الثورة_ منذر عيد:
جاء حديث السيد الرئيس أحمد الشرع في لقائه مع قناة الإخبارية ليل أمس، ليضع ملامح رؤية استراتيجية جديدة لمرحلة ما بعد الحرب، حيث برز الملف الاقتصادي بوصفه الركيزة الأساسية في مسار التعافي الوطني، والرافعة التي يمكن من خلالها إعادة ترميم المجتمع والدولة معاً.
ابرز ما حمله حديث الرئيس الشرع في الجانب الاقتصادي هو التأكيد الواضح بأن “سوريا لا تريد أن تعيش على المساعدات أو القروض المسيسة”، هذه العبارة تحمل دلالات عميقة، فهي تعكس رغبة الدولة في كسر النموذج الاقتصادي القائم على التبعية والارتهان لشروط سياسية قد تفرضها بعض الدول أو المؤسسات الدولية، بهذا المعنى، فإن الرؤية المطروحة تقوم على الاستقلال الاقتصادي وتعزيز القدرة على الاعتماد على الذات، وهو خيار استراتيجي يرسخ السيادة الوطنية ويفتح الباب أمام بناء اقتصاد أكثر توازناً وصلابة.
لقد وضع السيد الرئيس الاستثمار كخيار بديل عن المساعدات الخارجية، وهو خيار يفتح أمام البلاد فرصاً أوسع لتدفق رأس المال الأجنبي، وتأمين موارد مستدامة من القطع الأجنبي، بعيداً عن الشروط السياسية، وفتح سوريا أمام الاستثمارات لا يعني فقط توفير التمويل اللازم لإعادة الإعمار، بل أيضاً إدخال الخبرات والتكنولوجيا الحديثة، وتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي.
انطلاقاً من هذه الرؤية، فإن المستفيد المباشر من هذه التحولات هو المواطن السوري الذي ينتظر فرصاً اقتصادية واقعية تعزز دخله وتحسن مستوى معيشته، فخلق بيئة استثمارية جاذبة سيساهم في توفير فرص عمل جديدة، وتحريك عجلة الإنتاج، مما ينعكس بشكل مباشر على الاستقرار الاجتماعي والقدرة الشرائية.
تؤكد كلمة الرئيس الشرع أن الاقتصاد السوري يتجه نحو التعافي التدريجي من خلال الجمع بين إعادة الإعمار، ( ترميم البنية التحتية المدمرة وتطوير الخدمات الأساسية)، والإنتاج المحلي، (إعادة تفعيل عجلة الصناعة والزراعة بما يعزز الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي)، وكذلك الانفتاح الخارجي من خلال جذب الاستثمارات والشراكات الاقتصادية بما يوسع دائرة التعاون ويؤمن موارد جديدة.
إن حديث السيد الرئيس لا يمثل مجرد موقف سياسي، بل هو إعلان عن رؤية اقتصادية استراتيجية تتجاوز منطق الإغاثة الطارئة، إلى مشروع وطني قائم على التنمية المستدامة والسيادة الاقتصادية، وبهذا المعنى، يمكن القول: إن سوريا تدخل مرحلة جديدة عنوانها الاعتماد على الاستثمار والإنتاج، لا على المساعدات المشروطة، وهو ما سيشكل حجر الزاوية في استعادة قوتها الاقتصادية ومكانتها الإقليمية والدولية.
