مركز التلاسيميا بدمشق ضغط في المرضى وقلة في الدم الظاهر: نستقبل أكثر من ٦٠ حالة والمركز لا يتسع لأكثر من ٤٠
الثورة – ناديا سعود:
في غرفة ضيقة بقلب مركز التلاسيميا في العيادات التخصصية بمنطقة الزاهرة، تجلس “ريم”، طفلة في العاشرة من عمرها، تتعلّق نظراتها بكيس دم معلّق فوق رأسها، بينما تبتسم رغم الألم.. ريم واحدة من مئات الأطفال الذين يخوضون معركة يومية ضد مرض التلاسيميا، وهو اضطراب وراثي يُفقد أجسامهم القدرة على إنتاج دم طبيعي، ويجعلهم بحاجة دائمة لنقل الدم مدى الحياة.
أرقام تُنبئ بالخطر
مدير العيادات التخصصية الدكتور حسن الظاهر يشرح لـ”الثورة” طبيعة المرض، قائلاً: هو مرض وراثي مزمن يسبب فقر دم حاد يبدأ من الأشهر الأولى بعد الولادة، ولا علاج له سوى بنقل دم منتظم مدى الحياة، إلى جانب متابعة دقيقة لمستويات الحديد في الجسم.
وأوضح أن المرضى عادة ما يبدؤون بنقل الدم مرة شهرياً، ثم تزداد وتيرة الحاجة إلى مرة كل 15 يوماً مع التقدم بالعمر، ما يجعل رحلة المرض طويلة ومؤلمة جسدياً ونفسياً، سواء للمريض أو لعائلته.
وبيّن الظاهر أن عدد المرضى المسجلين في المركز بلغ نحو 1233 مصاباً بالتلاسيميا الكبرى، و610 مصابين بالتلاسيميا المنجلية، إضافة إلى 504 حالات أنيميا منجلية، في مشهد يعكس حجم التحدي الذي تواجهه المنظومة الصحية في تأمين الدم، مضيفاً: نستقبل يومياً ما بين 60 إلى 70 مريضاً بحاجة لنقل الدم، لكن المتوفر لدينا لا يكفي إلا لـ30 إلى 40 حالة فقط، ما يضطر بعض الأطفال للعودة من دون تلقي العلاج الضروري لبقائهم على قيد الحياة.
الحديد يقتل بصمت
الدكتور أسامة السمان، اختصاصي الصحة العامة، يشير إلى جانب آخر من المعاناة، كل وحدة دم تحمل معها كمية من الحديد، وتراكمه المزمن يشكل خطراً على أعضاء الجسم الحيوية مثل القلب والكبد والدماغ، ما لم يتناول المريض أدوية خالبات الحديد بانتظام، وللأسف نعاني أيضاً من نقص حاد في هذه الأدوية، ما يضاعف خطر المضاعفات القاتلة.
في بلد يعاني فيه أكثر من 4000 إلى 5000 مريض بالتلاسيميا من الحاجة المستمرة لنقل الدم، يؤكد السمان أن التبرع بالدم يجب أن يكون منتظماً، لا موسمياً أو طارئاً، موضحاً أنه في بعض الأيام نحتاج إلى ما بين 150 إلى 200 وحدة دم يومياً، خاصة قبل العطل الطويلة، لكن عدد المتبرعين لا يكفي بسبب ضعف التوعية والتثقيف الصحي.
الوقاية تبدأ من الزواج
وعن سبل الوقاية، يشدد الدكتور السمان على أهمية الفحوص الوراثية قبل الزواج، مشيراً إلى أن وجود مورثة التلاسيميا عند كلا الوالدين يرفع احتمالية ولادة طفل مصاب بنسبة تصل إلى 50 في مع كل حمل، ورغم أن هذه الفحوصات أصبحت إلزامية منذ عام 2010، إلا أن تطبيقها لا يزال غير مكتمل في بعض المحافظات، ما يترك الباب مفتوحاً لمزيد من الحالات.
ويؤكد أن التبرع بالدم لا يُنقذ مصابي الحوادث فقط، بل يُمثل شريان حياة لآلاف المرضى المزمنين، وعلى رأسهم أطفال التلاسيميا، فكل وحدة دم قد تعني أياماً من الأمل والفرح لطفل صغير.