الثورة – لينا شلهوب:
تقدّم اليوم طلاب الصف الثالث في الثانوية المهنية الصناعية- قسم الميكانيك لامتحان مادة شبكات التدفئة المركزية، وهذا الامتحان لم يكن امتحاناً عادياً، بل هو اختبار لمهاراتهم في واحدة من أكثر تقنيات البنى التحتية أهمية.
وعلى مقاعد قاعات الامتحان، وخلف تلك الأوراق المطبوعة، أسئلة لا تكتفي بقياس الحفظ، بل تمتحن فهم الطالب، ودقّة تصميمه، واستعداده للعمل الميداني.
من قلب القاعات
بعد خروجهم من القاعات، عبّر عدد من الطلاب في دمشق منهم عدي. أ، قال: الأسئلة شاملة، وخصوصاً المسألة التي كانت بحاجة لحسابات دقيقة، لكن التحضير الجيد في الورشة ساعدني.
ويضيف زميله رامي العبد الله: إن أصعب جزء بالنسبة لي كان تحديد نوع نظام التدفئة الأنسب لمنطقة باردة، السؤال يتطلب معرفة تقنية وإلماماً بالجانب الاقتصادي.
أما الطالبة ربى منصور، والتي تعتبر من المتفوقات في القسم، فقالت: السؤال العملي عن تخطيط شبكة تدفئة لمنشأة عامة كان ممتعاً، أشعر أن هذه المادة قريبة جداً من سوق العمل الحقيقي.
من الفيزياء إلى الواقع التطبيقي بدوره لفت مدرّس المادة زياد، أن مقرر شبكات التدفئة المركزية يشمل موضوعات متكاملة تمزج بين الفيزياء والهندسة العملية، منها، مبادئ انتقال الحرارة (التوصيل، الحمل، الإشعاع)، وأنواع أنظمة التدفئة: التدفئة بالبخار، الماء الساخن، أنظمة التدفئة الأرضية، بالإضافة إلى مكونات الشبكة من الغلايات، المبادلات الحرارية، المضخات، الأنابيب، والمشعات وأسس التصميم الفني من حسابات الحمل الحراري، توزيع المشعات، اختيارأقطار الأنابيب، وكذلك إجراءات الأمان، من صمامات الأمان، أنظمة التحكّم، وفحوصات الضغط.
ويتم ربط كلّ ذلك بتدريبات عملية داخل الورش التابعة للمدرسة، حيث يقوم الطلاب برسم المخططات وتنفيذ أجزاء حقيقية من أنظمة التدفئة بإشراف مباشر من المدرّسين.
امتحان نهاية العام لمادة شبكات التدفئة المركزية تضمّن أسئلة نظرية تقيس مدى الفهم وليس الحفظ، تمارين تصميم عملي لمخطط شبكة تدفئة، مسائل تطبيقية تتطلب حساب كفاءة النظام واستهلاك الطاقة، وتحليل أعطال افتراضية واقتراح الحلول الهندسية المناسبة.
خطوات في الاتجاه الصحيح
في لقاء لـ”الثورة” مع المدرّس المهندس حسام. ح أشار إلى أن الامتحان مصمّم ليقيس المهارة والفهم، لا الحفظ، نحن نهيىء طلابنا ليدخلوا مجال العمل مباشرة، أو يتابعوا دراستهم في المعاهد والجامعات الهندسية.
وأكد المدرّس المهندس طارق. د: أن هذا الجيل بات يدرك أهمية هذه المهنة، خاصة مع ارتفاع الطلب على فنيي التدفئة في المشاريع السكنية الجديدة.
في ظلّ التوسّع العمراني والحاجة إلى حلول تدفئة اقتصادية وصديقة للبيئة، يبدو أن تخصص شبكات التدفئة المركزية سيبقى من أهم ركائز التعليم المهني في سوريا، وها هم طلاب الثانوية المهنية الصناعية في دمشق يثبتون أنهم ليسوا فقط طلاباً بل مهندسو الغد، الذين سيجعلون من العلم طاقةً دافئة في كلّ بيت.