الثورة – أسماء الفريح:
خسرت حكومة رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو تصويتاً بالثقة في الجمعية الوطنية على خلفية فشلها في إقناع مواطني بلادها والبرلمانيين على السواء بخطتها الاقتصادية التي سوقتها على أنها المخرج لفرنسا من أزمة خانقة تعيشها منذ سنوات.
وصوَّت 346 نائباً لصالح حجب الثقة عن حكومة بايرو مقابل دعم 194 لها بعد نحو تسعة أشهر من توليها مهامها، فيما يتعين على رئيس الوزراء تقديم استقالته للرئيس إيمانويل ماكرون اليوم تمهيداً لتسمية رئيس حكومة جديد.
ووفق موقع فرانس 24 فإن سقوط بايرو لم يكن مفاجئاً، لكنه كشف عمق الانقسام داخل البرلمان، واتساع الهوة بين مشروع تقشفي مثير للجدل ومجتمع يزداد رفضاً لسياسات الضغط على النفقات، معتبراً أن نتيجة التصويت، لم تسقط الحكومة فحسب، بل انهارت محاولة لإعادة رسم المسار الاقتصادي الفرنسي، تاركة البلاد أمام تحديات جديدة.
وحاول بايرو جاهداً في خطابه أمام نواب الجمعية الوطنية أمس الاثنين- كما فعل مؤخراً عبر تجمعات واجتماعات في المدن والقرى- شرح خطته ومشروعه الاقتصادي للفرنسيين بالقول: “ما نعالجه اليوم ليس قضايا سياسية، بل قضايا تاريخية تخص الشعوب والمواطنين، لا الأحزاب السياسية والمنتخبين”.
وتابع: “منذ العام 2000 أصبحنا ننتج أقل مما ينتجه جيراننا.. على سبيل المثال، الناتج المحلي الإجمالي لدينا أقل بنسبة 15 بالمئة مقارنة بألمانيا، بينما تتجاوزنا هولندا بنسبة 30 بالمئة”، مشيراً إلى أن فرنسا “تعاني من تراجع ديموغرافي وإخلال في نظام التقاعد”.
ودعا بايرو إلى إنعاش التجارة الخارجية وضبط النفقات وتوفير المال العام في جميع المجالات، للسماح بدفع فوائد الديون والعودة إلى 3.5 بالمئة من العجز المالي في 2029.
وواجه بايرو منذ تسلمه مهامه معارضة شرسة من أحزاب المعارضة، على غرار حزب التجمع الوطني “اليمين المتطرف” برئاسة مارين لوبان، والحزب الاشتراكي بقيادة السكرتير الأول أوليفيه فور، إضافة إلى حزب فرنسا الأبية المصنف في أقصى اليسار، برئاسة جون لوك ميلنشون.
ووجه بايرو انتقادات لاذعة ومباشرة لبعضها ولاسيما حزب التجمع الوطني وحزب فرنسا الأبية واتهمهما “بالتصويت معاً من أجل حجب الثقة بالرغم من تعارضهما في كل شيء وتشاجرهما في أروقة الجمعية الوطنية”، وقال في خطابه: “لديكم السلطة في حجب الثقة عن هذه الحكومة، لكن ليس لديكم السلطة لمحو الواقع.. على أي حال، تم الإعلان عن سقوط الحكومة منذ اللحظة الأولى لتأسيسها”.
ورد بوريس فالو رئيس كتلة الحزب الاشتراكي في الجمعية الوطنية على بايرو بالقول: “خطتكم خطة غير عادلة، هي خطة الويلات والآلام وستتسبب في ارتفاع البطالة وتراجع أداء القطاع العام والمدارس والجامعات، وستزيد الأزمة تعقيداً.
“وكان فالو يشير إلى خطة بايرو التي تتضمن بشكل أساسي تقليص الميزانية بقيمة 44 مليار يورو وإلغاء عطلتين رسميتين هما “اثنين الفصح” و”الثامن من مايو” “عيد النصر على ألمانيا النازية”، وتابع بالقول: “نحن نقترح طريقاً آخر لتقليص الدين والعجز المالي” و “نحن مستعدون للحكم، فليأتوا للبحث عنا”.
هذا وأعلن قصر الإليزيه أمس أن ماكرون سيسمي رئيساً جديداً للوزراء خلال الأيام القليلة المقبلة، فيما يستبعد الرئيس الذي تنتهي ولايته في العام 2027، خيار حل الجمعية الوطنية مجدداً في الوقت الراهن.
من جانبه، قال وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو إنه سيتم تعبئة 80 ألف شرطي وعنصر درك تحسباً لتحركات اجتماعية مقررة في 10 سبتمبر في إطار حركة “لنغلق كل شيء”،
مضيفاً: “لن نتسامح مع أي تعطيل أو أعمال عنف.”وكانت هذه الحركة، التي نشأت خلال الصيف على مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار “لنغلق كل شيء” وتدعمها بعض النقابات واليسار الراديكالي، إلى شل البلاد غداً الأربعاء، غير أن مدى التعبئة الفعلي يبقى مجهولاً إلى الآن. وفي روما، أعرب وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاجاني عن أمله في التوصل إلى “مخرج سريع” للأزمة السياسية في فرنسا، وأبدى مخاوفه من تداعيات سقوط حكومة بايرو على أوروبا.