لغتنا العربية في يومها.. كيف تواجه العولمة المتوحشة؟..

الملحق الثقافي:سلام الفاضل :

طالما أشار الباحثون إلى طبيعة العصر الحاضر، وعدّدوا سماته وخصائصه، ومن هذه السمات أنه عصر العلوم والتقانة، والاتصالات السريعة، والانتشار الثقافي الخاطف، والتغيرات السريعة، والتبدلات المفاجئة، وغزو الفضاء، وسبر أغوار المحيطات، واستخدام الإلكترونيات… إلخ.
ورأى هؤلاء الباحثون أن العقل البشري هو العنصر الحاكم في ثورة الإلكترون والمعلوماتية والإنترنت بعد أن كان التجار ورأس المال حاكمي الثورة الصناعية الأولى، وبعد أن كانت الطاقة والإدارة الحديثة حاكمي الثورة الصناعية الثانية. كما أنهم رؤوا أن أبرز ما اختصّ به هذا العصر هو سرعة التدفق المعرفي، وسيرورة قيم الاستهلاك، وانحسار القيم المعنوية، وازدواج المعايير في النظر إلى القضايا العالمية في ظل عولمة اختلفت النظرة إليها بين مؤيد، ومعارض.

العولمة واللغة
ينطلق مؤيدو العولمة، ومن يُقرّون بأن لها آثاراً إيجابية على لغتنا العربية – والكلام هنا من كتاب (في رحاب لغتنا العربية) للدكتور محمود السيد، الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب – ينطلقون من أنها وفرت للنظام التعليمي التعامل مع وسائل التقانة الحديثة، وحافظت الثورة التقانية على كتب التراث العربي، وأسهمت في التبادل الثقافي والاجتماعي والعلمي والإعلامي، ويسّرت تعلم اللغات الأجنبية، والترجمة من العربية وإليها، فأغنت العربية بالكثير من المصطلحات الجديدة. إلى جانب اعتماد العربية في الأمم المتحدة على أنها واحدة من اللغات الست عالمياً، وما لوحظ من تعليمها لغير أبنائها، نتيجة الفضول الغربي، والأميركي تحديداً، بعد أحداث ١١ أيلول نحو تعرّف العرب، ولغتهم، ومناحي تفكيرهم.
في حين ينطلق معارضو العولمة – والكلام هنا أيضاً للدكتور محمود السيد من كتابه (في رحاب لغتنا العربية) – ينطلقون في عدّهم العولمة اللغوية من أخطر أنواع العولمة لأنها تؤدي إلى هيمنة اللغة الإنكليزية، والثقافة الأميركية على غيرها من اللغات والثقافات، الأمر الذي يؤثر في السلوك والتربية والتفكير.
إلى جانب انحسار الفصحى من وسائل الإعلام بسبب زحف اللهجات المحلية والهجين اللغوي والنظرة الفوقية للمؤهلين باللغة الأجنبية تجاه المؤهلين باللغة العربية والقائمين على تدريسها. ويضاف إلى ذلك مسألة تهميش العربية في التوظيف وسوق العمل، الأمر الذي تمخض عنه خلخلة الانتماء، واهتزاز البنيان الاجتماعي، وكراهية اللغة الأم، والتوجه نحو إتقان الأجنبية وإهمال العربية.

