صناعة الكراهية والخطاب الطائفي.. تهديد للمجتمعات المحامي برجاس لـ الثورة: ضرورة وجود قانون واضح ومحدد للمحاسبة

الثورة- حسين صقر- رزان أحمد:

تعج منصات التواصل بمختلف أشكال وأنواع المحتوى الرقمي، منها الترفيهي والتثقيفي والسياسي والاقتصادي والديني، ولكن يبقى أمرها عادياً مادام هدفها التوعية والإرشاد والتوجيه، ولكن ما أن تخرج عن هدفها السامي حتى تتسبب بالمزيد من الفوضى والخروج عن العادات والقانون.

وزارة العدل أصدرت مؤخراً قراراً يحظر بشكل قطعي نشر أو بث أو تداول لأي محتوى أو خطاب أو سلوك يحمل طابعاً طائفياً أو مذهباً أو عرقياً سواء عبر وسائل الإعلام التقليدية أو الرقمية أو ضمن التجمعات العامة أو الخاصة تحت طائلة المسؤولية وإحالته إلى القضاء وفق المادة 1 من الجرائم التي تمس الأمن المجتمعي.

ولتوضيح أهمية القرار تواصلت صحيفة الثورة مع مجموعة من الفعاليات الاجتماعية والقانونية والعلمية والتعليمية والشعبية والتي أكدت أن لما ينشر على وسائل التواصل أهمية كبيرة في تأجيج الصراعات والنزاعات، أو تخفيف جذوة نارها، وتقع على عاتق الناشرين المسؤولية في ذلك.

أهم أدوات الإدارة

وقال الدكتور سعيد منيني: تشكل منصات التواصل الاجتماعي واحدة من أهم أدوات إدارة المواقف، إذ توظف هذه المنصات كوقود لإذكاء، وإشعال نار الفتن الطائفية حيناً وإطفائها حيناً آخر، حيث تكون الصراعات ضمن نطاق ضيق، وسرعان ما تتسع دائرة النقاش حولها بين المجموعات المتابعة، ويبدأ السجال ليتطور إلى أكثر من ذلك، ثم يمتد لإشعال نيران الاقتتال واختفاء صوت العقل.

من ناحيته أكد المهندس علي سعادة أن البعض ممن ينشرون يعودون في فكرهم إلى الموروث الديني الذي يسيطر على لغة المنطق، وذلك صورة تعكس مدى ارتباط هؤلاء بالتقاليد أكثر من المحاكمة العقلية، وقد ارتبطت الطائفية لديهم بالتعصب، والغلو والتمسك بآراء تتسبب بالمزيد من الفرقة والعداء.

وأضاف:

تلك الأفكار ليست إلا عاطفة انفعالية تستثمر العاطفة، وتوظف ذاكرة الموروث، وتخاطب جماهيرهم لإيقاظ انفعالاتهم الراكدة الكامنة في غياهب الذاكرة.

السبب مجانيتها

من ناحيتها قالت المدرسة مي معروف: إن دخول منصات التواصل الاجتماعي، كالفيسبوك والتويتر سابقاً أو X حالياً، والإنستغرام، والتكتوك، وغيرها تسبب ببث الخطابات التحريضية بشكل أوسع بين مختلف الشرائح والانتماءات، وذلك لأن هذه المنصات مجانية، وسهلة الاستخدام، ومدفوعة من جهات متنفذة، وبدأت بنشر القصص، والسيناريوهات المفبركة، والمختلقة لأحداث جرت قبل قرون ونيف، كما ساهم في ذلك عدم وجود الرقابة الفعلية وهشاشة النظام الاجتماعي والفكري والأخلاقي، وأحياناً التحريض الديني من بعض المستفيدين.

وأضافت: كان للخطابات التحريضية، والطائفية المذهبية الخطيرة دور كبير في ذلك، لأنها قائمة على سلسلة من التراكمات السياسية والقبلية، وأضيفت عليها تلك القنوات والمنصات طابعاً شبه رسمي، حتى رأى بعض المريدين أن هذا الصراع مصيري الهوية والبقاء.

