الثورة أون لاين -حسين صقر:
من المعروف أن مدح القدرات التي يتمتع بها أي شخص، يعد حافزاً معنوياً كبيراً يساهم في زيادة العطاء لديه، و يولد لديه الدوافع والأسباب لتقديم أفضل مالديه، سواء كان مادياً أم معنوياً، هذا إذا كان بالغاً راشداً ويعلم يقيناً أن ذلك لايحصل دائماً، فما بالنا إذا كان هذا الحديث يخص الأطفال الذين غالباً ما يأخذون بظواهر الأمور وشكلياتها، لا ببواطنها ومضامينها.
امدح طفلك على أي عمل إيجابي يقوم فيه، وشجعه وقل له دائماً: إن ماتقدمه يفوق الروعة، لأن تلك الكلمات تحفر طريقها عميقاً في ذهنه وتولد عنده الرغبة بالإبداع والتميز والنجاح والمثابرة.
وتقول السيدة سونيا الحلبي: كانت طفلتي ذات الخمس سنوات تمارس هواية الرسم، وأذكر أن أول رسوماتها عبارة عن وجه فتاة، ملأت فيها الورقة بشتى الألوان واختلط فيها التعبير، ولم تكن واضحة، ولم يعجبنا ما قدمته لنا، فانعكس ذلك على نفسيتها، وبدت غاضبة وكادت تدخل في مرحلة الانطواء على الذات، حتى أدركنا ذلك قبل فوات الأوان، وبدأنا نتناقل تلك الصورة وكأنها لوحة من إبداعات بيكاسو، وهكذا صرنا نشجعها ونشكرها على مافاضت به أحاسيسها ومشاعرها، حتى قدمت اللوحة الثانية، التي بدات تتضح فيها معالم الرسم أكثر فأكثر، ثم رسمت آلة الكمان الموسيقية التي بدأ شكلها يستهويها، وطللبت أن نحضرها لها، وفوجئنا أنها تريد تعلم العزف عليها، وهكذا حتى أصبحت اليوم عازفة، لايحلو يومها قبل أن تأنس إلى تلك الآلة، وفي ذات الوقت لاتخلد إلى النوم قبل وداعها.
وقالت الحلبي: إن تشجيع الطفل وشكره على ما يقدم يقيه شر العصبية والتوحد والغضب.
بدوره خزاعي الحكيم قال: لاحظت على أحد أبنائي أنه يقوم بجمع بعض القطع الكهربائية المعطلة في المنزل ويستخلص منها بعض الأجزاء التي يشك أنها صالحة للاستخدام، وكان يجرب إذا كانت تعمل أم لا وهو ما يعرضه أحياناً للخطر، ولهذا السبب كنا نعاقبه ونضايقه بالكلام، إلى أن راقبت إصراره ذات يوم على معرفة إذا كانت إحدى القطع في المروحة المعطلة لايزال مفيداً لفضوله، واقتربت منه وحاولت حمايته بمراقبته ومساعدته من بعيد، إلى أن أدركت أنه يريد اختراع مكنسة كهربائية صغيرة، وبالفعل تم ذلك ثم اخترع مروحة، ثم ضاغط هواء، ولو استمريت في قمعه وعدم تشجيعه لأحبطت إمكاناته، وأبقيته في مكانه، لكته اليوم يبحث عن جديد كما كل يوم.
وفيما يخص العمليات الحسابية الذهنية، تحدثت السيدة عفراء محمد أن تلك الهواية تولدت لدى ابنها في سن مبكرة، ولأنها ووالده حاولا تشجيعه، ظهر لديه التميز ويتضح يوماً بعد آخر.
فبالشكر والثناء والتكريم نخلق أجيالاً معطاءة، ونحافظ على العقول التي تهوى الابتكار والإبداع، ودون ذلك نخفف من عزمها وعزيمتها، ونزرع في داخلها الإحباط واليأس، لأن النجاح يرتبط دائماً بتقديم الدفع المعنوي للصغير والكبير معاً، للطالب والمعلم، للمريض والطبيب، للموظف ومديره، وكل من موقعه وحسب الحالة الضرورية واللازمة لذلك.
وبالعودة لموضوع الطفل وحاجته للشكر على قدراته وإبداعته، لابد من أن يرافق مسيرة حياته دائماً من يكن مسؤولاً عن هذا الدعم، ولاضير من وجود فرق متخصصة ترعى شؤون هؤلاء لتحفيزهم ودفعهم لتقديم المزيد من الأعمال النافعة والناجحة.