الولايات المتحدة تخشى من إزاحة الدولار في آسيا

الثورة أون لاين – د. ذو الفقار علي عبود:

يرى منظروا السياسة الخارجية الأميركية أنه من الأفضل لكل من الولايات المتحدة والصين العمل في إطار مشترك من المنافسة بدلاً من عدم وجود قواعد على الإطلاق، وذلك من خلال إنشاء قناة اتصال مباشرة عالية المستوى يمكن أن تؤدي إلى تفاهمات حول الحدود الصارمة التي يتعين على الجانبين احترامها، وصولاً بمرور الوقت لتحقيق حدّ أدنى من الثقة الاستراتيجية، ويرى هؤلاء أن كلا الجانبين سيكتشف أن فوائد التعاون المستمر بشأن التحديات العالمية المشتركة، مثل تغير المناخ، قد تبدأ في التأثير على المجالات الأخرى الأكثر تنافسية وحتى المتنازع عليها في العلاقة بين الطرفين.
لكن ما هي معايير نجاح إدارة التنافس:
تبحث كل من الولايات المتحدة والصين حالياً عن صيغة لإدارة علاقتهما للعقد المقبل، والحقيقة الصعبة هي أنه لا يمكن إدارة أي علاقة ما لم يكن هناك اتفاق أساسي بين الطرفين على شروط تلك الإدارة، ولكن ما هي معايير النجاح إذا وافقت الولايات المتحدة والصين على مثل هذا الإطار الاستراتيجي المشترك؟ قد تكون إحدى علامات النجاح إذاً تجنب البلدان بحلول عام 2030 أزمة عسكرية أو صراعاً عبر مضيق تايوان أو هجوماً إلكترونياً مدمراً، إضافة إلى توقيع اتفاقية تحظر الأشكال المختلفة من الحرب الروبوتية في المستقبل.
كما يرى هؤلاء أن على الولايات المتحدة والصين أن تعملا معاً على الفور، ومع منظمة الصحة العالمية، لمكافحة الوباء المستجد الذي يغير شكله، وربما تكون أهم علامة على النجاح هي الموقف الذي تنافس فيه كلا البلدين في حملة مفتوحة وقوية للحصول على الدعم العالمي للأفكار والقيم وأساليب حل المشكلات التي تقدمها أنظمتهما، ورغم ذلك، يبقى أهم تحدٍ أمام إدارة التنافس الاستراتيجي، والأكثر وضوحاً، هو ملف تايوان.
ولكن: هل تُخطِّط الصين لإزاحة الدولار في آسيا؟
في واحد من آخر أعماله رئيساً، أصدر دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يحظر ثمانية تطبيقات برمجية صينية منها تطبيق “Alipay”، وهو أكبر تطبيق للدّفع عبر الهاتف المحمول في العالم إلى جانب تطبيق “WeChat Pay”، وهو تطبيق آخر حُظِرَ بأوامر من ترامب ويُستخدم لكل شيء بدءاً من دفع فواتير الكهرباء إلى شراء الطعام من الباعة الجوالين، إلى التسوق في المتاجر الراقية.
وقد سعى حظر ترامب إلى معالجة المخاوف من أن تسمح هذه التطبيقات الصينية الشعبية لبكين بالوصول إلى بيانات حساسة عن الأميركيين، لكن توفق الصين في مجال التكنولوجيا المالية “Fintech” يطرح مشكلة أكثر جوهرية بالنسبة للولايات المتحدة. فواشنطن تنظر بعين الحذر إلى نفوذ الصين المتنامي في الأسواق المالية. وتنظر للأمر على أن بكين سوف تستخدم التكنولوجيا المالية لاحتلال مكانة متقدمة في التجارة العالمية وتعزيز حالة المراقبة ووضع الأساس لتحدي الدولار الأميركي باعتباره العُملة الاحتياطية في العالم.
