الثورة – عدي جضعان:
في خطوة تاريخية تُسجل سابقة في ولاية بافاريا، أعلن حزب الخضر (Bündnis 90/Die Grünen) عن ترشيح المهندس السوري تامر غزال لانتخابات برلمان مقاطعة آوغسبورغ لاند (Kreistag) لعام 2026، ليصبح بذلك أول سوري وعربي يترشح لهذا المنصب الرفيع في تاريخ المقاطعة.

المهندس غزال، الذي يشغل منصب مهندس معلوماتية ومدير قسم الشبكات في جامعة آوغسبورغ، جاء ضمن المراكز العشرة الأولى المتقدمة في قائمة الحزب، وهو موقع يعكس ثقة القيادة بقدراته وخبرته، لاسيما أنه يشغل أيضاً منصب عضو هيئة قيادة حزب الخضر في المقاطعة (Beisitzer)، ما يمنحه ثقلاً تنظيمياً داخل الحزب.
رسالة شخصية ووطنية: “نجاحنا هدية لسوريا الحبيبة”
في حوار صحفي له بعد الترشح، أدلى المهندس غزال بتصريح خاص لـ “الثورة”، أطلق فيه رسالة دافئة لأبناء وطنه، قائلاً دعوني أتكلم بلغة دافئة شخصية… أنا السوري، أنا الحلبي، أنا ابنكم في المغترب، أنا تامر غزال… اشتقت لكم جميعاً. كل نجاحاتنا في المهجر هي هدية لبلدنا الحبيب سوريا.
وحول دلالة ترشحه، أكد غزال أن هذا الموقع “يحمل ثقلاً رمزياً هائلاً” ويمثل تجسيداً لنجاح الاندماج و”اعترافاً بالجهد والكفاءة”، مشدداً على أن الترشح يخدم هدفين: داخلياً، هو رسالة أمل للمهاجرين بأنهم “جزء فاعل يمكنه الوصول إلى مراكز صنع القرار”. وخارجياً، يكسر الصورة النمطية عن المهاجرين، ويُظهر أن التنوع “قوة وإثراء للمجتمع الألماني”.
التحديات البنيوية والأولوية القصوى لبرلمان المقاطعة
لم ينكر غزال وجود تحديات في ولاية بافاريا، التي وصفها بأنها “أكبر مقاطعة اقتصادية في ألمانيا بل في أوروبا بأكملها”، حيث التنافس كبير.
وأشار إلى أن العقبات كانت بنيوية وتتمحور حول بناء شبكات الثقة وإتقان المصطلحات السياسية البيروقراطية العميقة، لكن انفتاح حزب الخضر ورغبته الحقيقية في التنوع ساعدته في الوصول إلى موقع قيادي.
وكشف غزال عن أولويته القصوى لأجندة برلمان المقاطعة، والتي تهدف لخدمة جميع السكان دون تمييز، مع التأكيد على أن “أبناء بلدي الحبيب فهم الأولوية القصوى لي ستكون الأولوية القصوى هي تطوير منظومة النقل العام الإقليمي (ÖPNV) لربط المناطق الريفية بالمدن والمراكز الاقتصادية.
وأوضح أن هذه القضية تلتقي فيها المصالح الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، مؤكداً قدرته على توظيف خبرته التقنية كمدير شبكات لتطوير البنية التحتية الرقمية للمدارس ورقمنة الخدمات الإدارية في المقاطعة، بتبني “حلول تقنية مثبتة وموثوقة على غرار ما يُطبق في المؤسسات الكبيرة”.
رسالة للشباب السوري ووعد العودة
وفي ختام حديثه، وجه المهندس غزال رسالة قوية للشباب السوري المتردد في الانخراط السياسي قائلاً السياسة ليست ملعباً للآخرين، بل هي أداتكم لتشكيل المستقبل الذي تريدونه… لدينا كفاءات مهنية عالية، ومهارات لغوية، وفهم ثقافي مزدوج. هذه ميزة فريدة يحتاجها العمل السياسي الألماني.”
واختتم بتعهده لوالديه وعائلته في حلب، مؤكداً: “أوعدكم بشكل شخصي أن أكون في برلمان المقاطعة بعد الانتخابات التي ستقام في اليوم الثامن من شهر آذار السنة القادمة، وأول خطوة بعدها هي زيارة بلدي الحبيب.”
حزب الخضر.. أيديولوجيا التعددية
يُعدّ ترشح غزال مثالاً حياً لتوجه حزب الخضر (Bündnis 90/Die Grünen) الذي يشارك حالياً في الائتلاف الحاكم على المستوى الاتحادي. الحزب، الذي تأسس على أركان البيئة، والعدالة الاجتماعية، والديمقراطية، واللاعنف، يتميز بتبنيه القوي لملف التعددية والمشاركة المجتمعية. هذا التوجه يفسر تركيز الحزب على تمكين الكفاءات من خلفيات مهاجرة للمساهمة في صنع القرار المحلي، لاسيما في برلمانات المقاطعات (Kreistag) التي تتعامل مع الشؤون الحياتية الأساسية من الصحة والنقل والبيئة.