الثورة – هبة علي :
بعد سبعة أشهر من سقوط النظام البائد، أطلقت الحكومة السورية هوية بصرية جديدة للدولة. تُعتبر هذه الخطوة، كما تُحللها الباحثة السياسية والاقتصادية نورهان الكردي، رمزيةً وعمليةً في آنٍ واحد، تحمل أبعاداً متعددةً على الصعيدين الداخلي والخارجي. سنستعرض في هذا التحليل أهداف الهوية الجديدة، وتأثيرها المحتمل على المستويين المحلي والدولي، بالإضافة إلى بعض الانتقادات الموجهة لها.
وبرأي الباحثة الكردي “تهدف الحكومة السورية من خلال إطلاق الهوية البصرية الجديدة إلى إعلان ولادة الدولة السورية الحديثة وإعادة بناء الهوية الوطنية السورية القائمة على التعددية السياسية والانفتاح الاقتصادي وترسيخ القطيعة مع نظام البعث ورموزه، نظام الاستبداد والأفرع الأمنية والشعارات الآيديولوجية.” تُشير الباحثة إلى أنَّ الهدف الرئيسي من تغيير الهوية البصرية ليس مجرد تغيير شكلي، بل هو إعلان عن مرحلة جديدة، وإعادة بناء الثقة في الدولة.
إعادة بناء الصورة الدولية لسوريا: تنظيف السمعة وتحصيل الدعم
واضافت الباحثة “تحتاج سوريا إلى إعادة تشكيل صورتها أمام المجتمع الدولي للحصول على الدعم الخارجي السياسي والاقتصادي، وذلك من خلال تنظيف السمعة التي وصمتها بها أفعال النظام البائد من كونها “إمبراطورية المخدرات ” إلى كونها دولة الإرهاب والعنف والديكتاتورية.” تؤكد الكردي على أهمية الهوية الجديدة في إعادة بناء ثقة المجتمع الدولي في سوريا، وتغيير الصورة النمطية السلبية التي التصقت بها خلال سنوات الحرب.
الهوية الجديدة كجزء من عملية إعادة الإعمار الشاملة
وأشارت الكردي إلى أن “الهوية الجديدة تعد جزءاً من حزمة الأدوات التي اعتمدتها الحكومة في إعادة الإعمار المعنوي والسياسي لدى الشعب السوري، إلى جانب الدستور والمؤسسات الجديدة لتهيئة الأرضية لانتقال سياسي حقيقي.” ترى الباحثة أن الهوية الجديدة تمثل جزءاً لا يتجزأ من عملية إعادة الإعمار الشاملة، التي تشمل جوانب سياسية وقانونية واجتماعية.
إعادة توحيد الرأي العام وخلق شعور بالانتماء
وبهذا السياق أشارت الباحثة الكردي على أن “إطلاق الهوية البصرية الجديدة هو محاولة لخلق شعور بالانتماء المشترك، وإعادة توحيد الرأي العام خاصة وأن الشعب السوري قد عانى لسنوات طويلة من الانقسام والتباين.” تُبرز كردي دور الهوية في توحيد الشعب السوري بعد سنوات من الانقسامات والصراعات.
رسالة إلى العالم: سوريا تتغير
وعن سؤال ماهي الرسالة التي ترسلها سوريا للعالم فكان جواب الكردي “إنها رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن سوريا تتغير، ويمكن الوثوق بها كشريك سياسي واقتصادي، كما أنها إعادة لرسم الواجهة السورية كمشروع سياسي واقتصادي وبيئة جاذبة للاستثمارات والسياحة وبأنها باتت مستعدة للعب دور إيجابي في المنطقة والعالم.” تُشير كردي إلى أن الهوية الجديدة تُرسل رسالة واضحة إلى العالم، مفادها أن سوريا دخلت مرحلة جديدة من الإصلاح والتغيير.
الانتقادات وتحديات النجاح: أكثر من مجرد أداة دعائية
واضافت الباحثة انه “وبالرغم من بعض الانتقادات إلا أن الهوية البصرية الجديدة لا تقتصر على الجانب الشكلي وكونها أداة دعائية بيد الحكومة السورية فقط بل هي تكريس لفكرة الدولة الخادمة لشعبها، التي تحفظ الكرامات والحريات، والتي تعيد الثقة بين المواطن والدولة وفعاليتها ستبقى مرتبطةً بالسياق الذي ستستخدم فيه. فإذا استثمرت كجزء من حوار وطني شامل، وكرافعة لنهضة ثقافية واقتصادية، وكمعزز لمبدأ المشاركة والعدالة الاجتماعية، فإنها قد تتحول إلى واحدة من أبرز ملامح المرحلة الانتقالية، ورمزاً لسوريا الجديدة التي طالما حلم بها السوريون.” وتختم كردي تحليلها بالإشارة إلى الانتقادات الموجهة للهوية الجديدة، مؤكدةً على أن نجاحها مرتبطٌ بتطبيق مبادئ العدالة الاجتماعية والشفافية والحكم الرشيد.
وتخلص هذه الدراسة رؤيا كردي حول أهمية الهوية البصرية الجديدة لسوريا، والتي تتجاوز كونها مجرد رمز، إلى أداة ممكنة لعملية إعادة البناء الوطني، والتي نجاحها مرتبط بتحقيق إصلاحات حقيقية على الأصعدة كافةً.