افتتاحية الثورة- بقلم رئيس التحرير- علي نصر الله:
في تاريخها الإمبريالي القائم على الفَوقية والاستكبار، وعلى سياسات الهيمنة والنهب والتمييز العنصري، ربما لم تكن الولايات المتحدة حمقاء، واضحة بكذب ادعاءاتها، مكشوفة عارية مزاعمها، كما هي عليه اليوم. استطراداً، ربما لم يكن العالم الغربي “المُتحضر” أيضاً عارياً، عاجزاً، تابعاً ذليلاً لأميركا، كما تبدو حاله اليوم!.
آخر ما حُرر في أميركا ضد سورية وحلفائها “قيصر”، يَصلح كملف لا لاستخراج ملف قانوني يدين ويُجرّم الولايات المتحدة، بل لاستخراج ملفات حقوقية قضائية تكفي لإطلاق الأحكام النهائية غير القابلة للطعن بأنها كيان لا علاقة له بمفهوم الدولة، ولا بالمبادئ التي قامت عليها الدول، إنما تؤكد يقيناً أنها كيان عصابة، أو عصبة من قطاع الطرق!.
“قيصر” كصيغة، هو مخطط أميركي يرسم خارطة طريق لممارسة الإرهاب الاقتصادي ضد سورية، ضد حلفاء سورية، وضد كل من يتعامل مع سورية كائناً من كان جهة، طرفاً، شركة، مصرفاً، فرداً أو مجموعة. ما يعني أن مقادير القهر لدى واشنطن بلغت الذروة، وأن مقادير البلطجة باتت بلا سقوف، وأن مستويات العهر أصبحت بلا حدود!.
لماذا تُظهر الولايات المتحدة قُبحها مرّة واحدة، دفعة واحدة بكل هذه الوقاحة؟ ألأنّ مشروعها الإرهابي هُزم؟ أم لأن سورية هي من هَزَمَ هذا المشروع؟ أم لأن الهزيمة بذاتها كانت خارج الحسابات الأميركية، وأنها بكل التقديرات كانت أثقل من أن تتحمله؟ أم لأن ما يَترتب على هذه الهزيمة صار حَتمياً، ويَنبغي على واشنطن أن تتخطى كل سقوف البلطجة لتَمنع تَرجمته واقعاً يُنتج نظاماً دولياً يُحجمها ويَضبط عَربدتها وتَطاولها على القوانين والأعراف والمواثيق؟.
لا مكان للمُبالغة إن أفصحنا عن جُزء مما نَعتقد به ونُؤمن، بل نُجانب الحقيقة والواقع ونكون أُمناء – كما كنا دائماً – أوفياء نَعرف الواجب ونقوم به، أصحابُ مبدأ وقيم نُجيد الحفاظ عليها، أبناء وطن وحضارة نُتقن الدفاع عنهما، وأما أنّ ذلك يُسهم بتعرية أميركا والغرب بهذا المقدار أم ذاك، فهذا إن لم يَكن مُتعمداً، فإنه السياق الطبيعي لمن احترف التطاول والتجاوزات، ولمن يَمتهن الجريمة والعدوان.. أميركا الامبراطورية التي لم يَكتمل بناؤها لن تكون الأخيرة إذا آلت للتفكك والانهيار والاندثار!.
مسارات سورية السيادية ستبقى هي هي، في الاقتصاد، في السياسة، ببناء التحالفات القوية، وبنَسج العلاقات الندّية، مع الجوار القريب والبعيد، لم تَقبل سورية يوماً الإملاءات، ولا الشروط السياسية التي تَنتقص من استقلال قرارها وسيادتها، ولن تَقبل، بل إنها كما كانت العقدة والرقم الصعب، ستبقى الرقم الاستثنائي في مُعادلات الحرب والسلام.
أولوياتُ سورية الوطنية لها تَرتيبها المُعلن والمَعروف، سيَبقى، لن يَتبدل، وليَستغرق الآخرون في أوهامهم، وجدوا الطريق لاكتشافها أم تأخروا كثيراً، هذا شأنهم!.
“قيصر” كـ «سهم مُوجّه» سيَتكسر على صخرة صمود السوريين. قد كَسَرَ السوريون سهام الإرهاب الصهيو تكفيري ولن يعجزوا عن كَسره، ذلك أن مروحة خياراتهم واسعة مَفتوحة، مَعدنها كرامة، قوامها فولاذي صلب، خَبروا كل أشكال المواجهة، وانتصروا في نهاياتها.
“قيصر” الذي يفرز المناطق السورية، فيَحمي مناطق انتشار الحُثالات الإرهابية التكفيرية، أذرع أميركا، ويُضيّق على السوريين حَملة الهم الوطني والقومي، هو دليلٌ قانوني إضافي سنُقدمه لمحكمة العدل الدولية ضد الولايات المتحدة وأدواتها، سنُساعد أحرار العالم على تَجريمها ليَكون السهم المُرتد إلى صدرها. لن نَكتفي باستكمال هزيمة مشروعها الإرهابي ومُخططاتها في النهب والهيمنة. مساراتنا السيادية ستزداد رسوخاً رغماً عن كل المُصطفّين خلف إدارات الحماقة والعبث في واشنطن.