الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
من المقرر إجراء مفاوضات بشأن اتفاقية تجارة حرة شاملة بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي (EAEU) في النصف الثاني من عام 2021، ويشير نجاح الاتفاقية المؤقتة الحالية مع إيران إلى أن بدء اتفاقية تجارة حرة مناسبة ستكون خطوة ناجحة، ومع ذلك يجب إزالة عدد من العقبات التي لا علاقة لها بالرسوم الجمركية والتعريفات التجارية.
لم يكن توقيع اتفاقية تجارة حرة واسعة النطاق مع إيران مفاجئاً، نظراً للاتفاقيات السابقة بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي وطهران، ففي 17 أيار 2018 وقعت إيران على اتفاقية مؤقتة مدتها ثلاث سنوات بشأن إنشاء منطقة تجارة حرة (FTA) دخلت حيز التنفيذ في 27 تشرين الأول 2019، كما اتفق الطرفان على بدء محادثات حول جعل الاتفاقية المؤقتة دائمة (مع بعض التغييرات) في موعد لايتجاوز 18 شهراً بعد أن تصبح سارية المفعول ، وكذلك إنهاء مثل هذه المحادثات في غضون ثلاث سنوات من نفس التاريخ.
تم اتخاذ قرار بدء المفاوضات مع إيران في 11 كانون الأول 2020، وجرت المشاورات الأولى في 17شباط 2021، أي بعد أقل من 16 شهراً من دخول اتفاقية التجارة الحرة حيز التنفيذ.
بافتراض أن كل شيء يسير كما هو مخطط له ، يجب تسوية مسألة الاتفاق الشامل قبل 27 تشرين الأول 2021، ولهذه الغاية سيتم البدء بمفاوضات أكثر شمولاً في النصف الثاني من هذا العام، وعلى أي حال، لا يزال أمام الجانبين أكثر من عام لحل أي قضايا طارئة، كما أشار وزير الطاقة الإيراني رضا أردكانيان في أوائل آذار عندما قال: “أمامنا حوالي عام ونصف لنضع الأشياء في مكانها “.
إن فكرة التقارب ذاتها بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي تتناسب بشكل مريح مع استراتيجية طهران المتمحورة حول آسيا وأسواقها، بدأت هذه الخطوة بالتبلور في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وكانت مدفوعة بشكل أساسي بالاتجاهات الاقتصادية، أي حاجة الاقتصادات الآسيوية سريعة النمو المتزايدة للطاقة، كالصين والهند، ثم تبع ذلك العقوبات على إيران، وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في أيار 2018، كل هذا جعل النخب الإيرانية تشعر بخيبة أمل من فكرة تعزيز العلاقات الاقتصادية مع أوروبا، حيث تبين أن شركات الاتحاد الأوروبي أكثر حساسية تجاه القيود التي تفرضها واشنطن.
يبدو واضحاً أن التعاون مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي يتيح لإيران الفرصة لتخفيف آثار العقوبات الأمريكية، والجدير ذكره أن العديد من دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي تخضع لعقوبات غربية، وفي هذا الصدد، قال رومان جولوفشينكو، رئيس وزراء بيلاروس، بأن الاتحاد الاقتصادي الأوراسي يتطلع إلى تطوير آلية لمواجهة العقوبات لإعطاء سبب للتفاؤل.
تحاول طهران كسر عزلتها السياسية، وبالتالي فإن التقارب مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي يمكن أن يساعد في رفع مكانتها على المسرح الدولي، بشكل عام يجب النظر إلى إنشاء اتفاقية التجارة الحرة المؤقتة مع تحولها اللاحق إلى اتفاقية شاملة في السياق الأوسع لسعي إيران إلى تعزيز علاقاتها الإقليمية ودعم التعاون الأوروبي/ الآسيوي.
تم تسجيل تغييرات محددة في ديناميات العلاقات التجارية بعد إبرام اتفاقية التجارة الحرة المؤقتة، في روسيا مثلاُ، زادت الصادرات والواردات (بنسبة 19٪ و 100٪ على التوالي)، في غضون ذلك ظلت تجارة إيران مع بيلاروسيا وقيرغيزستان ضئيلة للغاية، أما بالنسبة لأرمينيا فقد حدثت تغييرات طفيفة، حيث زادت الصادرات بنسبة 1٪، وانخفضت الواردات بنسبة 3٪، كما انخفضت الصادرات من كازاخستان بنسبة 54٪، بينما زادت الواردات بنسبة 32٪.
بعبارة أخرى، مثلت اتفاقية التجارة الحرة حافزاً لروسيا لتعزيز التجارة مع إيران، وزادت من واردات كازاخستان.
قد يكون توسيع اتفاقية التجارة الحرة لتشمل خطوط إنتاج إضافية بمثابة أساس للارتقاء بالعلاقات الاقتصادية بين الطرفين إلى مستوى جديد، ومع ذلك لا تزال هناك حواجز لا علاقة لها بالرسوم الجمركية والتعريفات التجارية تمثل مشكلة كبيرة لتنمية التجارة بين الطرفين، من ناحية أخرى، هناك قيود موضوعية يصعب القضاء عليها في المستقبل المنظور، كاعتماد اقتصادات إيران وروسيا وكازاخستان على النفط بصورة كبيرة، فيما تلعب العقوبات الأمريكية دوراً كبيراً في الحد من فرص التنمية، ولا يمكن للوحدة الاقتصادية بين أوروبا وإيران تحييد سوى جزء من آثارها السلبية.
وفي الوقت نفسه، فإن الأطراف في وضع يمكّنها من العمل على إزالة عقبات أخرى لا تقل أهمية، على سبيل المثال، تطوير البنية التحتية للنقل واللوجستيات وأتمتة الإجراءات الجمركية ورقمنتها من أجل تجنب التأخير والروتين على الحدود.
بعبارة أخرى، فإن الاتفاق الشامل بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي له آفاق تنمية كبيرة، ومع ذلك، فإن الآفاق الحقيقية لهذا الاتفاق تعتمد في المقام الأول على قدرة كل من الحكومات والشركات على العمل على إزالة تلك الحواجز غير المرتبطة بالرسوم الجمركية والتعريفات التجارية.
المصدر: موقع رياك (RIAC)