ما قبل جريمة اغتيال القائدين المُقاومين سُليماني والمُهندس ليس كما بعده، بل لا يُشبهه في تفصيل أو جُزئية، فكل المُؤشرات السياسية والعسكرية تؤكد أن المنطقة – وربما العالم – تَلج مرحلة مفصلية أبرز ملامحها أنها ستكون أكثر أمناً واستقراراً بلا أميركا، بل إن العالم سيكون أكثر تَوازناً مع إسقاط قطبية أحادية قامت على البلطجة والعدوان، وعلى النهب، وبالإرهاب.
من بعد قرار العراق إبطال الاتفاقية الأمنية مع أميركا وطلب مُغادرة قواتها رسمياً، فصائل المقاومة العراقية تُعلن عزمها تشكيل جبهة موحدة ضد الاحتلال الأميركي، وفيما تَدرس طهران مروحة خيارات الرد القاسي، تَنتظر الملايين التي شاركت بتشييع الشهيدين ورفاقهما ما يُطفئ نار غضبها، بينما يُدوي صوت مهاتير محمد من أقصى الشرق داعياً إلى وجوب الوحدة لمُواجهة التهديدات.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في دمشق المُنتصرة على إرهاب أميركا ومشروعها، وفي الزيارة دلالات ومَضامين عسكرية مهمة وسياسية أكثر أهمية، بما يؤكد أن خطوة مُؤثرة إلى الأمام تتقدم فيها سورية والمنطقة، وبما يُثبِّت حقيقة تَحطم مخططات الهيمنة وانكسار مشاريع الاستثمار بالإرهاب، وبما لا يَترك فرصة أمام القوى الغازية والمحتلة إلا التراجع والانكفاء ولملمة الأشلاء إذا ما كابرت وأنكرت، فحماقة جريمة الثالث من الشهر الجاري أغلقت كل الاحتمالات على حتمية واحدة: قد حان الوقت لتَدفع واشنطن الأثمان، ولتتحمل تكاليف غطرستها والعنجهية.
تتحدث واشنطن عن مُسودات لقرار بالخروج من العراق، قَطعاً هي كاذبة ومُضللة، لكن حتى لو كانت حقيقية فهي إما لغاية تكتيكية واهمة تعتقد أنها ستُتيح لها فرصة المُراوغة، أو أنها محاولة للهروب من المواجهة غايتها تَخفيف الأثمان المُترتب عليها تَسديدها، ذلك بينما تَشرع شريكتها لندن بإرسال فرق طوارئ وإخلاء إلى بغداد، لكن من دون أن تَقترن بمُراجعة لحساباتها الخاطئة المُشتركة مع أميركا والغرب والصهيونية، دَلّت عليها تصريحات مُتعجرفة لمَسؤوليها، وأكدتها تصريحات استفزازية لمسؤولين آخرين غربيين مُقيمين بمعسكر الإرهاب والغطرسة الأميركي!
الانقساماتُ في الولايات المتحدة تتسع، وعُزلة الأحمق دونالد ترامب تَتعمق، وليَبقى الثابت أنّ عامه الانتخابي صار رماداً تتقلص معه الخيارات بين المُؤلم منها والأكثر إيلاماً، يُقيم ترامب اليوم بين حتميتي الخروج المُذل من العراق وسورية والمنطقة، والخروج الأكثر إذلالاً من الحياة السياسية، وعلاوة على هذا وذاك تَجرع ما يَنتظره في إطار الرد، إما بالصمت وإما بالذهاب إلى حرب كبرى لا يمتلك من أوراقها إلا المُحترق بنار حماقاته الذاتية، وحماقات من سَبَقَه.
الكلمة الفصل لمحور المقاومة، فسورية تَكتبُ آخر فصول انتصارها، أعصابُ بني سعود وتحالف العدوان تَحترق في اليمن، صوتُ لبنان المُقاوم لا يُعلى عليه، العراقُ مُتأهب، وإيران التي أعلنت تَحررها من قيود الاتفاق النووي، قالتها: لا تَفاوض .. انتظروا الرد، السيناريوهات 13، بنكُ الأهداف يَعد بالعشرات، 3 كانون الثاني هو يوم المقاومة العالمي.
كتب علي نصر الله
التاريخ: الأربعاء 8-1-2020
الرقم: 17163