الثورة – رنا بدري سلوم:
هنالك العديد من الكاتبات اللواتي لم ينضممن إلى اتحاد الكتاب العرب لأسباب قد تكون معروفة للجميع، مثل المحسوبيات والعلاقات والمصالح، ورغم أن الحركة النسائيّة كانت نشطة في مراجعة أعمال الكاتبات ورفضها، وإعادة الاشتراك، وصياغة النصوص، وطباعة عشرة كتب على الأكثر لكي يتم قبول العضوية، كانت المحاولات غالباً ما تبوء بالفشل.
وقد أبدى اتحاد الكتاب العرب دهشته من ضعف حضور الكاتبات في الاتحاد خلال فترة النظام البائد، إذ كشفت الإحصاءات أن عددهن بلغ أقل من180 كاتبة من إجمالي أعضاء الاتحاد في سوريا، ما يعادل حوالي ٨٪ فقط.
وفي وقت أصبحت فيه عضوية الاتحاد بمثابة وسام استحقاق لا يناله إلا ذوو الحظ العظيم، أكدت معظم الكاتبات اللاتي التقينا بهن في استطلاع الرأي حول هذه النسبة المتدنية أن المرأة كان لها دائماً دور فاعل منذ تأسيس سوريا، وقد أثبتت عبر نضالها الطويل مكانتها الفكرية والاجتماعية.
من هنا، كان لا بد لها من أن تحجز لنفسها مكانة بارزة تطل على مجتمعها وتستطيع محاكاته.
الاتحاد يوضح رؤيته حول تمثيل المرأة
وضح الدكتور أحمد جاسم الحسين، رئيس اتحاد الكتاب العرب في حديثه لصحيفة الثورة أن التمثيل العادل للمرأة ليس مجرد مطلب شكلي، بل هو جزء من العدالة الثقافية التي تتناسب مع سوريا الجديدة ورؤية مستقبلية لمجتمع يتساوى فيه الجميع في الفرص، بعيداً عن الصور النمطية أو التهميش أو التجاهل أو التشكيك.
وأشار الحسين إلى أن الحديث عن وضع المرأة في المجتمع السوري في ظل النظام المخلوع يكشف عن تناقضات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بحرية المرأة وحقوقها، فقد كان النظام يروّج لنفسه كسلطة علمانية تدّعي منح المرأة كامل حقوقها، لكن الواقع كان مختلفاً تماماً.
لو كان هناك بالفعل خطة حقيقية لدعم المرأة ومنحها صوتاً والاهتمام بكتاباتها وأفكارها، لكان انعكس ذلك في زيادة حضورها في اتحاد الكتاب العرب، لكن الواقع كان يثبت عكس ذلك، إن عدد النساء العضوات في الاتحاد كان قليلاً جداً، ولا يتناسب مع الدور البارز للمرأة السورية في الحياة الاجتماعية والسياسية.
فقد كانت المرأة السورية دائماً شريكاً في بناء الدولة والمجتمع، وفاعلة في جميع المجالات، ولم تكن يوماً في الصفوف الخلفية. كانت دائماً إلى جانب الرجل سواء كأم، أو زوجة، أو أخت، أو ابنة، تسهم في بناء الدولة السورية منذ بداية تاريخها، سواء في مرحلة الدولة الحديثة أو في المراحل التاريخية القديمة.
النظام المخلوع وتلميع صورتهما كان يظهر في النظام البائد، كما يقول الدكتور أحمد الحسين، كان مجرد تلميع لصورته من خلال السماح لبعض النساء بالتواجد كأسماء في الساحة الثقافية، لكن دون أن يكون لذلك أثر حقيقي على الواقع.
وعن خطة اتحاد الكتاب العرب لدعم المرأة السورية، سيشهد الاتحاد خطة جديدة تهدف إلى دعم المرأة السورية في المجال الأدبي بشكل جاد ومؤثر.
تتضمن هذه الخطة إقامة دورات تدريبية خاصة للنساء في الكتابة، وتقديم الدعم لنشرأعمالهن، وتسليط الضوء على قضاياهن، بالإضافة إلى ذلك، سنركز وفقاً للدكتور الحسين على دعم الكاتبات الشابات، وتوفير الفرص لهن لتعلم أساليب الكتابة والنشر، وكذلك مساعدتهن في تحديد القضايا التي تمكنهن الكتابة عنها.
خاصة أن العديد من النساء السوريات قد لعبن دوراً هاماً في الثورة السورية، سواء كمقاتلات، أو منقذات، أو مسعفات، أو ضحايا للظلم والاضطهاد.
المرأة.. من ضحيّة إلى شريكة فاعلة
مبيناً أن الحديث عن دور المرأة في الأدب السوري لا يقتصر فقط على كونها ضحية، بل يتعدى ذلك ليشمل دورها كشريكة فاعلة في عملية بناء الدولة والمجتمع، فنحن في اتحاد الكتاب العرب نؤمن أن المرأة السورية لا تحتاج إلى أن تُصور كضحية، بل يجب أن يُحتفى بقوتها وقدرتها على الصمود والمساهمة الفاعلة في بناء سوريا الجديدة.
تمثيل المرأة إلى 25٪
“نعمل على رفع تمثيل المرأة إلى 25٪ خلال خمس سنوات، وتشجيع الكاتبات السوريات غير المنتسبات على الانضمام إلى الاتحاد، ودعم المبادرات التي تعزز حضور المرأة الكاتبة” بتلك الخطوات أكد الحسين خطة الاتحاد ليس داخلياً وحسب بل خارجي، وذلك بتنظيم ورش عمل وندوات متخصصة في قضايا الكاتبات وسبل تمكينهنّ، بالإضافة إلى ورشات خاصة بالكتابة النسائية.
دعوة للتعاون مع المنظمات
في ختام حديثه، دعا رئيس اتحاد الكتاب العرب، الدكتور أحمد الحسين، جميع المنظمات المعنية بقضايا المرأة للتعاون مع الاتحاد في إقامة ورشات تدريبية وفتح فرص أكبر للنساء في المجال الأدبي.
مؤكداً أن دعم المرأة لا يعني معاداة الرجل، بل هو تكملة لدوره، إذ نهدف في النهاية إلى تعزيز حقوق الإنسان بغض النظر عن الجنس.