الثورة أون لاين – يمن سليمان عباس :
هل فكرت يوماً ما أن تطرح السؤال التالي : ما الفرق بين المدير والقائد في العمل .. وهل كل مدير هو قائد يمكنه أن يخرج الطاقات الكامنة التي يجب العمل على استثمارها ..
وإبعد من ذلك لماذا ينجح فلان بإمكانات بسيطة ويحقق الغايات القصوى بينما يخفق آخر والإمكانات كلها متاحة له ..
أسئلة كثيرة قد تجول في الخاطر ولا نطرحها البعض يرى أن نجاح هذا وإخفاق الآخر هي مسألة حظ .. فهل الأمر كذلك .
اليوم ثمة علم يبحث في أسباب النجاح الكثيرة ويطرح السؤال : لماذا نجح فلان وأخفق فلان .. يبدأ السؤال ب : لماذا ؟. هذا السؤال الكبير الذي يخفي وراءه إصراراً كبيراً هو عنوان كتاب : ابدأ ب .. لماذا .. كيف يحفز القادة العظماء الجميع على العمل .. تأليف سايمون سينك .. ترجمه إلى اللغة العربية علاء العطار ..
وصدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب بدمشق .. وهو من الكتب المهمة التي تتيح للقارئ والمتابع أن يبحر في عوالم الذين حققوا نجاحات مبهرة عبر التاريخ ..
أخفق المال ونجح القائد ..
يقدم المؤلف منذ بدايات الكتاب ما يغريك أن تبحر معه في القراءة ، ويورد الحادثة التالية ، يقول : عزم لانغلي في أوائل القرن العشرين أن يكون أول إنسان يقود طائرة ، وكان يحظى بتقدير كبير فهو مسؤول كبير في أحد المعاهد .. ومن بين أصدقائه متنفذون ويعمل هو في جامعة هارفارد ، صديقه أيضا غراهام بيل ..حصل لانغلي حينها على منحة ٥٠٠٠٠ خمسين ألف دولار من وزارة المالية كتمويل لمشروعه .. وهو مبلغ كبير من المال .. أخذ لانغلي يجمع أفضل العقول في ذلك الوقت وأمَّن كل شيء .. لاحقته الصحافة وتابعته وانشغل الناس به وتم تأمين جميع الاحتياجات التي تحقق النجاح …
على المقلب الآخر وعلى بضعة أميال كان الأخوان رايت ومن معهم يعملون على صناعة مركبة طائرة وكان شغفهما بالطيران شديداً فأشعلا نار الحماس والالتزام في صدور مجموعة مجتهدة في مسقط رأسيهما .. في دايتون بولاية أوهايو لم يمول مشروعهما أحد ولم تهبهم الحكومة اي منحة ..
ولم يكونا من حملة الشهادات العليا .. كانا يعملان في متجر متواضع للدراجات ونجحا في تحقيق رؤيتهم .. وفي ١٧ كانون الأول عام ١٩٠٣م شاهدت مجموعة صغيرة من الناس رجلاً يحلق لأول مرة في التاريخ ..
كيف نجح الأخوان رايت وأخفق لانغلي وفريقه المزود بكل شيء ..
يقول المؤلف لم يكن الأمر ضرباً من الحظ .. إنما كان الأخوان رايت هما الوحيدان اللذان كانا قادرين على إلهام من حولهم وقيادة فريقهما نحو تطوير تقنية ستغير العالم فيما بعد .. وقد فهما وحدهما من بدأ ب..لماذا .
ويورد مثالاً آخر عن نجاح شركة آبل في تطوير منتجاتها .. يقول : ما جعلها أي آبل مميزة هو تمكنها من تكرار ذلك النمط مراراً وتكراراً فعلى عكس منافسيها نجحت آبل في تحدي التفكير التقليدي في صناعة الحاسب وصناعة الالكترونيات الصغيرة وصناعة الموسيقا والهواتف المحمولة وصناعة الترفيه الواسعة .. السبب بسيط كما يقول المؤلف.. آبل بدأت ب لماذا ..
ابحث عن القادة ..
إن المؤسسات والقادة ممن يتمتعون بقدرة فطرية على إلهامنا يكونون بكل الصور والدرجات ، ومن الممكن أن يكونوا في القطاعين العام والخاص ، وتجدهم في كل أنواع الصناعات يبيعون سلعاً لعملاء أو لشركات أخرى ..
إنهم يمتلكون موظفين هم الأكثر إخلاصاً .. إنهم الأكثر ربحاً وإبداعاً وهم قادرون على المحافظة على هذه الأمور لمدى طويل وكثر منهم يحدث تغييراً ملحوظاً في صناعاتهم .. بل إن بعضهم يغير العالم ..
وماذا لو تمكنا جميعاً من تعلم الطريقة التي يفكر ويتصرف بها أولئك الملهمون ..؟ . نحلم بعالم لا تكون محصورة فيه القدرة على الإلهام بيد ٢٠ بالمئة بل تكون بيد ٨٠ بالمئة .. لو كان ذلك لكنا قادرين على العيش في عالم من الترف