كلود مونيه.. قناص اللون الساحر

الملحق الثقافي – مها محفوض محمد:
هو رائد المدرسة الانطباعية في الفن، فقد اشتق اسم هذه المدرسة من إحدى لوحاته الفنية.
في محطات حياته كما تتحدث المواقع عنه أنه ولد : في14/11/1840م والذي كان من أبرز زعماء طريقة الرسم في الهواء الطلق، وأحد أشهر مؤسّسي الانطباعية. في بداية حياته عشق البحر وظل شغوفاً به طوال حياته. وعندما بلغ سن الخامسة عشرة كان قد برع في الرسوم الكاريكاتورية، حتى اشتهر إلى الحدِّ الذي جعلهُ يتكسَّب منها عندما كان يرسم الوجوهَ مقابل عشرين فرنكاً للرسم الواحد. في عام1859م سافر إلى باريس للالتحاق بالأكاديمية السويسرية. وفي العام التالي التحقَ بالجيش وأرسل إلى الجزائر، ومن هناك كتب يصف وقع الألوان الشديدة والألوان المتوهّجة في هذه البلاد الشرقية على نفسهِ. ولكن أصابته بحمّى التيفوئيد عجّلت بتسريحهِ من الجيش، فغادر إلى باريس ليواصلَ تعلمهُ للفنِّ، وهناك توطّدت علاقته مع بعض الفنانين الشباب أمثال أوجست وفي عام 1874، خرج مع أصدقائهِ للرسم عن الطبيعة في غابة فونتينلو . وعندما بدأت الحرب الفرنسية الرُّوسيّة سافر مونيه إلى إنجلترا هارباً من هذه الحرب، وهناك عكف على رسم المناظر الطبيعيّة في حدائق لندن. وفي العام نفسه (1874م)رُفضت أعمال مونيه وأوجست وغيرهم من الفنانين ممّا حدا بهم لإقامة معرض مُستقلّ لهم . إنجازات كلود مونيه: رحل مونيه عن فرنسا إلى إنكلترا بعد اندلاع الحرب الفرنسية الروسية، ولمّا عاد إليها عام 1872، قرَّر الإقامة في أرجنتيويل، إحدى المدن الصغيرة بالقرب من باريس. وخلال تلك الفترة، زار الكثير من أصدقائه الفنانين، وتعاون مع عدد منهم لتأسيس جمعية للفنّانين والنحّاتين والنقّاشين، وكان ثمرة هذا التعاون إقامة معرض فنِّي لعرض جميع أعمالهم.
رسام الحدائق
كان يحب الرسم في الهواء الطلق ولاسيما في الحدائق، كما شكَّلت زنابق الماء في برك المياه عنصرًا مهمّاً في بعض اللَّوحات التي رسمها في تلك الفترة. أشهر أقوال كلود مونيه: عزائي الوحيد في هذه الدنيا هو وقوفي مباشرة أمام الطبيعة أثناء الرسم ، وقد سعيت من وراء ذلك الى تصوير انطباعاتي عن تلك اللَّحظات سريعة الزوال فيها . حقائق سريعة عن كلود مونيه: حاول الفنان مونيه الانتحار في عام 1868 ،بعد ولادة طفلهِ الأول بسنة واحدة ، فحاول أن يغرق نفسه في نهر السين. وفي عام 1918، تبرَّع الفنان مونيه باثنتي عشرة لوحة من لوحاته المرسومة بالألوان المائيّة إلى فرنسا احتفاءً بالهدنة في أعقاب الحرب العالمية الأولى. ادّعى كلود مونيه في مقابلة أجريت معه بأنَّ الرسام الفرنسي، إدوارد مانيه، كان يبغضه؛ لأنَّ الناس اعتادوا أن يخطئوا بين اسميهما. عن كلود مونيه الذي يرسم كما يغنّي الطير: شيئاً فشيئاً استطعت أن أفتح عيني، وأن أتفّهم الطبيعة كلود مونيه. لمونيه علاقة فريدة مع الطبيعة وعناصرها. فقد تناغم معها بطريقةٍ ساحرةٍ عبرت عن شغفه بها، حيث قدّم لوحات تنبض