الثورة – غصون سليمان:
سبق وأكدنا مراراً على دور الأسرة في البناء والنهوض بالواقع. من حيث مفهوم التوعية والتربية والقيم.
لكن يبقى تحصين الأسرة مادياً واجتماعياً وثقافياً هو الأساس الذي يساعدها على نسج علاقات إيجابية مع الأبناء والمحيط من مدارس ومؤسسات تربوية، فالأب والأم هما عصب الاستقرار والتوجيه، وأهم دائرة للأمان النفسي والصحي والاجتماعي، ما يجعل التأثير على الأبناء في مرحلة التنشئة الأولى يخضع إيجاباً أو سلباً لما يتمتع به رأس هرم الأسرة من راحة وتمكين اقتصادي.
في هذه الظروف القاهرة رأينا كيف تراجع دور الأهل إلى حد ما من ناحية التأثير الإيجابي على الأبناء. وباتت الشكوى من عدم القدرة والسيطرة عليهم سيدة الموقف وحديث كل لسان إذ لم تعد الأسرة وحدها مسؤولة عن هؤلاء في ظل فضاء أزرق وانفتاح تقني مخيف على جميع المستويات. فبات من الصعب مبدأ المراقبة لأن تعاطي الجيل مع تقنيات العصر عبر شبكات التواصل الاجتماعي جعلهم مستهلكين أصيلين لمجمل برامج التكنولوجيا، وبالتالي باتت حرية القرار بأيديهم أكثر من والديهم. لطالما أصبح كل شيء شبه مؤتمت يعتمد على القدرات الذاتية وما تتطلبه عمليات التعليم، وبرامج العمل وغيرها من متطلبات الحياة.
ولعل الصعوبة اليوم لم تعد تتعلق باستخدام التقنيات وإنما بطريقة تأمين هذه الأدوات من أجهزة موبايل ولابتوبات وحواسيب بسبب الحصار الاقتصادي الجائر وارتفاع أسعارها والغلاء الذي طال كل شيء، ما دفع العديد من العوائل والأسر من ذوي الدخل المحدود للتحايل على الظروف قدر المستطاع لستر الحال والخروج من دائرة الخوف والقلق.
إحدى السيدات المتقاعدات اضطرت لأخذ قرض من إحدى المصارف لشراء لابتوب لابنتها طالبة الهندسة والذي يقدر بالملايين. وهناك من اشترى بالتقسيط القسري وبكفالة أحد الأقرباء جهاز موبايل بمليون و٤٠٠ ألف ل.س لطالب الجامعة في السنة الأولى، وقس على ذلك الكثير من الأعباء المختلفة التي أرهقت كاهل الأسرة، فبات وجود طفل واحد في البيت يستنزف كامل الراتب لوحده، فما بالنا ممن لديهم طالبان أو أكثر في الجامعة فهل نتخيل حجم المصاريف من طعام وشراب ولباس وأجور نقل، واستئجار غرف للسكن نظراً للضغط على السكن الجامعي بحكم الهجرة والنزوح.
لقد أثرت الضغوطات المختلفة على واقع المجتمع السوري ما انعكس سلباً على تكوين الأسرة والدور المنوط بها.