قصة هلال عون:
في إحدى الغابات كانت الغزالة ريم تأكل من أعشاب الأرض هي وأولادها الثلاثة الصغار حين هجم عليهم نمر مفترس.
كانت المسافة بين النمر وبين الغزالة وصغارها كافية لتهرب الغزالة الأم (ريم) من النمر وتنجو بنفسها، لكنّها لم تهرب، بل تقدّمت باتجاه النمر، ثم وقفت تنظر في عينيه نظرة تحدٍّ وثبات، لدرجة جعلتْ النمر الذي لم تعد المسافة بينه وبينها أكثر من عشرة أمتار يقف مستغرباً من نظرة التحدي التي لم يرها طيلة حياته من حيوان مسالم وضعيف قياساً به كالغزال.
وقف النمروالشرر يتطاير من عينيه بسبب إحساسه بأن هذه الغزالة تتحداه ولا تخشاه، وأنها بهذا التحدّي قد قللت من هيبته، لدرجة أنه بدأ يلتفت بكلّ الاتجاهات، ليرى ما إذا كان أحد الحيوانات قد انتبه إلى عدم خشية الغزالة ريم منه، فلم ير شيئاً، حتى صغارها الثلاثة قد هربوا وابتعدوا حتى أصبحوا بالنسبة للناظر أثراً بعد عين.
أعاد النمر النظر إلى الغزالة ريم فرآها ثابتة في مكانها، والقلق قد فارقها بشكل كبير جداً، فازداد غضبه منها، وازداد فضوله أيضاً لمعرفة سّر شجاعة هذه الغزالة، وقفز قفزةً واحدة جعلته في مواجهتها تماماً، لا يفصل بينهما أكثر من متر.
سألها النمر بغضب وباستغراب شديد: أريد أن أعرف سبب عدم هروبك أمامي، وسبب عدم خشيتك مني؟..
هل تظنين أنك قادرة على مواجهتي، وعلى ربح المعركة معي؟!.
نظرتْ الغزالة إلى الخلف، فلم تر أثراً لصغارها الثلاثة، فقالت له: كانت المسافة بيني وبينك كافية لهروبي ونجاتي بنفسي، وأنت تعلم أنني أسرع منك في الجري، لكنني لو هربتُ فإن وجبتك ستكون أحد صغاري الذين لم يتعلموا الجري السريع بعد، لذلك وقفتُ في مواجهتك وطلبت من أولادي الهروب، وفضّلت أن أكون وجبتك بدلاً عن أحدهم، وبإمكانك الآن تناول وجبتك بعد أن اطمأننتُ على ابتعاد صغاري، وعلى أن حياتهم لم تعد في خطر..