آذار ٢٠١٩ حصلت الشركة على ترخيص التشغيل من وزارة الطاقة والموارد الطبيعية وقالت الشركة انها ستقطع ٤٥،٦٥٠ شجرة، لكن الأقمار الصناعية أكدت قطع ١٩٥ ألف شجرة ما أثر على الحياة البرية وفقدان أعداد كبيرة من النباتات والحيوانات والحشرات، هذا عدا تدمير غابات البلوط والصنوبر.. وبحال استمر المشروع المخطط له سيتم استخدام عشرين ألف طن من السيانيد، وبسبب تصريف الأحماض الصخرية سوف تغمر المعادن الثقيلة كالزرنيخ والرصاص والزئبق سطح التربة. تسمى طريقة استخدام المشروع «التعدين البري» ولم يتم تحضير أي منشأة للمعالجة، وموقع التصنيع عند نقطة تقاطع الأعطال التكتونية وهي منطقة معرضة للزلازل من الدرجة الأولى وبهذا فإن ترسب المخلفات سيمثل خطراً كبيراً على المنطقة.
الوضع الحالي لمنطقة جبل آيدا (كازداك)
هناك أكثر من أربعين مشروعا لاستخراج الذهب والفضة من جبل آيدا، والأكثر من ذلك يتم التفاوض على أكثر من مئة تصريح تنقيب لعدة أنواع من المشاريع، وعندما تنفذ تلك المشاريع لن يعود جبل آيدا للوجود، سيكون هناك تراكمات ضخمة، من الواضح أنها مشاريع مؤذية حتى في مرحلة التحضير لها. اليوم جبل آيدا محاصر بمشاريع الشركات الرأسمالية التي يتوقع قيامها بمختلف النشاطات المعدنية من طاقة معدنية ورياح وغيرها.
منذ أكثر من ١٥ عاماً حاولت شركات تركية وأجنبية إقامة مناطق لاستخراج الذهب والفضة وغيرها من المعادن الثمينة في كاناكالي لا سيما في شبه جزيرة بيغا، على الرغم من نجاح المنظمات البيئية وغير الحكومية والمواطنين في وقف هذه المحاولات إلا أن شركات التعدين استمرت في المحاولة..
الضرر المحتمل
تعد منطقة جبل آيدا مصدر الحياة والمياه لمليوني نسمة تقريباً ولمليارات الكائنات الحية، كما تعد من أهم ملاجئ الحيوانات والنباتات، فهناك ٣٧ نوع نبات لا تجده إلا في جبل آيدا وتعتبر هذه المنطقة من أغنى المواقع على الأرض بالأوكسجين بفضل التمثيل الضوئي الذي تقوم به النباتات الوارفة وأقل منطقة بالاحتباس الحراري.
وفقاً لدراسة جرت عام ٢٠١٢، تساهم المنطقة بأكثر من ٧ مليارات دولار سنوياً بدعم الاقتصاد الوطني بفضل الزراعة والثروة الحيوانية، لهذا ينبغي ألا يضحى بالمنطقة بمشاريع التعدين التي ستكون مصدر تهديد للحياة..
ولهذا بدأت حملة على الشبكات الاجتماعية مؤخرا بمشاركة منظمات وناشطين في البيئة تعارض المشروع بطريقتها الخاصة.
كما أعلن ممثلو بلدية كاتاكالي ومنظمات البيئة في ١٩ حزيران انهم سيستمرون بمقاومة هذا المشروع لحماية الغابة.
في ٥ آب تظاهر الآلاف وأصدروا بياناً بالعودة وأغلق العمال الموقع على أحد الوفود ووعدوا بمواصلة الدفاع عن البيئة.
عن: لو غراند سوار

 

ترجمة: سراب الأسمر
التاريخ: الجمعة 6-9-2019
الرقم: 17067

 

 

 

 

آخر الأخبار
وحدة الأوفياء.. مشهد تلاحم السوريين في وجه النار والضرر وزير الصحة يتفقد المشفى  الوطني بطرطوس : بوصلتنا  صحة المواطن  الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بريف دمشق  تعقد أولى اجتماعاتها  لأول مرة باخرة حاويات كبيرة تؤم مرفأ طرطوس  فروغ المحال التجارية والبحث عن العدالة.. متى ظهرت مشكلة الإيجار القديم أو الفروغ في سوريا؟ وزارة الإعلام تنفي أي لقاءات بين الشرع ومسؤولين إسرائيليين معرض الأشغال اليدوية يفرد فنونه التراثية في صالة الرواق بالسلميّة تأهيل شبكات التوتر المتوسط في ريف القنيطرة الشمالي مُهَدّدة بالإغلاق.. أكثر من 3000 ورشة ومئات معامل صناعة الأحذية في حلب 1000 سلة غذائية من مركز الملك سلمان للإغاثة لمتضرري الحرائق بمشاركة 143 شركة و14 دولة.. معرض عالم الجمال غداً على أرض مدينة المعارض مناهج دراسية جديدة للعام الدراسي القادم منظمة "بلا حدود" تبحث احتياجات صحة درعا "18 آذار" بدرعا تدعم فرق الدفاع المدني الذين يكافحون الحرائق تحصيل 950 مليون ليرة ديون متعثرة في زراعي كفرزيتا الأمم المتحدة: حقوق الإنسان يجب أن تكون أساس أي تحول في العصر الرقمي تصعيد إسرائيلي في الجنوب السوري.. الشبكة السورية توثق 22 عملية توغل بري خلال شهر الربوة تحت رحمة مستثمرين يقضمون سكة القطار ويسورون مجرى بردى برنامج توزيع المياه في جرمانا بين الحاجة والتنظيم محافظ إربد يزور المسجد العمري في درعا