غياب التوعية

من ناحيتها أكدت الصيدلانية لمياء الساطي، أنه نتيجة الغياب بين المكونات المختلفة والرجوع للفطرة، تشبّث البعض بالورقة المذهبية، وهي هوية فرعية، وهذا نتاج غياب الإعلام الوطني الموجه الداعم لبرامج التوعية.

وأضافت تعد شبكات التَّواصل الاجتماعي الحديثة من أهم الآليات في صناعة، وتكوين الرأي العام ولها تأثيرات قوية على المتلقين، منوهة أنه كلما ازداد التقدم العلمي التَّقدُّم أثر في تغيير نمط حياة المجتمع، ولهذا إن شبكات التواصل الاجتماعي عملت على إحداث تغييرات كبيرة في الحياة بمختلف مجالاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والتربوية والنفسية والتربوية والصحية وغيرها.

طفرات نوعية

من ناحيته مهندس المعلوماتية ليث عطواني قال: إن شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت بيئة حاضنة لنشر المعلومات، والأخبار الكاذبة والملفقة ماخلا بعض الطفرات النوعية التي تعتمد المصداقية والحيادية في النشر ومراقبة التعليقات، وذلك لمنع وسائل التواصل من أن الساحة لتصفية الحسابات داخلياً وخارجياً، ومن أجل الابتزاز، وتلفيق الاتهامات ضدّ الآخرين عن طريق حسابات بأسماء وهمية، أو مستعارة في ظل عدم تشديد المحاسبة، وفرض الإجراءات الصارمة بحق هؤلاء من الجيوش الإلكترونية معتمدين على تزييف الأخبار، وعدم الدقة والتأكد من مصادرها الأصلية.

وقال: بعض المحطات والمواقع وحتى الصحف الورقية تساهم في تزييف الوعي الجمعي والتلاعب بالرأي العام، وإحداث فوضى في المجتمع، حيث هناك جهات سياسية تقف وراء الحسابات المدعومة منهم، من أجل الترويج للأخبار والبيانات، والوثائق المفبركة التي تنشر من دون التَّأكُّد من صحته لإشاعة الخطابات الطائفية علناً.

مخالفة للإعلان الدستوري

وفي هذا السياق أكد المحامي فرحان برجاس يستطيع الإنسان أن يعبّرعن نفسه وعن بيئته، أو يمكن أن يعطي رأياً معيناً أو فكرة بالشكل أو بالطريقة التي يراها مناسبة، لكن ظهرت حالة التحريض على العنف و على الطائفية، كحالات معقدة أشعرتنا بأنها غريبة حتى عن المجتمع السوري. وأضاف أن القانون السوري دائماً يقف بحالة حيرة، مابين أن يحجب حرية الآخرين أم يسمح لهم بالتكلم والتعبير كنا يشاؤون، وهل هذا نوع من الحرية أم لا؟!، أو اعتبار خطاب الكراهية هذا بحدّ ذاته جريمة، ويجب أن يكون هناك إطار قانوني ينظم هذا الموضوع، لذلك رأينا ما حدث، والنتائج السلبية التي انعكست على الواقع، ومع ذلك نعلم أنه وفق الإعلان الدستوري، أن هناك المواد الثانية والسابعة تأكد من خلالهما على ضمان حريات الآخرين، وحفظ السلم الأهلي ومنع كلّ أشكال الفتنة والانقسام وإثارة النعرات والتحريض على العنف، ولكن لم يترافق بتعديل قانوني واضح للحدّ من ذلك.

وقال: نحن نعلم أن كلّ مايتعلق بهذا الشأن يحكمه قانون الجرائم الإلكترونية والمعلوماتية، الذي لم يتغير، كما ظهرت لدينا، بالإضافة لذلك بعض الإجراءات التي قام بها بعض الوزراء، مثل قرارالسيد وزير التعليم العالي، نتيجة الأحداث التي جرت بالحرم الجامعي، حيث أصدر قراراً يجرم ذلك، كما قيل أنه صدرعن السيد وزير العدل بيان وتمّ نفيه، ولكن لم يصدر أي شيء قانوني كامل أو قانون واضح بهذا الشأن، ونحن لانزال على القوانين القديمة التي لم يتغير بها شيء، لذلك نحن نؤكد على أن أي تحريض على العنف هو مخالفة للإعلان الدستوري، ويشكل بالقانون السوري جريمة واضحة. وهذا نصت عليه المادة 287 من قانون العقوبات السوري، والمادة 285 وقانون جرائم المعلوماتية الذي تكلمنا عنه، ذو الرقم 20 للعام 2022.

