أشباح القروض

الحكاية ليست جديدة، ونحن غير مُتفاجئين بها في الحقيقة، لأننا سمعنا بها من زمانٍ بعيد، وحكى لنا العديد من الضحايا كيف وقعوا في شباك عصابات تعتاش على مقاسمة القروض ومشاركتها مع المقترضين الذين سيقومون بتسديدها مع الفوائد، في حين أن أولئك الشركاء يسلبون ما يفرضونه على المقترض دون التعرض لأي خصومات، فلا ضرائب تطالهم ولا رسوم لأن نصيبهم من القرض يسرقونه دون أي توثيق، لا فاتورة ولا عقد ولا أي بيان، وإنما يحصدون حصتهم من ( رأس الكوم ) دون شوشراتٍ ولا قال ولا قيل .. !

لن نحدد – هذه المرة – بنكاً معيناً ولا عميلاً، الكل يعرف الحكاية ولا داعي لأي إسهابٍ في التفاصيل، فهناك معقبو معاملات متخصصون في تهيئة مختلف المعطيات التي تجعل ملف هذا القرض أو ذاك مقبولاً .. ليس لدى إدارة البنك المُقرض فقط، وإنما لدى مصرف سورية المركزي أيضاً، حيث تمرُّ أضابير القروض إلى المركزي ليدققها ويطمئن على سلامتها، وصحة تطبيق الشروط، فتكون بمنتهى الدقة ولا غبار عليها، وهي تكون كذلك فعلاً، فالمشكلة ليست في صحة الأوراق المطلوبة، ولا في عرقلة القرض، فالأوراق صحيحة والمركزي لا يمانع في المنح بمثل هذه الحالة، المشكلة تكون في الاتفاقات التي تُحسم تحت الطاولة لتنهش من القرض حصة موجعة.

تعود الأضابير إلى البنوك المُقرضة مكللة بالموافقات، ويشتعل الضوء الأخضر على بوابة نفاذ المقترض إلى الصندوق الذي يسلّم القرض لصاحبه ليخسر منه ( 10 % ) مهما كان مبلغ القرض، فإن كان عشرة ملايين سيدفع مليوناً، وإن كان مئة مليون سيدفع عشرة ملايين تذهب هكذا هباءً لمن عقّب معاملة هذا القرض، طبعاً هو يقدّم خدمة – صحيح أنها غير شرعية ولكنها بالنهاية خدمة – ومن الطبيعي أن يحصل على قيمة خدماته، ولكن ليس إلى هذا الحدّ، وهو يبرر ضخامة ما يحصل عليه بأنه سيقوم بتوزيع حصصٍ أخرى ينتظرها موظفو البنك الذين استجابوا وسهّلوا عملية الحصول عليه، والذين يكونون قد برعوا بمماطلة أي مقترض يتورط بطلب القرض لوحده دون الاستعانة بالمعقب، فهم لا يرفضون الطلب، ولكنهم يخترعون له العراقيل والعقبات التي تخرجه عن طوره فيتجه للبحث عن معقب ينهي له مصاعبه، ويتوافق معه بعقد إذعانٍ شفهي لا تحكمه وثيقة ولا قرينة.

إن كلّ الإصلاحات الإدارية والاقتصادية والأخلاقية لن تفيد على ما يبدو في إقناع تلك العصابات المتخفية في دهاليز البنوك كالأشباح، بأن يكفّوا عن ذلك ويمتنعوا عن خلق ذلك النمط الموبوء في التعامل الذي يقود المقترضين إما للتخلي عن القرض أو الانصياع – وعلى السكت – للشروط غير المعلنة العصية على أي ضبط ممكن.

لذلك لا داعي للمطالبة بضبط هؤلاء لأنهم ينسلّون كما ينسلّ الماء من بين أصابع كلّ من يحاول القبض عليها، ولا حلّ معهم سوى باعتماد الأتمتة التي تمنع احتكاك الأطراف، وإلزام البنوك بإيضاح الشروط ومختلف الأوراق المطلوبة من ألفها إلى يائها، دون إغفال أي منها، لأن إغفال ورقة بسيطة يعني إفشال القرض بالكامل، ومن ثم اعتماد مبدأ الدفع الإلكتروني للقروض الذي يلزم البنك بتحويل القرض كاملاً إلى حساب المقترض.

وإلى أن يحصل ذلك، أو أن يحصل أي حلّ آخر ستبقى القروض منهوشة .. وعقود الإذعان تُبرم في كلّ يوم بحبرها السري الذي لن يراه أحد إلا من امتلك شيفرة إظهاره.

آخر الأخبار
٥٠ منشأة صناعية جديدة ستدخل طور الإنتاج قريباً في حمص الإعلام على رأس أولويات لقاء الوزير مصطفى والسفير القضاة وزير الإدارة المحلية والبيئة يوجه بإعادة دراسة تعرفة خطوط النقل الداخلي سجن سري في حمص يعكس حجم الإجرام في عهد الأسد المخلوع ميشيل أوباما: الأميركيون ليسوا مستعدين لأن تحكمهم امرأة لجنة السويداء تكسر الصمت: التحقيقات كانت حيادية دون ضغوط الضرب بيد من حديد.. "داعش" القوى المزعزعة للاستقرار السوري من الفيتو إلى الإعمار.. كيف تغيّرت مقاربة الصين تجاه دمشق؟ انفتاح على الشرق.. ماذا تعني أول زيارة رس... تفعيل المخابر والمكتبات المدرسية.. ركيزة لتعليم عصري 2.5 مليار يورو لدعم سوريا.. أوروبا تتحرك في أول مؤتمر داخل دمشق مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟ فيدان: ننتظر تقدّم محادثات دمشق و"قسد" ونستعد لاجتماع ثلاثي مع واشنطن وفود روسية وتركية وأميركية إلى دمشق لمناقشة ملف الساحل وقانون "قيصر" رغم نقص التمويل.. الأمم المتحدة تؤكد مواصلة جهود الاستجابة الإنسانية بسوريا بين "داعش" و"قسد" وإسرائيل.. الملفات الأمنية ترسم ملامح المرحلة المقبلة المنطقة الصحية الأولى بجبلة.. نحو 70 ألف خدمة في تشرين الأول تفجير المزة.. هل حان وقت حصر السلاح بيد الدولة؟ عودة محطة بانياس.. دفعة قوية للكهرباء واستقرار الشبكة نحو شوارع أكثر نظافة.. خطوات جديدة في حلب