أحمد الأطرش – دمشق:
في خطوة وُصفت بأنها تحول نوعي في المواقف الدولية تجاه سوريا، صوّت مجلس الأمن الدولي بأغلبية 14 دولة لصالح مشروع قرار يقضي بشطب اسم فخامة رئيس الجمهورية ومعالي وزير الداخلية من قائمة العقوبات، فيما امتنعت دولة واحدة فقط عن التصويت.
القرار اعتُبر إنجازاً سياسياً ودبلوماسياً بارزاً يُضاف إلى سجل النجاحات التي حققتها الدبلوماسية السورية خلال السنوات الأخيرة، ويعكس بوضوح أن مرحلة العزلة الدولية بدأت تتراجع لصالح مرحلة جديدة من الانفتاح والتعاون.
خلفيات القرار
منذ اندلاع الثورة السورية، شكّلت العقوبات الدولية إحدى أبرز أدوات الضغط السياسي، حيث استهدفت شخصيات ومؤسسات بهدف عزل دمشق عن محيطها الإقليمي والدولي، غير أن السنوات الماضية شهدت تحولات عميقة في المشهدين الإقليمي والعالمي، دفعت العديد من الدول إلى إعادة النظر في مواقفها.
عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وتنامي التعاون مع دول الجوار، والانفتاح على قوى دولية صاعدة، كلها عوامل ساهمت في تهيئة الأرضية لقرار مجلس الأمن الأخير.
فن إدارة الأزمات
الدبلوماسية السورية لعبت دوراً محورياً في هذا التحول، فمن خلال إدارة دقيقة للتوازنات الدولية، استطاعت دمشق أن تفتح قنوات حوار مع أطراف متباينة، وأن تطرح خطاباً سياسياً واقعياً يركّز على المصالح المشتركة، مثل مكافحة الإرهاب وضبط الاستقرار الإقليمي.
هذا الخطاب، الذي جمع بين الثبات على المبادئ والمرونة في الأسلوب، جعل الموقف السوري أكثر قبولاً في المحافل الدولية، وأعاد تقديم سوريا كطرف لا يمكن تجاوزه في أي تسوية مقبلة.
دلالات التصويت
التصويت شبه الجماعي في مجلس الأمن يحمل دلالات عميقة، فهو من جهة يعكس تراجع مرحلة العزلة التي فُرضت على سوريا، ومن جهة أخرى يُعد بمثابة اعتراف دولي بأن القيادة السورية شريك أساسي في صياغة مستقبل المنطقة. داخلياً، يعزز القرار ثقة الشارع السوري بقدرة بلاده على استعادة مكانتها الدولية، ويمنح زخماً لمسار المصالحة الوطنية وإعادة الإعمار.
أما خارجياً، فهو يفتح الباب أمام تعاون أوسع مع المجتمع الدولي، سواء في الملفات الاقتصادية أو الإنسانية، ويؤسس لمرحلة جديدة من الانفتاح السياسي.
انعكاسات القرار
المحللون يرون أن هذا القرار قد يكون بداية لمسار أوسع يشمل رفع مزيد من العقوبات عن شخصيات ومؤسسات سورية، وفتح قنوات تعاون اقتصادي مع أوروبا وآسيا، وتعزيز الدور السوري في ملفات إقليمية حساسة مثل: فلسطين ولبنان والعراق، كما أن امتناع دولة واحدة فقط عن التصويت يذكّر بأن بعض التحفظات لا تزال قائمة، لكنه في الوقت نفسه يؤكد أن الكفة تميل بشكل واضح لصالح إعادة إدماج سوريا في النظام الدولي.