الثورة أون لاين _ فؤاد مسعد:
يستمر معرض الكتاب السوري ضمن مكتبة الأسد الوطنية حتى السادس من الشهر القادم ، بمشاركة ثماني وأربعين دار نشر ، ولعل من يتجول بين أجنحته يستطيع تلمس حميمة العلاقة التي تربط بين القارئ والكتاب ، ربما هو رابط خفي فيه الكثير من الشجن والشغف والحب لكسب المعرفة وعيش عوالم جديدة بكل ما فيها من حياة وبكل ما تُبطن من إلهام للعقل وغذاء للروح ، وضمن هذا الإطار يأتي شعار المعرض (كتابنا .. غدنا) ليعمّق من هذا الإحساس بكل ما يحمل من دلالات مضيئة نحو المستقبل ، ولكن كيف تلقفت دور النشر المشاركة في المعرض الشعار وما الآلية التي ترجمت من خلالها معانيه على أرض الواقع ؟.
ـ دار دلمون الجديدة : مديرة الدار عفراء هدباء:
تؤكد عفراء هدباء مديرة دار دلمون الجديدة أنهم يجسدون المعنى الحقيقي لـ (كتابنا غدنا) ضمن آلية عملهم في الدار ، تقول : (نفعل ذلك من خلال تبنينا لكتب الأدباء الشباب شعراء وقاصين، عبر مسابقات أقمناها كدار جديدة عمرها سبع سنوات ، حيث أقمنا في السنة الأولى مسابقة للشعر وفي السنة الثانية مسابقة للقصة القصيرة وكان هناك ثلاثة فائزين طبعنا لهم مجموعاتهم ، وتبنينا مسابقة القصة القصيرة جداً مع رابطة القصة القصيرة جداً في سورية وكان هناك أربعة فائزين طبعنا لهم مجموعاتهم) وتؤكد أنه منذ تأسيس الدار كانت هناك رؤية ثقافية لبناء الإنسان والعقل ليكون لها دور في الدفاع عن سورية والمساهمة في النهوض بالحالة الثقافية ، ومن هذا المنطلق جاء الحرص لتكون غير ربحية ، مشيرة إلى أنهم يضعون هامش ربح قليل جداً يضمن الاستمرار ، تقول : (أسعارنا هي الأقل بين كل دور النشر الخاصة ، وكتبنا متنوعة بين أدب وفكر ، فلدينا مجموعة من كتب الشعر وكتب القصة القصيرة والروايات إضافة إلى الكتب الفكرية ، وكتب توثّق الحرب على سورية ، كما تبنينا مجموعة من كتب لجنود في جيشنا العربي السوري ، فمن كان لديه موهبة في هذا المجال تبنيناها وقمنا بطباعة الكتب مجاناً وأقمنا حفلات توقيع لها ، كما تعاونا مع مؤسسة “وثيقة وطن” فتبنينا طباعة كتب لهم ، وهي كتاب (ميسلون) بمناسبة مرور مئة عام على استشهاد البطل يوسف العظمة ، وكتاب (مذكرات عبد الله الدنان) ، ومؤخراُ صدر كتاب (هذه حكايتي) وهو القصص الفائزة في مسابقة هذه حكايتي التي أصدرتها وثيقة وطن . وهذه كتب معروضة في جناح الدار ضمن معرض الكتاب السوري في مكتبة الأسد اليوم .
ـ نشر المعرفة :
يوضح مهند علي من (هيئة الموسوعة العربية) أن هدف الهيئة نشر العلم والمعرفة والثقافة ، فبالعلم يُبنى الوطن ، يقول : من ضمن ما نقدمه الموسوعة العربية الشاملة في جميع العلوم وتبدأ من حرف (أ) وحتى حرف (ي) وصدرت باثني وعشرين جزءاً وهي تتجه للفئة المتوسطة ، وفي نهاية كل بحث مراجع لمن يريد أن يستزيد ، وهناك مجلد فهرس ومجلد المصطلحات الفرنسية والانكليزية ، كما صدرت موسوعات متخصصة تتجه للمرحلة الجامعية حيث صدرت الموسوعة القانونية والموسوعة الطبية ، والعمل الآن على كل من موسوعة الآثار التي صدر منها المجلد السادس ، وموسوعة العلوم والتقانات التي صدر عنها المجلد السادس وتتناول شتّى العلوم (علم الحياة ، الفيزياء ، الكيمياء ، الرياضيات ، الفلك) . ويضاف إلى ذلك كتيبات أخرى تم إصدارها . وفيما يتعلق بالأسعار فهي في سعرها الحالي تُباع وفق حسومات .
ـ إقبال جيد :
يؤكد أحمد خيمي في دار الكتاب العربي إن إقبال الناس جيد في المعرض وهناك مبيعات ، وقد تم الطلب من دور النشر أن يتم عرض عناوين جديدة بحيث يكون الإصدار ما بعد عام 2015 الأمر الذي رأى أنه حد نسبياً من النشاط ولكن يشير إلى أن العناوين الحديثة تبقى جاذبة للقارئ خاصة أن غالبية مرتادي المعرض من الشباب الذين يهمهم أن يكون الإصدار جديداً . وحول كيف يمكن جذب القارئ للكتاب وما الحسومات التشجيعية التي يقدمونها ، يقول : نسعى عبر سياسة الدار إلى مساعدة القارىء ليقتني الكتاب ، فنبيع الكتب دون ربح وأحياناً أخرى بخسارة ، ولكن هذه المهنة متأصلة لدينا وعشقنا والهدف نشر الثقافة ضمن المجتمع ، وإن أردنا طباعة مطبوعاتنا اليوم ستكون شبه خاسرة ، فعلى سبيل المثال هناك كتاب يباع لدينا اليوم بخمسة آلاف ليرة وعندما حاولنا طباعة شبيهه وجدنا أن تكلفة الطباعة ستكون أعلى من ذلك بكثير .
ـ علاقة القارئ بالكتاب :
يشير منيار الحيناني من دار سين للثقافة والنشر والإعلام إلى أن الدار نشأت عام 2009 وبات لديها ما يقارب من السبعين عنوانا ، يقول : (عملنا في هذا المعرض من منطلق “كتابنا غدنا” فقدمنا حسومات تتراوح بين 35-50% لنسهّل وصول الكتاب إلى القارئ ، ولكن تكلفة الكتاب بشكل عام باتت عالية ، والقارئ فيما مضى كان يخرج من المعرض وفي يده عشرة كتب في حين هناك من يأتي حالياً ليسجل العناوين ويعود إلى منزله ليفتش عنها عبر الإنترنت فقد دخل الكتاب الالكتروني للساحة وبات من الصعوبة
بمكان السيطرة بشكل كامل على موضوع حقوق النشر ما أثر سلباً على دور النشر) وحول نوعية الكتب التي يعرضونها يقول : أملنا في هذه الفترة كبير بعودة العلاقة لقوتها بين القارئ والكتاب ، حيث تتضمن الكتب التي نعرضها تنوعاً في العناوين ، فهناك دراسات نقدية وشعر وروايات وكتب سياسة ، وغالبية الكتب لمؤلفين سوريين ، إلا أننا نواجه مشكلة ضمن هذا الإطار فالاسم المعروف هو الأكثر مبيعاً لأن القارئ يبحث عن روايات لأسماء كتّاب مُكرسين على الساحة ولا يغامر باقتناء رواية لكاتب جديد) .