الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
حين اتخذ سارتر موقفاً مضاداً للموقف الشعبي والوطني، وناهض الاستعمار الفرنسي للجزائر، طالب الناس ديغول بمحاكمة سارتر ومن ثم سجنه، إلا أن ديغول قال: «لا أحد يسجن فولتير».
كان سارتر فيلسوفاً منشقاً على عصره وأفكار زمنه الراسخة، وقاومها بكل ما يملك من فكر، رغم التهديد الكبير الذي تعرض له، بسبب موقفه المعارض للظلم واستعمار الشعوب الأخرى، التي من حقها العيش بكرامة.
ألم يكن هناك فلاسفة ومثقفون في فرنسا الخمسينات والستينات؟ أين هي الأصوات المؤيدة لحقوق الشعوب في العيش بحرية؟ لماذا لم ينطق أحد «الفلاسفة» ويطالب بحقوق الإنسان التي شرعتها دولته بعد الثورة الفرنسية؟
رغم وجود عدد هائل من المفكرين والفلاسفة والمثقفين الفرنسيين في ذلك الوقت – بينهم غاستون باشلار، إتيان جيلسون، جاك دريدا، رولان بارت، غابرييل مارسيل – إلا أن سارتر وضع على عاتقه مسؤولية قول الحقيقة، مخاطراً بحياته في سبيلها.
ماذا لو أن الإجماع أدان سارتر ووافق ديغول على الإدانة وحاكمه؟ أليس من العار أن يعيد التاريخ نفسه، ويكرر موت سقراط المأساوي بعد ألفين وخمسمائة عام؟
لا يمكن للعقول الحرة أن تداهن أو تراوغ، لأن وهج الحقيقة يدفعها إلى السير نحو هدفها الذي تحلم به. ولهذا يُباع أفلاطون في سوق النخاسة، ويهرب أرسطو من الموت ويصبح لاجئاً، ويموت جيوردانو برونو حرقاً، وتقطع أوصال الحلاج.. جميعهم ظلموا وماتوا، ولكنهم أحياء أكثر من معظم الموجودين على هذه الأرض.
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء8-9-2020
رقم العدد :1012