الثورة أون لاين – أدمون الشدايدة:
لطالما حظيت سورية بدور ريادي في المنطقة وشكلت على الصعيد الإقليمي والدولي السد الثابت والمقاوم والحائط المنيع في وجه أطماع الغرب الاستعماري ومشاريعه التقسيمية والتفتيتية، لا سيما في الشرق الأوسط، وبالتالي جعلت كل تلك الأهداف العدوانية مجرد أوهام متناثرة في الهواء لا تشكل شيئاً على الأرض، وبقيت القضية الفلسطينية تشكل الثابت الأساسي بالنسبة إلى سورية.
ولطالما اعتمدت سورية في استراتيجياتها وعلاقاتها الدولية وتعاملاتها على الأرض على مفهوم بناء المقاومة، والذي كانت هي عموده، فالمقاومة كما يعهدها القاصي والداني لم تكن يوماً من الأيام خياراً، بل كانت قدراً محتوماً بالنسبة لها.
كل تلك المعطيات إضافة لموقعها الجغرافي الهام الذي يشكل عقدة الربط بين القارات الثلاث وأهمية ذلك الموقع على الصعيد الاقتصادي والجيوسياسي، وما تملكه من مقومات كبيرة رفعت مكانة سورية محلياً وعربياً وعالمياً، وجعلت منها هدفاً لقوى الاستعمار والاستكبار العالمي الذي تقوده أميركا والكيان الصهيوني.
فضرب محور المقاومة بحسب دول العدوان يبدأ بسورية التي تشكل الأساس، وصلة الوصل بين دول ذلك المحور بدءاً من إيران إلى العراق فسورية إلى المقاومة الوطنية اللبنانية والفلسطينية واليمنية، وبالتالي الاعتداء على سورية هو قطع حلقات المقاومة وتفكيكها والسيطرة عليها، وجعلها تسير في سياق مشروع الغرب التخريبي للمنطقة.
منذ عشرات السنين كانت سورية المستهدف الأول من قبل أميركا وحلفائها الذين عمدوا لتحقيق مآربهم الاستعمارية عشرات الأساليب واتبعوا مئات الوسائل التخريبية الممنهجة ضمن منظومة الفوضى المرسومة لسورية بشكل خاص وبالتالي للمنطقة بشكل عام، وكله في النهاية يصب في مصلحة الكيان الإسرائيلي المحتل الذي اغتصب الأراضي العربية منذ عشرات السنين، تحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي وقف عاجزاً في وجه أطماعه تلك.
الجميع يعلم اليوم بأن ما تسمى “ثورات” الخريف العربي المشؤوم كان الهدف منها الوصول لدول الممانعة لتخريبها داخلياً بعد الفشل الذريع في تحقيق أي أهداف وأجندات تخدم الإسرائيلي ومعه الأميركي من الخارج، وما يحصل اليوم في سورية لم يكن إلا مشروعاً ومؤامرة كبرى رفعت شعارات مزيفة ومضلِّلة للوصول إلى أهداف مشغليها الرئيسيين في تقسيم سورية وضرب محور المقاومة، أو “عمود خيمة المقاومة”.
ومع بداية الحرب الإرهابية على سورية بدأت آلة الإرهاب بضرب كل ما هو ممكن في الداخل السوري وجعلت من ضمن مشاريعها التخريبية استنزاف الاقتصاد السوري عبر تدمير المنشآت الحيوية والمعامل والمصانع، وحرق المحاصيل الزراعية واستهدافها، ونهب النفط السوري، إضافة لفرض العقوبات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب عليها.
إلى جانب ذلك عمدت قوى العدوان على سورية إلى استنزاف قدرات الجيش العربي السوري البطل الذي يشكل حتى اللحظة هذه شوكة الممانعة في وجه المشاريع الصهيونية، وبالتالي تدميره وجعل ذلك مدخلاً لبوابة الخنوع وبالتالي تنازل سورية عن الحقوق العربية من خلال إرغامها على التطبيع مع الكيان الصهيوني.
وحتى هذه اللحظة وقفت سورية ولا تزال بمساندة من حلف المقاومة إضافة للأصدقاء والحلفاء في وجه تلك المخططات الاستعمارية وعمدت عبر قدراتها العسكرية والسياسية والدبلوماسية إلى حرق كل أوراق دول العدوان التخريبية، وما تنتجه أيادي أبطال الجيش العربي السوري على مدى عشر سنوات هو خير دليل على ذلك التفوق الحاصل.