الثورة – علا محمد:
سجّل مدرج جامعة دمشق اليوم انطلاقة أول قمة وطنية وأكاديمية بعد التحرير، بعنوان “سفير” لإصلاح التعليم العالي والبحث والابتكار، بحضور أكثر من 300 شخصية من الداخل والمهجر، لتخط ملامح مستقبل سوريا من بوابة الجامعة، وعلى مدار ثلاثة أيام، تنعقد القمة برعاية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، منطلقة من رؤية تقوم على أربعة أعمدة ضمت الابتكار، التعليم، البحث، والإصلاح.
أما رسالتها، فهي أن سفير ليست مجرد مؤتمر، بل منبر وطني لإعادة بناء العقل السوري، حيث تبدأ النهضة بالعلم وتترجم بالسياسات.
المنظمون والمواضيع
الافتتاح تضمن عرضاً عن التعليم العالي، واستعراضاً للمنظمات الخمس التي نظّمت القمة، وهي مبادرة سوريا المستقبل، مؤسسة سند الشباب التنموية، المؤسسة الألمانية السورية للبحث العلمي، المجلس العلمي السوري، وشبكة الأكاديميين والباحثين السوريين في المملكة المتحدة، مع التركيز على ستة محاور أساسية شملت حوكمة التعليم العالي والبنية التحتية، الدور الاقتصادي والاجتماعي، التربية التحويلية، تمكين أعضاء هيئة التدريس، البحث العلمي والابتكار، إضافة إلى العولمة والتعاون الدولي.
لا إصلاح، بلا تحول رقمي
وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي أوضح في تصريح لـ “الثورة” أن القمة تناقش محاور عديدة تبدأ بالحوكمة الرشيدة وتعزيز الاستقلالية والحرية الأكاديمية، مروراً بالشفافية وإعادة البناء والتطوير، وصولاً إلى توفير بيئة تعليمية تمكينية وآمنة للطالب.
وأكد أن الوزارة وضعت مصفوفة لدراسة تحديات التعليم وتحليل أسبابها لإيجاد حلول عملية، مشيراً إلى أن التحول الرقمي يمثل الخيار الوحيد لمحاربة الفساد وضمان النزاهة، ابتداءً من الهوية الجامعية الرقمية وصولاً إلى المفاضلات الالكترونية والمعاملات المالية.
كما شدد الحلبي على أهمية ربط البحث العلمي باحتياجات المجتمع عبر التعاون مع الوزارات والشركات العامة والخاصة، وتفعيل مكاتب البحث والتطوير، ودعم صندوق البحث العلمي والمشاريع الريادية، مع تأسيس حواضن بحثية ورقمية في كل جامعة.
وأضاف: إن الوزارة وضعت مؤشرات أداء واضحة تشمل معدلات التوظيف بعد التخرج، النزاهة، والاستقلالية، إلى جانب دعم النشر الخارجي عبر وحدات متخصصة، كما وكشف عن إطلاق موسوعة التعليم العالي العالمية التي تضم 13 مجلداً بمشاركة أكثر من 80 دولة، لتكون جسراً بحثياً بين سوريا والعالم، معتبراً أنها “نافذة استراتيجية نحو تعاون علمي دولي رفيع المستوى”.
مشاركة من الداخل والاغتراب
من جانبه الباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة دارمشتاد التقنية بألمانيا،، أوضح الدكتور سامي كرم، أن المجلس العلمي السوري، وهو أحد المنظمين، يضم أكثر من 300 عضو بينهم 160 دكتوراً من جامعات أوروبية وأمريكية وآسيوية، وبيّن أن مشاركة المجلس في القمة شملت الجوانب التنظيمية والأكاديمية، إضافة إلى محاور تتعلق بتمكين الأساتذة، البحث العلمي، وسياسات حوكمة التعليم العالي في الجامعات السورية.
بدوره، الأستاذ الدكتور ريمون المعلولي من كلية التربية، العائد من الولايات المتحدة، أشار إلى مشاركته في محور مناهج التربية، موضحاً أن الهدف هو الانتقال من التعليم التقليدي إلى التعليم التحويلي، عبر تطوير آليات تقويم الطلاب وتحصيلهم، واقتراح مناهج جديدة لإعداد معلمي المرحلتين الأساسية والثانوية.
بينما أكد مدير إحدى الجلسات الحوارية الدكتور أيهم أبازيد، أن القمة تبحث في الحراك الأكاديمي والبرامج المشتركة، سواء داخل الجامعات السورية، أو مع الجامعات الإقليمية والدولية، وأشار إلى أن التعاون سيشمل إطلاق برامج تعليمية مشتركة عبر الانترنت، بمشاركة أساتذة من سوريا والخارج، لتوسيع دائرة التبادل العلمي والمعرفي.
وسط هذا الحراك الفكري والوطني، تؤكد “سفير” أن سوريا الجديدة تُبنى من الجامعة، بالعلم والابتكار، وبعقول أبنائها في الداخل والاغتراب، ليكون التعليم العالي الركيزة الأولى في إعادة الإعمار وصناعة المستقبل.