بالحياة نكاد نشعر أثناء مشاهدتها بالهواء النقيّ ورذاذ الموج على وجوهنا، وكذلك أصوات أشرعة القوارب عندما تحتكُّ بالهواء. فمونيه لم يرسم الطبيعة في غرفة مُغلقة، بل كان يصوّر لوحاته في الهواء الطَّلق، وكان لديه رحلات للرسم في الطبيعة مع أصدقائه الفنانين. فقد كتب صديقه فريدريك بازيل إلى والدته قائلاً:»لقد أمضيت ثمانية أيام في قرية شيلي الصغيرة بالقرب من غابة فونتانبلو، وكنت بصحبة صديقي مونيه، وهو متميّز في تصوير المناظر الطبيعيّة. وقد أعطاني بعض النصائح. في تلك الرحلة مع صديقه بازيل أنجز مونيه لوحة «مصبّ نهر السين عند هونفلور» في العام 1865. هذه اللَّوحة وغيرها من لوحات البحر تظهر لنا مدى تعلُّق مونيه بالبحر. فلوحة (مصبّ نهر السين عند هونفلور)على وجه الخصوص، تجعلنا نشعر أنَّنا مكان مونيه. نتأمّل أمواج البحر العالية، ونستمع لأصوات الصيّادين في المراكب الشراعية الممزوجة بأصوات النوارس التي تحوم في الأعلى، وذلك بالقرب من الغيوم البيضاء الخفيفة في وقت الظهيرة، والسماء زرقاء ومُضيئة. أبرز أعماله: شروق الشمس . مستنقع الضفادع. نساء في حديقة. مجموعة من الصور. الفطور. مناظر طبيعية في «أرجونتوي وفيتوي
كلود مونيه معلم الانطباعية قدمه (غراند باليه) في باريس في أكبر معرض فرنسي الأول من نوعه منذ ثلاثين عاماً.
لقد كان حدث العام 2010 في باريس، العرض التاريخي الخاص بأحد مشاهير الفن في العالم صاحب «أزهار النيلوفر»، قناص الألوان الرائد في الكلاسيكية والحداثة العبقري دون شك رسام لوحة «جيفرني».
لقد أراد مع أصدقائه بازيل ورينوار وبيسارو وسيسلي وعلى طريقته الخاصة إعادة اكتشاف العالم ووصف الحقيقة بالرسم كما كان يدركها من خلال إحساسه النقي في تلك المرحلة التي كانت المطالبة خلالها بالموضوعية بمثابة عمل ثوري وكان مونيه يدفع بالتأمل إلى أبعد حدوده وخلال ستين عاماً من عمله لم يتوقف عن التجديد والإبداع.
مونيه الذي مشّط شواطئ النورماندي ليس هو ذات الفنان المأخوذ أو المفتون بألوان المتوسط كما أنه المختلف عن ذلك الوقور في لوحة جيفرني.
بدأت مغامراته عندما بلغ التاسعة عشرة حيث أقام في باريس والتقى برفاق العمل سيسلي ورينوار وبيسارو وكان دائم البحث عن مواقع جديدة لم تستقر في مكان من فونتين بلو إلى اونفلور إلى… إلى باريس وضواحيها وكان حيث يحلو له ينصب حاملة رسمه وسط الطبيعة ويبدأ العمل ملتقطاً تبدلات السماء وانعكاسات الظل على الماء وآنية الضوء السريع الزوال.
وفي تلك الفترة عاش مونيه مرحلة بؤس فحين كانت ترفضه المعارض الرسمية كان ينظم معرضاً جماعياً كما حدث في معرض نيسان 1874 في مشغل قديم للمصور نادار في باريس.
وقد كتب يومها محرر الأخبار لويس ليروي في صحيفة شاريفاري منتقداً لوحات مونيه «انطباع شروق الشمس» وفيها رؤية للرسام من مرفأ الهافر وكأنها صورة التقطت مع ضباب الصبح لتغدو بعدها اللوحة -دون علم صانعها- شعار الرسم الجديد ولتولد معها الحركة الانطباعية.
