الثورة أون لاين- ترجمة ختام أحمد:
كان من المقرر أن تتحدث أنجيلا ديفيس- وهي ناشطة في حقوق الإنسان ومؤلفة أمريكية مشهورة- في مؤتمر أقامته جامعة بتلر بعنوان “النضال المشترك والتحرير الجماعي” في 1 نيسان 2021، لكن سلطات الجامعة قررت في 29 آذار 2021 إلغاء المؤتمر، حيث قال مارك آبل المدير المؤقت للاتصالات الاستراتيجية في جامعة بتلر، أنه تم تأجيل المؤتمر فقط بسبب مخالفات إجرائية، بالرغم من أن رئيسة جامعة بتلر رؤى دعاس قالت: “اتصلوا بي ونسقنا للمؤتمر من أكثر من شهرين وحضَّرنا له جيداً، فما الذي حصل قبل ثلاثة أيام؟ لايبدو أنه حادث عرضي؟.
وفي بيان مشترك صادر عن الحرم الجامعي ومنظمات المجتمع الدولي وبضغط وقح من الطلاب الصهاينة دعوا لمعارضة المؤتمر ومقاطعته وعملوا على إيقافه بشتى الوسائل لأنه سيتحدث عن الممارسات غير الشرعية والعنيفة للاحتلال العسكري الإسرائيلي لفلسطين.
ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استهداف ديفيس لدعمها الصريح للقضية الفلسطينية، ففي عام 2019 ضغط المدافعون عن “إسرائيل” على معهد برمنغهام للحقوق المدنية لإلغاء جائزة حقوق الإنسان التي مُنحت لها في البداية، وبعد الاحتجاج العام عكس المعهد قراره ومنح ديفيس جائزة فريد شاتلزوورث لحقوق الإنسان في عام 2020.
يشير اضطهاد ديفيس” وغيرها من الذين يهاجمون الصهيونية وأعمالها الإجرامية والاستعمارية من قتل وتدمير وتهجير للفلسطينيين ” إلى المنطق السياسي الرجعي العميق للصهيونية بعدم التسامح مع المقاومة، أو أي أحد يوجه لها نقداً، هذه الميزة هي التربة التي تنمو عليها الأيديولوجية الصهيونية، لايجب أن ننسى أن الصهيونية هي أيديولوجية استعمارية استيطانية، وبالفعل فإن وجودها بالكامل يقوم على الجهد الدائم لمحو الفلسطينيين.
في الواقع يقول باتريك وولف إن الصهيوني أكثر قسوة من الاستعمار الاستيطاني الذي يمارس تقليدياً: “شكلت السياسة الصهيونية في فلسطين تكثيفاً للاستعمار الاستيطاني بدلاً من الخروج عنه، وفي تناقض صارخ مع النموذجين الأسترالي أو الأمريكي، على سبيل المثال، رفضت الصهيونية بشدة، أي اقتراح باستيعاب السكان الأصليين.. بل تعمل الصهيونية على تصفية الفلسطينيين وتعمل على إسكات كل من يقف مع مقاومة الاستعمار الإسرائيلي، وفي السنوات الأخيرة تسارعت الحرب الأيديولوجية ضد الأصوات المؤيدة للفلسطينيين”.
إن استخدام القمع ضد هذه الأصوات ليس فقط من قبل “إسرائيل”، كما تقوم به حكومات دول أخرى، في أيلول 2020 التزمت وزارة الخارجية الأمريكية بـ”استهداف” و”محاربة” و”قتل” “حركة المقاطعة BDS” التي صُممت من قبل الفلسطينيين في عام 2005، ويسعى للضغط على “إسرائيل” لإنهاء الاحتلال الوحشي وغير القانوني للأراضي الفلسطينية، والاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين النازحين، ومنح حقوق متساوية للمواطنين الفلسطينيين في “إسرائيل” وهي دعوة للمستهلكين لمقاطعة البضائع الإسرائيلية والمنتجين إلى سحب استثماراتهم من “إسرائيل”، وفرض عقوبات على حكومتها رداً على العنف الذي يمارسه المستعمرون على السكان الفلسطينيين.
لقد أثبتت الحملة فعاليتها ولهذا السبب يحاول الصهاينة في جميع أنحاء العالم بشكل محموم إفشالها عبر اتهامها ب”معاداة السامية” وأنها حركة “عنصرية”، وقد قامت “إسرائيل” بكل أنواع التكتيكات لتشويه سمعة الحركة، ورداً على هذه المزاعم، يكتب رمزي بارود: “لا توجد علاقة حب معادية للسامية.. هنا مجرد شعب محاصر ومضطهد يقاتل من أجل حقوق الإنسان الأساسية.. وتهدف حركة المقاطعة إلى محاسبة الظالم، لأنها تفرض ثمناً على الاحتلال العسكري والفصل العنصري”.
إن حركة المقاطعة الفلسطينية ليست عنصرية، بل هي صرخة ضد القمع والعنصرية وضد استيلاء “إسرائيل” غير القانوني والمستمر على الأراضي الفلسطينية، وإضفاء الطابع العنصري على كل جانب من جوانب الحياة اليومية الدقيقة، والهدم واسع النطاق والجزئي للمنازل الفلسطينية، وتدمير سبل العيش، والجهود المبذولة لتدمير النسيج الاجتماعي والأسري ، كلها أساليب محسوبة ومنسقة تهدف إلى هلاك الفلسطينيين.
في 2010 ، كتب ريتشارد فولك تقريره الخاص والمعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967″ قال فيه: “يشكل الاستعمار رفضاً للحقوق الأساسية المتمثلة في السلامة الإقليمية وتقرير المصير، وقد وصل الفصل العنصري إلى أن تُعامل رسمياً كجريمة ضد الإنسانية.. لقد كان ترسيخ السمات الاستعمارية والفصل العنصري للاحتلال الإسرائيلي عملية تراكمية “.
أخيراً بما أن الصهيونية إجرامية، يجب معارضتها بشدة، و يجب خوض الحروب الأيديولوجية لمنع هيمنتها.
بقلم: يانيس إقبال
المصدر: Antiwar