بين نيّة التنظيم ومعاناة المراجعين.. ازدحام في مديرية النقل بحلب

الثورة – جهاد اصطيف :

منذ ساعات الصباح الأولى، يصطف المئات من المواطنين أمام بوابة مديرية النقل بحلب، بعضهم جاء من أطراف المدينة، وآخرون من مناطق ريفية بعيدة.


وجوه مرهقة، وأوراق كثيرة بين الأيدي، وأحاديث متكررة عن الدور و الفحص الفني و تعطّل الشبكة. مشهد بات يومياً في الدائرة التي شهدت لأيام ازدحاماً خانقاً، عقب قرار وزارة النقل استئناف معاملات الفروغ والكشف الفني للمركبات بعد توقف دام قرابة عشرة أشهر.
ورغم إعلان المديرية عن إجراءات جديدة لتنظيم المراجعين وتخفيف الازدحام، إلا أن كثيرين يرون أن تلك الخطوات لم تنعكس بعد إيجاباً على أرض الواقع.

آلية جديدة.. ولكن

في محاولة لضبط حركة المراجعين، أصدرت مديرية النقل بحلب قراراً يقضي بتوزيع أيام المراجعة وفق الرقم الأخير من رقم المركبة أو المعاملة، بحيث تخصص أيام الأسبوع الخمسة تباعاً للأرقام من 0 إلى 9. وبدأ تطبيق النظام اعتباراً من يوم الأحد 16 تشرين الثاني، في خطوة تهدف – بحسب المديرية – إلى تحسين جودة الخدمات وتسهيل وصول المواطنين إلى معاملاتهم بسرعة أكبر.لكن، وبينما ترحب شريحة من المواطنين بالفكرة، يعتبر آخرون أن المشكلة لا تكمن في عدد المراجعين، بل في آلية العمل داخل الدائرة.


يبين محمود جندي، وهو سائق أجرة جاء لإجراء الكشف الفني لمركبته الأسبوع الفائت، أنه وصل الساعة الخامسة صباحاً ليحجز دوراً، لكنه أنهى المعاملة مع نهاية الدوام تقريباً، الانتظار مرهق جداً، والتنظيم غير واضح، وكل نافذة لها إجراءات مختلفة.عشوائية وتكرار أعطال..!
أما نهاد اصطيف، وهو رجل مسن جاء لإنجاز معاملة الفروغ، فيصف تجربته بالمرهقة: وقفت لساعات طويلة بانتظار دوري، ورغم التعب لم أستطع إنهاء المعاملة في يوم واحد، الشبكة توقفت مرتين خلال النهار، وكثيرون غادروا من دون نتيجة.
ويجمع المراجعون على أن العشوائية في توزيع الأدوار وتكرار الأعطال في الشبكة الإلكترونية من أبرز أسباب تأخر المعاملات، كما يشير البعض إلى أن نتائج الفحص الفني غالباً ما تكون “صارمة”، حتى بالنسبة للسيارات الحديثة نسبياً.

يعلق أحدهم قائلاً: سيارتي موديل 2017 ورسبت في الفحص الفني كيف؟! بعد 14 سنة حرب وغلاء قطع الغيار، من الطبيعي أن تكون السيارات مرهَقة، يجب أن يُراعى هذا الواقع.

ليست ترفاً

لا تقتصر معاناة المراجعين على الانتظار فقط، فالكثير منهم يضطر لترك عمله ليوم كامل أو دفع أجور نقل مرتفعة للوصول إلى المديرية.
ويقدر أحد العاملين في المكاتب الفنية أن تكلفة المعاملة الواحدة قد تتضاعف بسبب التنقل المتكرر والتأخير في الإنجاز.كما يرى عدد من أصحاب السيارات أن تشديد الفحص الفني من دون مراعاة الواقع الاقتصادي يفاقم الأزمة، مؤكدين أن أغلب السيارات العاملة اليوم هي وسيلة رزق، وليست ترفاً، وأن المعايير الصارمة لا تتناسب مع وضع السوق وندرة قطع الغيار.

