القيم الإنسانية و الأخلاقية بين فكي الليبرالية

الثورة أون لاين – حسين صقر :

بعد تأكيد الليبراليين على أولوية الحرية للإنسان دون الاكتراث بالجانب الأخلاقي والجمالي للحرية ، جاءت الليبرالية الجديدة لتزيح القيم والمفاهيم الإنسانية من نواة الوجود والتاريخ ، ونفت عن الفرد أي خصائل حميدة فاعلة ، وأي قدرة لديه على الوصول للمعرفة الصحيحة ، مسلمة إياه للسوق ولعلاقات المصالح والقوة التي يجب أن تحكمه من وجهة نظرها ، دون مراعاة لحقه في الاختيار والمشاركة بإدارة شؤون حياته ومجتمعه بشكل ديمقراطي حقيقي وفعال ، وبما يخدم مسيرته الحياتية .
وبالتالي فما يسمى بالليبرالية الجديدة ، لم تخف وجهها القبيح ، ولم تستطع ذلك ، وعلى العكس كانت أكثر سفوراً وهمجية ، ولاسيما بعد هجمات أيلول الذي جعلت منها أميركا وعرابو الفكر الليبرالي شماعة لتحقيق مآربهم ، حيث لم تقتصر إدارات الغرب على الغزو الفكري للشعوب ، ووضعه أمام خيارات محدودة ، بل لجأت للتدخل المباشر في شؤون بلاده الداخلية ، واستعمارها اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً ، وشنت بزعامة أميركا الحروب على مختلف الدول ، كما استخدمت الوكلاء والأدوات لتحقيق مآربها العدوانية وجشعها وأطماعها .
ولم يدر أحد من العالم بأن تفجير برجي التجارة العالميين في نيويورك ، سيكون من نتائجه غزو أفغانستان والعراق واحتلالهما ، بالإضافة للترويج لمصطلحات جديدة إزاء منطقتنا ، على رأسها مايسمى “الشرق الأوسط الكبير” و”الشرق الأوسط الجديد” ، فضلاً عن دعم الكيان الصهيوني في استراتيجيته التوسعية الاستيطانية الإجلائية ، بما فيها اعتبار القدس عاصمة أبدية ل ” إسرائيل” ، ودعمها اللامحدود لاستمرار احتلال أراضي الجولان ذات الهوية العربية السورية ، وذلك تحت عنوان “الأمر الواقع” ، بل وتأييدها في محاولة ضم غور الأردن وشمال البحر الميت ، في إطار ما يسمى بصفقة القرن ، متناسية أن وراء تلك الحقوق مطالبين ، ولن يكون ذلك أمراً واقعاً ، على العكس حيث تلك الحقوق ستعود لأصحابها ، شاء من شاء وأبى من ابى .
بالطبع تلك الحروب العدوانية سببت أوضاعاً اجتماعية واقتصادية سيئة دفعت بضعاف النفوس لتبرير الأفعال اللاأخلاقية ، وهو ما تماهى بشكل متسارع مع المشروع الليبرالي الحديث ، ودفع السواد الأعظم للانحراف والتبعية والانجرار الأعمى خلف أفكار ومعتقدات كانوا قد رفضوها في عهود وفترات سابقة .
ضمن هذه الظروف ارتفعت الموجة الليبرالية الجديدة ، ولاسيما بعد انهيار نظام القطبية الثنائية ، وتنصيب أميركا لنفسها شرطياً ومُصلحاً للعالم ، وهي لا تمت للإصلاح بأي صلة ، بل غايتها السيطرة على عقول وألباب الشعوب ولاسيما شريحة الشباب منهم ، عبر الدخول من بوابة الفكر التحرري والليبرالي ، طبعاً بعد أن دفعت إليهم بمجموعة من الوعود وعللتهم بالآمال الكاذبة ، لأن غايتها الاستحواذ عليهم ، من خلال وجودها كلاعب أساسي في علاقاتهم المتنوعة ، في الوقت الذي يحتدم فيه النقاش والجدل حول معاني الحرية والتفسيرات المرتبطة بها فيما بينهم ، وارتفاع أصوات مؤيدة بشكل خاطئ ، ومواجهة من قبل آخرين وهم على حق .
وبهذا باتت القيم الأخلاقية والإنسانية عرضة لنار أصحاب الفكر الليبرالي الحديث ، وقيمهم بين فكي كماشتها ، لكن الليل لن يأتي على قياس يد الحرامي ، وسرعان ماينكشف ذاك الفكر الهدام ، وتنجلي الحقيقة

آخر الأخبار
مخبز بلدة السهوة.. أعطاله متكررة والخبز السياحي يرهق الأهالي عودة الحركة السياحية إلى بصرى الشام خبير اقتصادي لـ"الثورة": "الذهنية العائلية" و"عدم التكافؤ" تواجه الشركات المساهمة اشتباكات حدودية وتهديدات متبادلة بين الهند وباكستان الرئيس الشرع يلتقي وزير الزراعة الشيباني أمام مجلس الأمن: رفع العقوبات يسهم بتحويل سوريا إلى شريك قوي في السلام والازدهار والاقتصاد ... "الصحة العالمية" تدعم القطاع الصحي في طرطوس طرطوس.. نشاط فني توعوي لمركز الميناء الصحي  صناعتنا المهاجرة خسارة كبيرة.. هل تعود الأدمغة والخبرات؟ ترجيحات بزيادة الإمدادات.. وأسعار النفط العالمية تتجه لتسجيل خسارة تركيا: الاتفاق على إنشاء مركز عمليات مشترك مع سوريا "موزاييك الصحي المجتمعي" يقدم خدماته في جبلة تأهيل طريق جاسم - دير العدس "بسمة وطن" يدعم أطفال جلين المصابين بالسرطان اللاذقية: اجتماع لمواجهة قطع الأشجار الحراجية بجبل التركمان درعا.. ضبط 10 مخابز مخالفة تربية طرطوس تبحث التعليمات الخاصة بامتحانات دورة ٢٠٢٥ مُنتَج طبي اقتصادي يبحث عن اعتراف سوريا أمام استثمارات واعدة.. هل تتاح الفرص الحقيقية للمستثمرين؟ دعم أوروبي لخطة ترامب للسلام بين روسيا وأوكرانيا