الثورة أون لاين – سامر البوظة:
على أنغام النصر السوري يضبط العالم إيقاعه, وعلى ألحانه يغزل السوريون مجداً جديداً يزينون به سجل أمجادهم المتراكمة, نعم لقد فعلها السوريون وكسبوا التحدي بإنجازهم الاستحقاق الرئاسي في موعده المحدد وفق الدستور على أكمل وجه, على الرغم من كل التحديات والضغوط التي تعرضوا لها, وبالرغم من كل محاولات الترهيب والتخويف والتشكيك والتضليل, ليسطروا من خلاله ملحمة جديدة في الصمود والثبات, ويعطوا درسا للعالم في الديمقراطية الحقيقية وفي محبة الأوطان, في صورة نادرة لم يشهد التاريخ مثيلا لها.
نصر سياسي مبين ومدوٍ حققه السوريون بإرادتهم الوطنية الصلبة, وهم من أذهلوا العالم بصمودهم وثباتهم وتمسكهم بمبادئهم الوطنية, وتوجوا به الانتصارات التي حققوها في الميدان, مؤكدين للعالم بأسره سيادتهم واستقلالية قرارهم, وبأنهم شعب حي حر أبي يرفض الذل والتبعية ويرفض التدخل في شؤونه, ويحق لسورية أن تحتفي بهذا النصر المؤزر, وأن تتباهى بشعبها الوفي الذي صنع هذا الانتصار, هذا الشعب الذي صمد وقاوم وضحى طوال سني الحرب الظالمة التي استهدفته ولم تضعف عزيمته أو تلن إرادته, بل على العكس أثبت أنه شعب عنيد عصي على الإركاع, وقف في وجه كل الضغوط والحصار الجائر والعقوبات الظالمة, واستطاع أن يدحر الإرهاب, وأن يسقط كل المؤامرات والمخططات الاستعمارية التي استهدفته واستهدفت بلده, وهذا ليس بجديد على الشعب السوري الذي لطالما أثبت أنه أهل للتحدي وعنوان للعزة والكرامة والإباء.
الانتخابات الرئاسية هذا العام, وعلى الرغم من أنها الثانية التي تنجح الدولة السورية بتنظيمها منذ بدء الحرب الإرهابية عليها, إلا أنها كانت تمتلك من الأهمية ما يكسبها الاستثنائية, خاصة أنها تأتي في ظل الظروف الدقيقة والمتغيرات الدولية والإقليمية الحاصلة, والعالم كله شاهد وتابع هذا الزحف الجماهيري المنقطع النظير من أبنائنا وإخوتنا في الخارج إلى السفارات والممثليات الدبلوماسية السورية وإصرارهم على المشاركة في الانتخابات, على الرغم من الضغوط الكبيرة التي تعرضوا لها و محاولات منعهم في بعض البلدان الشريكة في الحرب على سورية, من الوصول إلى سفارة بلادهم لممارسة حقهم الدستوري والمشاركة في الانتخابات, وتبعه بعد أيام الطوفان البشري الذي غمر ساحات الوطن من أقصاه إلى أقصاه في يوم الانتخاب, والذي تحول إلى عرس وطني جامع عم كل المدن والقرى السورية مع إعلان النتائج, في مشهد قل نظيره عبر فيه الشعب السوري عن عمق انتمائه ومحبته لوطنه وقيادته, ووفائه لدماء الشهداء والجرحى الذين ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل وحدة واستقلال سورية وعزتها وكرامتها, وليقول كلمته عالياً وليسمع العالم بأسره بأننا على هذه الأرض نحن أسياد قرارنا ونحن فقط من يحق له أن يقرر مصيره ويرسم مستقبل وطنه وأبنائه.
طبعاً هذه المشاهد أزعجت أعداء سورية وكل حاقد ومتربص بها, وأسقطت كل رهاناتهم, لذلك لم يكن مستغرباً غيظهم وجنونهم واستمرارهم في حملات التضليل والتشكيك وعدم الاعتراف بشرعية الانتخابات, بعد أن أيقنوا هزيمتهم وفشل مشاريعهم ومخططاتهم, ونحن نعلم أنهم لن يعترفوا بذلك بسهولة, وبأنهم سيظلون يحاولون, ولكن مهما فعلوا وحاولوا عليهم أن يعلموا أنهم لن يغيروا شيئا, ولن ينالوا ما عجزوا عنه في الميدان, فالشعب السوري حدد خياره وقال كلمته الفصل, وأوصل رسالته للعالم كله بأن كرامته وسيادته خط أحمر, وللأعداء بشكل خاص أن كل كلامهم وآراءهم لا قيمة لها وتساوي صفراً, وهي لن تقدم أو تأخر في شيء.
هذا اليوم التاريخي سيبقى محفوراً في ذاكرة السوريين, وسيتذكره العالم طويلاً, لأن ما بعده لن يكون كما قبله, فهو بالنسبة للسوريين نقطة تحول مفصلية في تاريخهم وانتصار هام سيعزز الاستقرار والازدهار ويؤسس لمرحلة إعادة البناء والإعمار, كما سيرسم معالم المرحلة المقبلة, وسيفرض وقائع ومعطيات جديدة ستغير المعادلات الإقليمية والدولية, وعلى دول العدوان أن تعي هذه المسألة تماما وأن تعيد حساباتها وتتعامل وفق هذه المعطيات, فمشاريعها هزمت وكل محاولاتها للنيل من سورية أو من صمود شعبها باءت بالفشل الذريع, ولن تعد تجدي نفعا, فسورية اليوم بنصرها دخلت مرحلة جديدة في تاريخها وطوت سني الحرب القاسية, وهي ماضية بوحدة وتماسك شعبها وحكمة قيادتها في مسيرة العمل والتحرير والبناء, حتى تحقيق النصر الأكبر على الإرهاب وطرد كل محتل مارق عن أرضنا الحبيبة, ولن تثنيها أو تعيقها كل تلك المحاولات البائسة.