 

مقترحات

يرى متابعون أن الحل يكمن في توسيع الأتمتة الإلكترونية وتطبيق نظام حجز الدور عبر الإنترنت، إلى جانب تخصيص مسارات منفصلة للمعاملات السريعة أو للعاملين في النقل العمومي.
كما يقترحون زيادة الكادر الإداري والفني في أوقات الذروة، وتحسين بيئة الانتظار من حيث المرافق والتنظيم الداخلي.
توسيع الطاقة الاستيعابية
أمام ذلك، تواصلت “الثورة” مع منسق النقل في المحافظة منذ أيام للوقوف على حقيقة الأمر، وإمكانية تزويدنا بالإجراءات المتخذة من قبل المديرية في ضوء القرار الأخير للوزارة، إذ أوضح أن المديرية تعمل حالياً على توسيع الطاقة الاستيعابية لمراكز الفحص الفني من خلال زيادة عدد خطوط الفحص والعناصر الفنية، بما يضمن تسريع إنجاز معاملات المواطنين.
ولفت إلى أنه تمّ إطلاق نظام الدور الإلكتروني بهدف تنظيم المراجعين وتخفيف التجمعات أمام البوابات، حيث يهدف هذا الإجراء إلى تحسين انسيابية العمل، وتخفيف الضغط عن المواطنين، وضمان تقديم الخدمات بشكل أسرع وأكثر دقة وتنظيماً. وكذلك اعتماد آلية توزيع المراجعين على أيام الأسبوع وفق الرقم الأخير من رقم المعاملة أو رقم المركبة.

تشديد الرقابة

وفيما يخص آلية فحص المركبات والشكاوى الواردة، أشار إلى أن المديرية تقوم أيضاً بمراجعة آلية الفحص الفني بشكل دوري للتأكد من دقتها وشفافيتها، وتمّ الإيعاز بتشديد الرقابة الإدارية لمنع أي تجاوزات أو تأخير غير مبرر، مؤكداً أنه عند رسوب المركبة يعاد الفحص بعد مدة أقصاها 15 يوماً بشكل مجاني. أما الخدمات المقدمة للآليات القادمة من الشمال، مثل مناطق ” أعزاز، والباب، والراعي وعفرين “، فإن المديرية تعمل على “سيستم” واحد لجميع الآليات وتسهل معاملاتها، مؤكداً أن جميع المعاملات داخل المديرية تتم بشكل ميسر ولا تحتاج إلى معقب معاملات. ولفت المنسق إلى أن هناك صعوبة في التعامل مع الآليات المسجلة على أكتر من “سيستم”. خاتماً حديثه بأن المديرية حريصة على تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين، ومعالجة أي خلل يطرأ على سير العمل، وأن المديرية تضع نفسها في خدمة الإعلام لتوضيح أي جزئية تحتاج إلى متابعة.

بين النيّة والضرورة

لا شك أن الإجراءات الجديدة لمديرية النقل في حلب تعكس نيّة واضحة لتنظيم العمل وتحسين الخدمات، إلا أن نجاحها الفعلي يعتمد على تطبيقها الميداني ومتابعة تفاصيلها اليومية، فالمواطن الذي ينتظر منذ الفجر، لا يهمه قرار على الورق بقدر ما يهمه أن ينجز معاملته بسرعة واحترام.
ومع استمرار الزحام وتكرار الشكاوى، تبقى الحاجة ملحة إلى مقاربة عملية أكثر واقعية، تراعي الظروف المعيشية، وتجمع بين التنظيم الإداري والمرونة الإنسانية التي تتطلبها خدمة عامة تمس حياة الجميع.

آخر الأخبار
الاقتصاد بين طموحات خارجية وتحديات داخلية كيف يعزز العلاج الوظيفي جودة الحياة؟ محادثات سورية - أردنية لتعزيز مبادئ الحوكمة المؤسسية في الشركات آلاء حجازي.. لون ملتزم بحدود زمان ومكان حملة الوفاء تنهض بالمدارس الريفية في إدلب درعا والقنيطرة تحت المجهر.. قراءة في خرائط النفوذ وهندسة الأمن السوري قيمتها بالمليارات .. المجتمع الأهلي يزود مستشفى جاسم بتجهيزات طبية من قصر العدل بحلب.. انطلاق أولى جلسات المحاكمة العلنية لأحداث الساحل بين نيّة التنظيم ومعاناة المراجعين.. ازدحام في مديرية النقل بحلب زيارة الشرع إلى "البيت الأبيض".. مأزق جديد للسياسة الإسرائيلية تجاه سوريا جهود يبذلها قسم كهرباء جبلة رغم الصعوبات جولات معاصر "قطنا" لمراقبة جودة زيت الزيتون "تربية حلب" تبدأ طباعة وثائق الناجحين في امتحانات الشهادة الثانوية  جولة لوفد مشترك من وزارتي الدفاع السورية والروسية في الجنوب الأسواق لا تستجيب لتخفيض أسعار المحروقات.. الرقابة "غائبة" هل سبب انخفاض المادة بالأسواق الفروج "المجمد"..؟    استراتيجية 2026-2030.. الرئيس الشرع يضع ملامح الاستراتيجية المصرفية الجديدة الذكاء الاصطناعي سلاح "داعش" الجديد الاقتصاد بعهدة المصارف إلى أين تمضي سيرياتيل ؟