عملياً، تسعى الصين للإطاحة بالدولار من احتياطات آسيا عبر اعتماد اليوان الرقمي عُملة رسمية في شراكاتها التجارية داخل الأسواق الآسيوية. والمحرك الأساسي لهذه العُملة تطبيقان هما “Alipay” و”WeChat Pay”، إذ يحظيان بإقبال متزايد في آسيا وحول العالم في وقت تعجز فيه الولايات المتحدة عن إيجاد آلية لتنظيم هذه العملات الرقمية حتى اللحظة وتتعامل معها بوصفها تهديداً لاستمرار الوضع القائم.
ويستخدم ملايين المستهلكين الصينيين تقنيات الدفع الرقمية في المعاملات اليومية. فلقد تجاوزت الطبقة المتوسطة المزدهرة في الصين بطاقات الائتمان وانتقلت مباشرة إلى المدفوعات الرقمية التي يتجاوز حجمها الآن 42 تريليون دولار سنوياً في الصين، وهو ما يقرب من 150 ضِعْف حجم المعاملات الأميركية على تطبيقات مثل “PayPal” و”Venmo”.
واليوم يُهدِّد صعود شركات التكنولوجيا المالية الصينية النفوذ الأميركي في العالم وفي الوقت نفسه يقوي يد الحكومة الصينية في الداخل. وتمتص “عوادم البيانات” كما تسمى مليارات المعاملات الرقمية، وتعمل مُكمّلاً للبيانات الحالية المتوافرة من تقنيات التعرف على الوجوه وتواريخ البحث واتصالات الشبكات الاجتماعية، ويزود الصين ببيانات الزمان والمكان من أنظمة الملاحة العالمية وتاريخ المعاملات وسجلات السفر وتفاصيل الحساب المصرفي وغير ذلك. وتُتيح هذه المعلومات مجتمعة للسلطات الصينية مراقبة أفراد ومجتمعات معينة عن كثب، والتحكم فيها عن طريق تقليل أو إلغاء الوصول إلى الحسابات المصرفية وتجميد طرق السفر ومنع الدخول إلى مواقع محددة. وقد بدأت السلطات المالية في هونغ كونغ مؤخراً في مطالبة البنوك بالإبلاغ عن المعاملات لمساعدة السلطات في تحديد النشطاء السياسيين.

وتفخر شركة “Alipay” الصينية بمستخدميها في أكثر من 110 دول.
إن تفوق الصين في مجال التكنولوجيا المالية يعد أيضاً بتعزيز الطموحات الصينية في ربط البلدان الأخرى بالاقتصاد الصيني. ولذلك يرى الأميركيون بأن شركات التكنولوجيا المالية الصينية هي بمثابة حصان طروادة جغرافي اقتصادي، حيث تم دمج شركات “Alipay” و”WeChat Pay”، وهي الشركات التي تُشكِّل 95% من سوق مدفوعات الهاتف المحمول في الصين نفسها، في الحياة الاقتصادية اليومية في بلدان أخرى، ثم من خلال الاستفادة من هذه البنية التحتية المالية تحصل هذه الشركات وغيرها من الشركات الصينية الأخرى على تراخيص مصرفية رقمية، وتتوسع منها بسرعة في قطاعات أخرى مثل التأمين الرقمي والائتمان الاستهلاكي والتحويلات والإقراض. وسرعان ما تندمج هذه الشركات في البلد المُضيف بحيث يتعذر إزالتها. وعلى سبيل المثال، في أوائل كانون الأول 2020، كان ثلاثة من الفائزين الأربعة الذين اختيروا من بين مجموعة من 21 مُتقدِّماً بتراخيص الخدمات المصرفية الرقمية في سنغافورة صينيين أو مدعومين بشدة من المستثمرين الصينيين. فيما لم تكن الشركات الأميركية وغيرها من الشركات الغربية في أي مركز منها، ما ترك الصين في ميدان مفتوح للعب.
