الثورة أون لاين- ترجمة ختام أحمد:
كم عدد السوريين الأبرياء الذين قتلوا بفضل نظامنا الأميركي السياسي الفاسد، سيتم الكشف عن الإجابة على مدى السنوات الأربع المقبلة إذا قامت إدارة بايدن بسحب قواتنا من سورية، لكن هناك خطوات يمكن أن يتخذها ترامب في ما تبقى من ولايته لردع مثل هذه الحماقات.
لم تكن سورية قضية في الحملة الرئاسية ولم تكن هناك أسئلة تتعلق بالسياسة الخارجية في المناظرتين الرئاسيتين. ولن يمنع ذلك فريق بايدن من المطالبة بتفويض لنشر الحقيقة والعدالة عن طريق القنابل والرشاوى في أي مكان في العالم.
وعدت حملة بايدن بـ “زيادة الضغط” على سورية على الأرجح من خلال توفير المزيد من الأسلحة والأموال لخصومها العنيفين، أعلنت نائبة الرئيس المُنتخبة كامالا هاريس أن حكومة الولايات المتحدة “ستقف مرة أخرى إلى جانب ما يسمى المجتمع المدني والشركاء المؤيدين (للديمقراطية) في سورية وستساعد في دفع تسوية سياسية لمصلحة الشعب السوري” حسب زعمها.
الأستاذ في جامعة نورث إيسترن ماكس أبرامز، لاحظ أن كل خبير في السياسة الخارجية تم طرحه على مجلس وزراء بايدن يدعم الإطاحة بالحكومات في العراق وليبيا وسورية، ومساعدة القاعدة والأصدقاء “الجهاديين”( الإرهابيين)، وتدمير البلدان، واقتلاع ملايين اللاجئين من ديارهم، إن السياسة تجاه سورية لطالما جسدت فساد السياسيين وصناع القرار في واشنطن وفساد الكثير من وسائل الإعلام الأمريكية، وتم تطبيق نفس “قصة هتلر” التي تذرع بها السياسيون الأمريكيون لتبرير تدمير صربيا والعراق وليبيا على سورية من قبل وزير الخارجية جون كيري في عام 2013.
بمجرد أن يتم وسم زعيم أجنبي بشكل لا رجعة فيه بالحرف القرمزي H ، فإن الحكومة الأمريكية يحق لها تلقائيًا اتخاذ أي إجراء ضد أمته من شأنه أن يقوض نظامه، حاول ترامب إخراج الولايات المتحدة من “الصراع” السوري، لكن جهوده المتقطعة وغير المركزة في كثير من الأحيان أحبطتها البيروقراطية الدائمة في البنتاغون ووزارة الخارجية والوكالات الأخرى.
بالنظر إلى احتمالية قيام إدارة بايدن بإثارة “الصراع” السوري مرة أخرى، فإن سرد كيفية تورط أمريكا في هذه الفوضى في البداية أمر يستحق العناء.
وعد الرئيس أوباما 16 مرة بأنه لن يضع جنودًا أمريكيين على الأرض أبدًا في سياق الحرب على سورية، لكنه تخلى بهدوء عن هذا التعهد، وبدءًا من عام 2014 ، شن أكثر من 5000 غارة جوية أسقطت أكثر من 15000 قنبلة في سورية، وغالبًا ما يكون الكذب والقتل وجهين لعملة سياسية واحدة، فحكومة الولايات المتحدة قدمت الأموال وكمية هائلة من الأسلحة العسكرية للجماعات الإرهابية التي تسعى إلى زعزعة الاستقرار في سورية، وكانت ورقة التين لهذه السياسة هي أن حكومة الولايات المتحدة كانت تقوم فقط بتسليح المتمردين “المعتدلين” أي الجماعات التي عارضت الحكومة السورية لكنها امتنعت عن تصوير مقاطع فيديو مروعة لقطع الرؤوس وأكل الأكباد.
أصبحت السياسة الأمريكية في سورية مشوشة لدرجة أن المتمردين السوريين المدعومين من البنتاغون قاتلوا علنًا المتمردين المدعومين من وكالة المخابرات المركزية، وأنفقت الحكومة الأمريكية المليارات لمساعدة وتدريب ما يسمى “الجيش الحر” الذي إما انهار بسرعة في ساحة المعركة، أو تعاون مع تنظيم داعش، أو القوات المرتبطة بالقاعدة (جبهة النصرة).
لم يسمح القانون الاتحادي الذي يحظر تقديم الدعم المادي للجماعات الإرهابية بعرقلة حملة أوباما على سورية، واعترف إيفان ماكمولين، المرشح الرئاسي لعام 2016 على تويتر بالقول: “كان دوري في وكالة المخابرات المركزية هو الخروج وإقناع عملاء القاعدة بالعمل معنا بدلاً من ذلك”.
إن معظم وسائل الإعلام التي رددت بلا خجل مزاعم إدارة بوش الكاذبة بربط العراق بالقاعدة لتبرير غزو عام 2003 تجاهلت كيف بدأت إدارة أوباما في مساعدة الجماعات الإرهابية وتحريضها، كما قام مركز أبحاث تركي بدعم وتشريع أعمال الجماعات المسلحة التي ترتكب فظائع في سورية بعد بدء الغزو التركي في عام 2019، ومن بين 28 فصيلاً ، كان 21 فصيلاً مدعوماً من قبل الولايات المتحدة، ثلاثة منها عبر برنامج البنتاغون لمحاربة “داعش” وتم تجهيز ودعم ثمانية عشر من هذه الفصائل من قبل وكالة المخابرات المركزية.