تعليم اللغة في عصرنا الحاضر
انتقل تعليم اللغة في عصرنا الحاضر – كما جاء في كتاب (في رحاب لغتنا العربية)- من التلقين والتحفيظ والتسميع إلى التمهير، كما انتقل من النظر إلى اللغة على أنها مجموعة من الحقائق والأحكام والقواعد والمصطلحات، على المعلم أن يلقنها إلى المتعلم، إلى النظر إليها على أنها عادة، وذلك في ضوء معطيات علم النفس والمدرسة السلوكية في هذا العلم.
وانطلق هذا الانتقال في تعليم اللغة وتعلّمها من استراتيجية التعلم من أجل الإتقان، بحيث تصبح ممارسة اللغة تتسم بالسلامة والجودة والسيولة اللفظية لتغدو وكأنها سجية وطبع.
ولقد شهد النظام التعليمي تطوراً في مكوناته في النصف الثاني من القرن الماضي، ومطلع الألفية الثالثة، وظهر التعليم المبرمج، والتعليم الذاتي، والتعليم المفتوح، وتعددت الوسائل التقانية في حياتنا المعاصرة. والواقع أن التجديد الكبير الذي حدث في ميدان تعليم اللغات وتعلّمها إنما كان في استعمال التقانة، وتعدد وسائلها؛ فبعد أن كان يُنظر إلى التقانة على أنها مجموعة من الأدوات التي يُستعان بها في العملية التعليمية – التعليمية، أضحى يُنظر إليها على أنها قلب العملية التعليمية – التعليمية. ومن هنا اتجه التفكير إلى الاهتمام بوسائل التقانة وحسن استعمالها في العملية التعليمية – التعليمية عامة، وفي تعليم اللغة وتعلّمها خاصة، وذلك لأن اللغة هي وعاء الفكر؛ وينظر إلى هذا الاستعمال في المجال اللغوي على أنه يرجع إلى عاملين، أولهما حضاري، وثانيهما تربوي.
ولعل من أبرز وسائل تعليم اللغة في العصر الحاضر جملة من الأدوات، أبرزها: صرة المعرفة، ويطلق عليها أيضاً مصطلح الحقيبة التعليمية أو الرزمة التعليمية، وقد صُممت في ضوء أسس تربوية مستمدة من المدخل المنظومي في التدريس تصميماً وتنفيذاً وتقويماً. وتشتمل على أهداف تعليمية محددة وواضحة ومصوغة صوغاً سلوكياً، كما تشتمل على اختبار قبلي يقيس نقطة البدء لدى كل متعلّم، ومستوى الأداء لديه، والبدائل التعليمية التي تتيح للمتعلّم أن يختار منها ما يناسب ميوله.
وإلى جانب صرة المعرفة يوجد الحاسوب الذي يقدم تسهيلات لا حصر لها في العملية التعليمية، إذ إنه يساعد المتعلّم على التواصل مع الآخرين في مختلف بقاع الأرض، ويلغي الحواجز والحدود، ويوفر من المعلومات ما لا توفره عدة مكتبات في أنحاء العالم، وينقلها بسرعة هائلة، ويمكّن المتعلم من اختيار الموضوع الذي يريد في الوقت الذي يريد والمكان الذي يريد.
وتأتي الشابكة في المقام الثالث وتؤدي خدمات متعددة في تعليم العربية وتعلّمها، إذ إنها تساعد المتعلمين في الحصول على المعلومات بسرعة من شتى أنحاء العالم، وتساعد على التعلّم التعاوني، كما أنها تساعد على التعلّم الذاتي في الوقت نفسه، ويتسم استخدامها بالحيوية والنشاط في منأى عن الطرائق التقليدية، وتطور وظيفة المعلم ليغدو موجهاً ومرشداً وليس ملقناً فحسب.

التاريخ: الثلاثاء15-12-2020

رقم العدد :1024

 

آخر الأخبار
الرئيس الشرع يلتقي بوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل درعا: مطالبات شعبية بمحاسبة المسيئين للنبي والمحافظة على السلم الأهلي "مياه دمشق وريفها".. بحث التعاون مع منظمة الرؤيا العالمية حمص.. الوقوف على احتياجات مشاريع المياه  دمشق.. تكريم ورحلة ترفيهية لكوادر مؤسسة المياه تعزيز أداء وكفاءة الشركات التابعة لوزارة الإسكان درعا.. إنارة طريق الكراج الشرفي حتى دوار الدلّة "اللاذقية" 1450 سلة غذائية في أسبوع أهال من درعا ينددون بالعدوان الإسرائيلي على دمشق ‏الحوكمة والاستقلالية المؤسسية في لقاء ثنائي لـ "الجهاز المركزي" و"البنك الدولي" المستشار التنفيذي الخيمي يدعو لإنشاء أحزمة سلام اقتصادية على المعابر وزير المالية: محادثاتنا في واشنطن أسفرت عن نتائج مهمة وزارة الرياضة والشباب تطوي قرارات إنهاء العقود والإجازات المأجورة لعامليها طموحاتٌ إيران الإمبريالية التي أُفشلت في سوريا تكشفها وثائق السفارة السرية خبير اقتصادي لـ"الثورة": إعادة الحقوق لأصحابها يعالج أوضاع الشركات الصناعية عمال حلب يأملون إعادة إعمار المعامل المتضررة مركز التلاسيميا بدمشق ضغط في المرضى وقلة في الدم الظاهر: نستقبل أكثر من ٦٠ حالة والمركز لا يتسع لأك... استمرار حملة إزالة البسطات العشوائية في شوارع حلب الأونروا: لم تدخل أي إمدادات إلى قطاع غزة منذ أكثر من 7 أسابيع صحة حلب تتابع سير حملة لقاح الأطفال في منبج