الثورة اون لاين – عبد الحميد غانم:
لا يزال تلاعب الغرب بنصوص ومبادئ اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وتسييسه لملف الكيميائي في سورية، أداة من أدوات الحرب ووجهاً من وجوه الإرهاب الذي يمارسه الغرب ضدها.
فقد حولت بعض الدول الغربية مجلس الأمن ومنظمة الحظر إلى منصة لترويج الأكاذيب ضد سورية بشأن عدم تعاونها المزعوم مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وتقديم صورة غير صحيحة عنها وكيل اتهامات باطلة بحقها، رغم علم الجميع في مجلس الأمن وخارجه وبشكل واقعي وملموس أن سورية انضمت طوعاً إلى اتفاقية الحظر وأوفت خلال فترة قياسية بكل الالتزامات الناتجة عن هذا الانضمام، وأن سورية أعربت مراراً عن إدانتها الشديدة لاستخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي كان وفي أي مكان وتحت أي ظروف وتأكيدها بأنها لم تعد تمتلك أي نوع من هذه الأسلحة.
سورية انضمت طوعاً إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وأوفت خلال فترة قياسية بكل الالتزامات الناتجة عن هذا الانضمام وحرصت على التعاون المستمر مع منظمة الحظر لإغلاق هذا الملف بشكل نهائي وضمن أقصر الآجال، حيث قدمت منتصف الشهر الماضي تقريرها الشهري الـ 93 حول النشاطات المتصلة بتدمير الأسلحة الكيميائية ومرافق إنتاجها ورحبت بعقد جولة المشاورات الـ 25 مع فريق تقييم الإعلان خلال تشرين الأول القادم وهو الموعد الذي تم الاتفاق عليه بما يتناسب مع التزامات الجانبين كما تم تمديد الاتفاق الثلاثي بين اللجنة الوطنية السورية ومكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية مع تأكيد حرص سورية على إنجاز الأنشطة المطلوبة بالسرعة الممكنة وعدم إعطاء طابع الديمومة لهذه المهمة.
ورغم ذلك تتعرض سورية لحملات غربية وأمريكية واتهامات باطلة لا أساس لها عن حالات استخدام مزعوم لأسلحة كيميائية بهدف حرف انتباه المجتمع الدولي عن استخدام التنظيمات الإرهابية تلك الأسلحة والاستمرار في توفير الحماية والرعاية لها.
وكذلك لحرف الرأي العام الدولي عن ممارسات الاحتلالين الأميركي والتركي وما يتسببان به من تجويع وتعطيش للمواطنين السوريين في مناطق الاحتلال وقطع أواصر الحياة عنهم.
وهي تتزامن مع ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في الجولان والاعتداءات المتكررة والمستمرة على سيادة سورية، في الوقت الذي يتواصل فيه إصدار البيانات الأمريكية والغربية المضللة ضد سورية بموضوع الكيماوي مثل الدوران في حلقة مفرغة دون إعطاء أي اهتمام لكل ما قامت به سورية بهذا الشأن.
وهو دليل واضح على استمرار الإدارة الأمريكية وبعض الدول الغربية في نهجها العدواني الذي بدأت به منذ أكثر من عشر سنوات باستخدام أدواتها العميلة المختلفة لشن حرب شرسة ضد الشعب السوري على كل الصعد، والمفارقة أن إحدى الدول المتزعمة للنهج العدواني ضد سورية وهي الولايات المتحدة تمثل الدولة الوحيدة الطرف في الاتفاقية التي لم تنفذ حتى الآن التزاماتها بموجب اتفاقية الحظر بشأن إنهاء تدمير ترسانتها من الأسلحة الكيميائية.
وأنه بعد كل هذا التعاون الذي قدمته سورية للمنظمة يأتي البعض في مجلس الأمن ليشكك بتعاونها مع الأمانة الفنية للمنظمة أو يقدم صورة غير صحيحة عبر استغلاله المسيس لجوانب إجرائية وفنية معتادة في إطار العمل مع المنظمة.
ومن خلال متابعة عمل هذه المنظمة لا يوجد أي مهنية ومصداقية لدى فريق بعثة تقصي الحقائق، لأن ما تم الكشف عنه تباعاً بشأن تحقيقات بعثة تقصي الحقائق في حادثة دوما المزعومة فضح بشكل جلي أساليب العمل الخاطئة التي اتبعتها تلك البعثة وعدم التزامها بالقواعد المنصوص عليها في الاتفاقية ومنها على سبيل المثال لا الحصر تجاهلها طرائق ومنهجيات العمل الواردة في ملحق التحقق وطرق جمع الأدلة والعينات والحفاظ على سلسلة حضانتها إضافة إلى اعتمادها على مصادر مفتوحة ومعلومات مقدمة من التنظيمات الإرهابية وذراعها تنظيم “الخوذ البيضاء” الإرهابي.
ولم تقم البعثة حتى الآن بإصدار تقاريرها بشأن خمسة تحقيقات عن حوادث أبلغت عنها الحكومة السورية منذ نحو خمس سنوات، بينما أصدرت تقارير بشأن حوادث ادعتها المجموعات الإرهابية بعد تلك الحوادث بسنوات.
فتدمير الأسطوانتين الخاصتين بتلك الحادثة المزعومة جراء عدوان إسرائيلي غاشم على الموقع الذي كانتا مخزنتين فيه بتاريخ الثامن من حزيران الماضي والذي يستوجب الإدانة الواضحة من هذا المجلس تحول بالنسبة إلى بعض الدول إلى مادة للتركيز على جوانب إجرائية فقط وتجاهل تام لإدانة هذا العدوان الغادر في استمرار لنهج تلك الدول في غض الطرف عن إرهاب “الدولة” الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي والتي ترفض حتى الآن الانضمام إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وتمتلك ترسانة أسلحة دمار شامل أخرى تهدد الأمن والسلم في المنطقة، ولم يتم تنفيذ طلب الأمانة الفنية بناء على تأكيد اللجنة الوطنية السورية بشأن تلك الاسطوانتين وحرصها على عدم نقلهما خارج أراضي الجمهورية العربية السورية لكونهما أدلة مادية وقانونية آخذين بعين الاعتبار أيضا أن المنظمة تسببت سابقا بضرر لعدد من العينات التي كانت بمثابة أدلة مادية جراء عدم التعامل معها بالمهنية المطلوبة.
إن كل الإجراءات غير المسبوقة في التعامل مع ملف الكيميائي في سورية والدوران في حلقة مفرغة من الأضاليل والعمل غير القانوني واللجوء إلى التلاعب بنصوص الاتفاقية وإنشاء آليات غير شرعية تتجاوز الالتزامات المفروضة على الدول الأطراف في اتفاقية الحظر وفرض تمويلها من الميزانية العادية إلى جانب تجاهل التعاون الذي تقوم به سورية والتقدم الذي تحقق حتى الآن، ووضع شروط غير قابلة للتطبيق وتمرير قرار في الدورة الـ 25 لمؤتمر الدول الأطراف في منظمة الحظر ضد سورية يشكل تطورا خطيرا في مسيرة عمل المنظمة ويتنافى مع ميثاقها ويثبت بوضوح التسييس الكبير الذي وصل إليه هذا الملف والافتقار لمصداقية التقارير التي تصدر بشأنه وفقدان الموضوعية والمهنية من أوجه عمله.