كانت السياسة الأمريكية في سورية غير قابلة للإصلاح جزئيًا لأن معظم التغطية الإعلامية “للصراع” كانت مثل قصة خيالية أظهرت فيه خيارنا السياسي الوحشي ضد المدنيين، فكانت أفضل أوقات ترامب بحسب وسائل الإعلام الأمريكية، عندما شن ضربات صاروخية على المدن السورية في نيسان 2017 بعد مزاعم باستخدام أسلحة كيماوية، فاندفع براين ويليامز ، مضيف قناة “إم إس إن بي سي” إلى لقطات الفيديو التي تظهر الهجمات “وتغنى بجمال أسلحتنا”، وشعرت مارجريت سوليفان، كاتبة العمود في واشنطن بوست بالذعر من أن ” الثناء يتدفق مثل شمبانيا الزفاف – خاصة في الأخبار على قنوات الكابل”.
لم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي احتفلت فيها وسائل الإعلام رفيعة المستوى بالمذبحة، ففي وقت لاحق من عام 2017 استشهد الكاتب في الواشنطن بوست ديفيد إغناتيوس بفخر بتقرير من “مسؤول مطلع” بأن “المقاتلين المدعومين من وكالة المخابرات المركزية ربما قتلوا أو أصابوا 100 ألف جندي سوري وحلفائهم على مدى السنوات الأربع الماضية”، ولم يكشف إغناتيوس عما إذا كان مصدره الداخلي قد قدم أيضا تقديرا لعدد النساء والأطفال السوريين الذين قُتلوا على أيدي الإرهابيين المدعومين من وكالة المخابرات المركزية.
عندما أعلن ترامب عن خطط لسحب القوات الأمريكية من سورية، أدان مجلس النواب تحركه بأغلبية 354 صوتًا مقابل 60 صوتًا، ولن يكون من المفاجئ أن يكرر المعينون من قبل بايدن نفس الروتين الذكي للغاية الذي كان سائداً في سنوات أوباما، وهو تمويل الإرهابيين لتعذيب أمة يحكمها شخص لا توافقه واشنطن.
إذا بدأت إدارة بايدن قصف سورية، فسيكون من السذاجة أن يتوقع الأمريكيون معرفة الحقائق من الأخبار الفضائية أو صحفهم الصباحية، فالأطفال السوريون الذين يموتون في الضربات الجوية الأمريكية سيكونون غير مرئيين مثل الكمبيوتر المحمول الخاص بهنتر بايدن في الغالبية العظمى من التغطية الإعلامية الأمريكية، كما ستستمر وسائل الإعلام في تجاهل قتل المدنيين السوريين، وهم أحد أكبر ضحايا الحرب وأقلهم شهرة.
أفضل أمل لمنع جولة جديدة من الأخطاء والأكاذيب والفظائع هو الكشف الملحمي عن أخطاء وأكاذيب وجرائم أمريكية سابقة في سورية، وهناك قول مأثور مفاده أن أشعة الشمس هي أفضل مطهر، فإن الكشف عن الخيوط التي سحبتها الحكومات الأجنبية لدفع أو إدامة التدخل الأمريكي يمكن أن يحصن الأمريكيين ضد الحيل المماثلة في المستقبل ، فقد اعترفت الحكومة الإسرائيلية العام الماضي بأنها قدمت منذ فترة طويلة مساعدات عسكرية للجماعات الإسلامية الراديكالية السورية التي تقاتل ضد الرئيس الشرعي بشار الأسد، وقد جعلت هذه المساعدات العسكرية الإسرائيلية المهمة أكثر خطورة على القوات الأمريكية، وساعدت حكومات أخرى في زرع الفوضى والمجازر في سورية، بينما تظاهرت إدارة أوباما بأن المشكلة الرئيسية أو الوحيدة هي الحكومة السورية.
أيضاً يجب كشف حقيقة عدد القوات الأمريكية الموجودة في سورية، فقد كان المسؤولون الأمريكيون يكذبون على ترامب – والشعب الأمريكي – بشأن العدد الحقيقي للقوات الأمريكية من أجل ردعه عن انسحابها، بحسب المبعوث السوري المنتهية ولايته”.
فتح الملفات بشأن سورية من شأنه أن يوفر الذخيرة لنشاط أعداد كبيرة من الأمريكيين الذين يعارضون بشدة الحروب الجديدة. في أب 2013 كان أوباما على وشك قصف سورية بعد مزاعم باستخدام أسلحة كيماوية من قبل الجيش السوري، فكان هناك صرخة واسعة ضد التدخل، بما في ذلك احتجاج دراماتيكي خارج البيت الأبيض، بينما كان أوباما يلقي خطابًا يوم السبت حول خططه في سورية، و(كانت مقاطع الفيديو لقطع الرؤوس مصباح علاء الدين للتدخل).
الآن هناك أدلة على حماقة تدخل الولايات المتحدة في سورية أكثر بكثير مما كانت عليه في عام 2013، لم تعد أمريكا قادرة على إخفاء مذبحتها الخارجية في كفن النوايا الحسنة، ولا توجد مصلحة وطنية متسامحة تبرر قتل المزيد من المدنيين في سورية، أو في أي مكان آخر.
أصبح الأمريكيون أكثر إدراكاً للأوهام والأكاذيب التي يطلقها مسؤولو البيت الأبيض حول إرسال أبنائهم إلى دول أجنبية للقتال من أجل “انتصار المثالية وتحقيق العدالة للشعوب”.
بقلم: جيم بوفارد
Antiwar