دمشق – علي إسماعيل:
تحرك مكثف يقوده يائير لابيد وغادي أيزنكوت في الساحة السياسية الإسرائيلية على رأس تحالف معارض يطلق عليه اسم “كتلة التغيير” بمشاركة شخصيات سياسية بارزة مثل نفتالي بينيت وأفيغدور ليبرمان وبيني غانتس، وذلك بهدف إعادة توحيد صفوف المعارضة ضد حكومة نتنياهو التي تواجه اضطرابات سياسية عميقة وتزايد الانقسامات وتصاعد التوترات بما يهدد الاستقرار السياسي في إسرائيل.
“كتلة التغيير” هي تحالف سياسي يجمع أحزاباً من مختلف التيارات السياسية، اليمين والوسط واليسار، بالإضافة إلى ممثلين عن الأحزاب العربية، بهدف واضح وصريح هو إزاحة نتنياهو من السلطة، وهذا التحالف ليس وليد اللحظة إنما كان له دور محوري في تشكيل حكومة الاحتلال الإسرائيلية عام 2021 التي ترأسها نفتالي بينيت ويائير لابيد، والتي تميزت بتنوعها الواسع حيث ضمت طيفاً من الأيديولوجيات السياسية، إلا أن الصراع على السلطة سرّع من انهيارها.
كتلة التغيير التي يقودها لابيد وأيزنكوت، تهدف إلى زيادة التنسيق بين قادة الأحزاب داخل الكتلة وإنتاج مبادئ أساسية للحكومة المقبلة في محاولة لتشكيل تحالف سياسي متين يستطيع الوقوف في وجه نتنياهو وحكومته.
الحراك السياسي هذا يشكل تهديداً صريحاً لحكومة الاحتلال الإسرائيلية الحالية ولنتنياهو شخصياً كونه تحرك داخلي في ظروف استثنائية داخلية تبدأ بمحاكمة نتنياهو ولا تنتهي بالانقسام الاجتماعي الحاد الناتج عن تأثيرات الأسرى الإسرائيليين لدى “حماس” والتعاطي الرسمي معها.
الفكرة وخطورتها تتلخص في توحد تيارات معارضة لنتنياهو، وإعادة تنظيم صفوفها لتصبح أقوى وأكثر تأثيرا بما لا يتنافى مع الشعارات المرفوعة والتي تنادي “بالديمقراطية” عبر أدوات فعالة أولها العمل السياسي من داخل الكنيست لكسب الشرعية وتقليص نفوذ نتنياهو و إفشال سياساته.
الكثير من المحللين طرحوا تساؤلاً جوهرياً حول إمكانية وقدرة هذه التحالفات على تحقيق أهدافها في لجم نفوذ نتنياهو! فالمشهد الداخلي الإسرائيلي دخل في دوامة من التعقيدات والصراعات خاصة أن نتنياهو لا يزال يتمتع بدعم قوي في حزبه وفي دوائر القرار الأمني والسياسي التي اعتبرته أنه حقق نجاحات استراتيجية على عدة جبهات.
القضايا الخلافية المطروحة بين هذه التيارات السياسية هي عناوين كبيرة تحدد مسارات الكيان وهويته، فهي ليست صراعات على المناصب والسلطات إنما هي جوهرية ترتبط بالديمقراطية، سيادة القانون، العلاقات مع الفلسطينيين، والعلاقات مع العالم الخارجي، مما ينذر بتصاعد خطير داخل إسرائيل يرتقي إلى أكبر من الصراعات ودون معركة الوجود، حيث ظهرت ملامحه باحتمال الشلل الحكومي والانقسام المجتمعي خاصة مع موجة احتجاجات شعبية متصاعدة تعزز البيئة السلبية السياسة الداخلية.
كذلك الأمر بالنسبة للسياق الإقليمي والدولي وتعقيداته، فالصراع السياسي الداخلي يؤثر سلباً على مواقف إسرائيل في محادثات السلام أو في تحالفاتها الإقليمية والدولية، خاصة القوى الكبرى التي تراقب المشهد الداخلي، فاستمرار الصراعات السياسية الداخلية يزيد الأعباء والضغوط العامة في ظل تفاقم المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، وإطالة أمد الحروب التي تقوض ما يتطلع إليه الشارع الإسرائيلي.
الشارع الإسرائيلي يعوّل على هذا الحراك المكثف لتحالف كتلة التغيير الذي يقوده لابيد وأيزنكوت لتقوية المعارضة وتشكيل الجبهة المطلوبة لمواجهة نتنياهو وتجاوز التحديات المتمثلة بالقدرة على صياغة رؤية سياسية متسقة تتناسب والظروف الداخلية والخارجية المحيطة.
في المقابل، يبقى إئتلاف حكومة نتنياهو قوياً بما يمتلكه من أدوات نفوذ، ولن يرضخ بسهولة أمام تحالفات المعارضة بما ينذر بمواجهة سياسية حاسمة ، قد تعرض الكيان لهزات عميقة ذات تأثيرات إقليمية ودولية.