ويرى الأميركيون بأن محاولة الصين التفوق في مجال التكنولوجيا المالية في آسيا هي خطوة نحو هدف أكبر ألا وهو إحلال اليوان ليصبح العُملة الاحتياطية العالمية. ففي خريف 2020، توقّع المحللون في شركة الخدمات المالية الأميركية مورجان ستانلي أن اليوان الصيني قد يتجاوز الين الياباني والجنيه الإسترليني ليصبح ثالث أكبر عُملة احتياطي في العالم بحلول عام 2030، بحيث يُمثِّل ما بين 5% إلى 10% من أصول احتياطي النقد الأجنبي العالمي، وتتحدّى بكين نفوذ الدولار الأميركي في جنوب شرق آسيا وأجزاء من إفريقيا، حيث تستعد لإطلاق يوان رقمي سيادي سيجعل المعاملات أسهل ويُمكِّن الصين أيضاً من تتبُّع كيفية استخدام عُملتها بشكل أفضل.
سيتمكّن المستهلكون والتجار في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا قريباً من استخدام اليوان الرقمي عبر تطبيقات “Alipay” و”WeChat Pay”. ولاحقاً، ستعمل التطبيقات موزعاً لليوان الرقمي، حيث تجد الشركات المحلية أن استخدام اليوان أكثر كفاءة من الدولار في المعاملات مع الشركات الصينية، ويمكن أن تدفع الصين بعد ذلك المؤسسات والشركات الكبرى التي تُجري معاملات ضخمة مثل سداد مدفوعات الفائدة وتمويل سلاسل الإمداد إلى استخدام اليوان الرقمي بدلاً من الدولار الأميركي.
لقد بدأ هذا التحوُّل بالفعل حتى قبل إصدار العُملة الرقمية السيادية الجديدة للصين، فمع نمو التجارة الثنائية بين الصين ودول جنوب شرق آسيا في العقود الأخيرة نمت كذلك حصة التجارة التي تتم باليوان الصيني، ما أدّى إلى تآكل حصة الدولار الأميركي في التجارة الثنائية.

آخر الأخبار
حرائق اللاذقية الأكبر على مستوى سوريا... والرياح تزيد من صعوبة المواجهة تحذير من خطر الحيوانات البرية الهاربة من النيران في ريف اللاذقية مدير المنطقة الشمالية باللاذقية: الحرائق أتت على أكثر من 10 آلاف هكتار عودة جهاز الطبقي المحوري إلى الخدمة بمستشفى حمص الوطني الشيباني يبحث مع وفد أوروبي تداعيات الحرائق في سوريا وقضايا أخرى تعزيز دور  الإشراف الهندسي في المدينة الصناعية بحسياء وحدة الأوفياء.. مشهد تلاحم السوريين في وجه النار والضرر وزير الصحة يتفقد المشفى  الوطني بطرطوس : بوصلتنا  صحة المواطن  الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بريف دمشق  تعقد أولى اجتماعاتها  لأول مرة باخرة حاويات كبيرة تؤم مرفأ طرطوس  فروغ المحال التجارية والبحث عن العدالة.. متى ظهرت مشكلة الإيجار القديم أو الفروغ في سوريا؟ وزارة الإعلام تنفي أي لقاءات بين الشرع ومسؤولين إسرائيليين معرض الأشغال اليدوية يفرد فنونه التراثية في صالة الرواق بالسلميّة تأهيل شبكات التوتر المتوسط في ريف القنيطرة الشمالي مُهَدّدة بالإغلاق.. أكثر من 3000 ورشة ومئات معامل صناعة الأحذية في حلب 1000 سلة غذائية من مركز الملك سلمان للإغاثة لمتضرري الحرائق بمشاركة 143 شركة و14 دولة.. معرض عالم الجمال غداً على أرض مدينة المعارض مناهج دراسية جديدة للعام الدراسي القادم منظمة "بلا حدود" تبحث احتياجات صحة درعا "18 آذار" بدرعا تدعم فرق الدفاع المدني الذين يكافحون الحرائق