الثورة – جهاد اصطيف:
استقبلت المؤسسة العامة لإكثار البذار في حلب مجموعة من طلاب المعهد التقاني الزراعي في جامعة حلب، وذلك ضمن فعاليات المعسكر التدريبي الصيفي، الذي يهدف إلى تأهيل الطلاب وتزويدهم بخبرات عملية في مجالات إنتاج البذار والزراعة الحديثة، بما ينسجم مع حاجة المجتمع إلى كفاءات متخصصة، قادرة على المساهمة في تطوير القطاع الزراعي، في إطار التعاون المستمر بين المؤسسات التعليمية والجهات الإنتاجية.
تعزيز المهارات
يأتي هذا البرنامج انطلاقاً من أهمية تحويل المعرفة النظرية إلى تطبيقات عملية ملموسة، حيث وُفِّرت للطلاب فرصة للاحتكاك المباشر مع بيئة العمل داخل المخابر المتخصصة التابعة للمؤسسة.
وقد تنوعت مجالات التدريب لتشمل إنتاج بذار البطاطا بمختلف مراحله، والتقنيات الحديثة لإنتاج الفطر الزراعي بأنواعه (الفطر الأبيض والفطر المحاري)، إضافة إلى التعرف على الأساليب المخبرية المستخدمة في زراعة الأنسجة وإكثار النباتات.
تمكين الطلاب
مدير مخبر زراعة الأنسجة في المؤسسة الدكتورة درية جمو، أوضحت أن استقبال الطلاب، يتم بشكل سنوي ضمن خطة تعاون استراتيجية مع جامعة حلب، مؤكدة أن الهدف الأساسي هو تمكين الطلاب من اكتساب المهارات العملية والخبرات المتراكمة لدى الكادر الفني في المؤسسة، بما يساعدهم على رفع كفاءتهم العلمية، وتهيئتهم لدخول سوق العمل أو إطلاق مشاريعهم الزراعية الخاصة.
وأضافت جمو: إن المؤسسة تسعى من خلال هذا النوع من البرامج إلى نقل الخبرة العملية المتوفرة في مجالات إنتاج بذار البطاطا والفطر الزراعي، وتعريف الطلاب على أحدث التقنيات المستخدمة، الأمر الذي يساهم في إعداد جيل قادر على المساهمة الفعلية في تطوير القطاع الزراعي الوطني.
بيئة مثالية للتعلم
من جانبها، معاونة عميد المعهد التقاني الزراعي في جامعة حلب الدكتورة صباح عطار، أكدت أن البرنامج الصيفي يهدف قبل كل شيء إلى بناء جسور حقيقية بين مقاعد الدراسة وسوق العمل، موضحة أن التعاون مع مؤسسة إكثار البذار يوفر للطلاب بيئة مثالية للتعلم عبر التجربة والممارسة العملية.
وأضافت: نسعى لأن يكون طلابنا عناصر فاعلة في المجتمع، من خلال تزويدهم بالمهارات التي تمكنهم من إيجاد فرص عمل مستقبلية، سواء بالعمل في المؤسسات الزراعية القائمة أو من خلال تأسيس مشاريعهم الخاصة.
انطباع إيجابي
لم يقتصر البرنامج على الجانب الأكاديمي فحسب، بل ترك انطباعاً إيجابياً لدى الطلاب المشاركين، فقد أعرب عدد منهم عن ارتياحهم لهذه التجربة، مؤكدين أنها أتاحت لهم الربط بين ما درسوه نظرياً وبين الواقع العملي، الأمر الذي ساعدهم على تثبيت المعلومات بطريقة أكثر فعالية.
وأشار بعض الطلاب إلى أن العمل المباشر في حقول البطاطا أو في غرف إنتاج الفطر، يعد تجربة غنية تعزز ثقتهم بقدرتهم على ممارسة العمل الزراعي بعد التخرج.
نموذج يحتذى به
لا شك أن التعاون بين جامعة حلب والمؤسسة العامة لإكثار البذار، يعد نموذجاً يحتذى به في ربط التعليم العالي بمؤسسات الإنتاج، فالمؤسسة التي تمتلك خبرة طويلة في مجالات إكثار البذار وزراعة الأنسجة وإنتاج الفطر، استطاعت أن توفر للطلاب بيئة تدريبية عملية تحاكي احتياجات سوق العمل، وخاصة أن هذه الخطوات تساهم في تقليص الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق، وهو ما تحتاجه سوريا في المرحلة الحالية لتعزيز قدراتها الإنتاجية وضمان الأمن الغذائي.
دور محوري
تجدر الإشارة إلى أن المؤسسة العامة لإكثار البذار تلعب دوراً محورياً في دعم الزراعة السورية، عبر توفير بذار محسّن ومعتمد للمزارعين، ما يساهم في زيادة الإنتاجية وتحسين الجودة، ومن خلال احتضانها للطلاب ضمن برامج تدريبية، فإنها تؤدي أيضاً دوراً تربوياً وتعليمياً، يسهم في بناء جيل جديد من المهندسين الزراعيين والتقانيين المؤهلين.
ويؤكد هذا البرنامج التدريبي أن التكامل بين الجامعة والمؤسسات الإنتاجية، هو السبيل الأمثل لإعداد كوادر قادرة على النهوض بالقطاع الزراعي في سوريا، ويشكل نموذجاً عملياً ناجحاً للتنمية البشرية وتعزيز القدرات الوطنية، بما يخدم الطالب والمجتمع والاقتصاد على حد سواء.