وقال برجاس هذا هو الأمر الناظم لهذا الموضوع حالياً، ولكن نعلم أن هناك صعوبات في تطبيقه، لعدم وجود تعريف واضح لهذا الخطاب، ولا نعلم متى يعتبر تحريضاً طائفياً، ومتى لايعتبر، ولهذا ففتح باب الاجتهادات خطيرجداً، لأن هناك قاعدة، لاجريمة أو عقوبة دون نص قضائي.

• شركات منظمة من الخارج

وأشار برجاس أن معظم الحسابات التي تحرض على الطائفية غالباً ماتكون خارج البلاد ومن شركات وشبكات منظمة هدفها هذا الأمر، وبالتالي من الصعوبة تطبيق القانون عليه، وذلك من المشكلات التي يعاني منها المشرع أو جهات تطبيق القانون، وإن كان هناك تجريم لهذا الفعل، لعدم القدرة على تطبيق العقوبة على المجرم.

ونوه المحامي برجاس بالقول: نحن كقانونين طلبنا بشكل دائم ومعمق أن يكون هناك قانون خاص واضح لمكافحة الخطاب التحريضي وتعريفه وتحديده، وأن لايكون فيه مجال للاجتهاد.

بمعنى أنه إذا لم يكن منسجماً مع رأي القاضي يعتبره جرماً، وإذا لم ينسجم لايعده. وأضاف يجب أن يكون لذلك تعريف واضح ودقيق وشامل ومحدد لتجريم خطاب الكراهية أو التحريض على ذلك، وأن يكون حكم القاضي حراً غير خاضع لأي تأثير سياسي أو أمني، ونحن نقترح أن نعمل على التوعية بهذا الموضوع، والتعاون مع الشركات التكنولوجية القادرة على رصد المحتوى السيئ الذي يحث على الطائفية، وإقفاله وعدم فسح المجال لأن يتوغل في المجتمع.

آخر الأخبار
إزالة التعديات على خط الضخ في عين البيضة بريف القنيطرة  تحسين آليات الرقابة الداخلية بما يعزز جودة التعليم  قطر وفرنسا: الاستقرار في سوريا أمر بالغ الأهمية للمنطقة التراث السوري… ذاكرة حضارية مهددة وواجب إنساني عالمي الأمبيرات في اللاذقية: استثمار رائج يستنزف الجيوب التسويق الالكتروني مجال عمل يحتاج إلى تدريب فرصة للشباب هل يستغلونها؟ تأسيس "مجلس الأعمال الأمريكي السوري" لتعزيز التعاون الاقتصادي بين دمشق وواشنطن تسهيل شراء القمح من الفلاحين في حلب وتدابيرفنية محكمة سوريا تلتزم الحياد الإقليمي وسط تصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران مدينة طبية في إدلب..خطوة جديدة لتعزيز القطاع الصحي تفاصيل جديدة لـ "وول ستريت جورنال" .. هكذا نفذ الموساد عملية معقدة في قلب إيران بيدرسون: المرسوم 66 خطوة مهمة توافق الإعلان الدستوري على توقيت اقتصاد سوريا.. خبيران لـ"الثورة": من أراد النجاح فعليه أن يضبط ساعته على عجلة مستقبلها تراجع عدد السوريين المسجلين وفق الحماية المؤقتة في تركيا لجنة لدراسة الصكوك العقارية لعقود الإيجار.. ومحال الفروغ قاب قوسين أو أدنى من وصولها للحل معبر البوكمال .. تعزيز لعراقة العلاقة الثنائية والارتباط الاقتصادي مع العراق اكريم لـ"الثورة": سوق ... مقتل "شمخاني" ضربة موجعة لـ"عقل إيران الاستخباراتي" في سوريا  وزير الزراعة: تحديث الروزنامة الزراعية شهرياً ومصلحة المزارع أولوية وطنية ماذا تحمل الزيارة المرتقبة للوزير الشيباني إلى لبنان؟ لبنان: زيارة الشيباني المرتقبة قد تسهم في حل الملفات العالقة