فيلم (قودي سيارتي).. أن تتعثر بالحياة صدفة..!

الثورة – لميس علي:
القالب الخارجي والإيقاع الإخراجي الرتيب والبطيء بعض الشيء، لسير أحداث الفيلم الياباني (قودي سيارتي ) لن يمنع من إدراك بنية نصية، سردية، متشعبة، وغنية بالأفكار والمشاعر الإنسانية الكتيمة وغير المفهومة.
في لحظات كثيرة يتسرب إليك إحساس بحيادية منفّرة تمارسها الشخصيات على الرغم من كونها شخصيات معبّأة بغموضها وأسرارها التي تنفلش إلى أوجاع مخبّأة غير واضحة للمتلقي.
ربما يتأتّى هذا الإحساس من اعتماد صورة عامة طاغية لعموم المشاهِد لاسيما حين تصوير السيارة الحمراء وهي تسير في طرق يغلب عليها اللون الرمادي أو الأزرق الباهت.
يحكي فيلم (قودي سيارتي)، المأخوذ عن قصة للروائي هاروكي موراكامي، إخراج الياباني ريوسوكي هاماجوتشي، عن حياة الممثل والمخرج المسرحي “كافوكو” الذي يحيا حياة سعيدة، كما يبدو للوهلة الأولى مع زوجته كاتبة النصوص التلفزيونية “أوتو”.
كان يدرك خياناتها له لكنه لم يرغب بمواجهتها كي لا تفقد حياتهما هدوءها كما اعتقد..
تموت الزوجة في إحدى الليالي بعد أن أخبرته برغبتها بالحديث معه. يتأخر في عودته إلى البيت ليفاجأ حين حضوره بأنها غائبة عن الوعي.. وتموت إثر نزيف دماغي.
عند هذا المفصل من الحكاية وبعد مرور عامين نرى “كافوكو” في مدينة هيروشيما تلبية لدعوة مهرجان مسرحي. هناك يتم تعيين سائقة له لتقود سيارته وفق قوانين المهرجان.. وهنا تبدأ حكايته مع هذه الفتاة الغريبة التي تتحوّل شيئاً فشيئاً إلى قريبة بطريقة غير متوقعة.. فكلاهما يحمل في قلبه سرّ حياته معتقداً أنه تسبب بموت أقرب الناس إليه.
الطابع العام لسير تفاصيل العمل وطغيان حضور “الرمادي”، إن كان لجهة أداء الشخصيات، أو لجهة توظيف اللون الرمادي بصرياً، ليس سوى أسلوب يبدو اعتمده المخرج ليخبًئ عبره سيلاً هادراً من فيض المشاعر الإنسانية الغامضة، الشائكة، المربكة، العنيفة، وغير المفهومة.. هي كل ذلك بالآن عينه.
كلٌ يحيا حربه الخفيّة المشتعلة داخله، دون أن يبوح بها.. ويتسلح بظاهر يختلف تماماً عما يبطنه..
أولى الإشارات التي تنبئ بهذه الأسلوبية واعتمدها المخرج، كان الوجه الحيادي الذي اكتسى به “كافوكو” طوال الوقت إلا في مواقف قليلة تخلّى عنه.. مثل لحظة اعترافه للفتاة السائقة “ميساكي” بإحساسه بالذنب لعدم مصارحته لزوجته بما يشعر به.. لن يدرك أيٌ منهما أن لقاءه الآخر كان بمثابة تعثره بالحياة صدفةً.
أسلوبية إخراجية اعتمدت التناقض بين الظاهر والباطن..
ظاهر هادئ، وباطن يعتمل غلياناً ويفيض وجعاً..
لن يتوه عنها المتلقي، على الرغم من زمن العمل الذي استمر ثلاث ساعات كاملة فاضت بالكثير من التفاصيل التي تستحق الحديث عنها، مثل:
مختلف الشخصيات التي بدت ظاهرياً هادئة ومتماسكة هي بذات الوقت تكتم أوجاعاً صارخة إلا شخصية الممثلة التي أدت دور “سونيا” في المسرحية التي يخرجها “كافوكو”..
شخصية فاقدة للقدرة على النطق، بمعنى تعاني مشكلة ظاهرية، لكنها كانت أكثر الشخصيات تماسكاً وتصالحاً مع حياتها وظرفها.. هي على قناعة كاملة كما أخبرت “كافوكو” أنها تدرك أموراً لا تصفها الكلمات.. وسطور تشيخوف تجتاحها وتحرك أجزاء جسدها التي أبت الحركة.
ثمة الكثير من الأشياء التي تُحكى عن عمل مدته ثلاث ساعات ورشح لنيل أربع جوائز أوسكار.. عمل يلوذ إلى مناطق خفيّة في دواخل الإنسان يستنهضها ويعلّمها درساً عن فنون البقاء على قيد الأمل.. فليس لدينا إلا أن نستمر في العيش مهما تراكمات الصعوبات ضدنا.

آخر الأخبار
ماذا لو عاد معتذراً ..؟  هيكلة نظامه المالي  مدير البريد ل " الثورة ": آلية مالية لضبط الصناديق    خط ساخن للحالات الصحية أثناء الامتحانات  حريق يلتهم معمل إسفنج بحوش بلاس وجهود الإطفاء مستمرة "الأوروبي" يرحب بتشكيل هيئتَي العدالة الانتقالية والمفقودين في سوريا  إعادة هيكلة لا توقف.. كابلات دمشق تواصل استعداداتها زيوت حماة تستأنف عمليات تشغيل الأقسام الإنتاجية للمرة الأولى.. سوريا في "منتدى التربية العالمية EWF 2025" بدائل للتدفئة باستخدام المخلفات النباتية  45 يوماً وريف القرداحة من دون مياه شرب  المنطقة الصناعية بالقنيطرة  بلا مدير منذ شهور   مركز خدمة الموارد البشرية بالخدمة  تصدير 12 باخرة غنم وماعز ولا تأثير محلياً    9 آلاف طن قمح طرطوس المتوقع   مخالفات نقص وزن في أفران ريف طرطوس  المجتمع الأهلي في إزرع يؤهل غرفة تبريد اللقاح إحصاء المنازل المتضررة في درعا مسير توعوي في اليوم العالمي لضغط الدم هل يعود الخط الحديدي "حلب – غازي عنتاب" ؟  النساء المعيلات: بين عبء الضرورة وصمت المجتمع