في عام 1880 يروق الأفق أمام مونيه ويلتقي تاجر اللوحات بول دوران رويل الذي يبدأ بشراء اللوحات بانتظام لعرضها في نيويورك ليذهب الرسام إلى هناك وتقوده الصدف لاكتشاف قرية جيفرني حيث أقام هناك في العام 1883 وكان عمره 43 عاماً ورسم لوحاته الشهيرة فأكوام القش الموجودة على مقربة من منزله هي التي حددت علامات المشهد في لوحة جيفرني الشهيرة وفيها يركز على قوة الإضاءة وحجمها المطابق لأوقات مختلفة من النهار ومن أيام السنة ومع حرارة الصيف واحمرار الخريف أو تحت برد شمس شتوية كاشفاً في كلّ مرة عن نسق لوني لم يسبق له مثيل.
لقد انطلق مونيه من مبدأ العمل الفريد المنجز في الهواء الطلق كما نقلت أعماله فلسفة خاصة عبرت عن سريرة وإيحاء خاص قاده إلى إنجاز لوحته «أزهار النيلوفر».
في عام 1909 أقيم معرض ضم حوالي خمسين لوحة له ما أثار جدلاً واسعاً وكان انتصاراً له.
يتمتع مونيه بشعبية كبيرة فهو الرسام المفضل لدى الفرنسيين واليابانيين والأميركيين.
يقول غي والد نستين صاحب معرض في نيويورك:
لقد جذبت لوحات مونيه في نيويورك أكثر من خمسين ألف زائر وكان الزوار يقفون لمدة ساعتين للدخول إلى المعرض ويعلق المؤرخ ميشيل باستورو بالقول:
رسوم مونيه نحسها ونميزها فهي لا تتطلب كثيراً من الزاد الثقافي وعندما نتجول عادة في المتاحف نتدرج بين ألوان داكنة مزعجة من العصر الوسيط إلى القرن العشرين لكن حين نصل إلى صالات الانطباعيين نجد الألق وتشرق الألوان لذلك يذهب الزائرون كعائلات لرؤية لوحات مونيه.
فان غوخ يجسد الألم بكلّ معانيه، أما مونيه فيشعرك بالراحة والسعادة فعنده تجد الشتاء دافئاً والماء هادئاً والضوء جذاباً. لقد أمضى سنين في تصويب إحساس البصر للحظته وحين تقف أمام لوحاته فأنت أمام لوحة ناطقة تنبض بالحياة.
في هذا المعرض الذي ينتظر أكثر من نصف مليون زائر يجعل مونيه بين أهم خمسة معارض في أوروبا واقتباساً من لوحة «نساء في الحديقة» صنع العطار فرانسيس كوركدجان شمعة كبيرة أنيقة خاصة بالمعرض كتب عليها:
هذه اللوحة التي رسمها مونيه في شبابه نقرأ فيها غمغمة، نحس فيها بارتعاد وهذا ما يثير المشاعر لقد انطلقت من باقتي الورد اللتين يحملهما الرجل الواقف أمام امرأة جالسة وبجانبها أزهار وأعشاب زينة وترى ظلاً رطباً في اللوحة يأتيك برائحة أغصان مقطوعة.
إن هواة التاريخ يثمنون في مونيه قربه من عصره وعلاقاته مع الأوساط الأدبية وصداقته مع كليمانصو وموهبته في لوحة «النيلوفر» التي تحتفي بانتصار 1914، أما هواة الديكور فيعشقون المقاعد التي يرسمها ونساؤه تحت المظلات ما يوحي بفن معين من الحياة.
العدد: 1099 تاريخ: 14 – 6 – 2022

آخر الأخبار
Al Jazeera: لماذا تهاجم إسرائيل سوريا؟ الأمم المتحدة تدعو للتضامن العالمي مع سوريا..واشنطن تقر بمعاناة السوريين... ماذا عن عقوباتها الظالمة... دراسة متكاملة لإعادة جبل قاسيون متنفساً لدمشق " الخوذ البيضاء" لـ "الثورة: نعمل على الحد من مخاطر الألغام ما بين إجراءات انتقامية ودعوات للتفاوض.. العالم يرد على سياسات ترامب التجارية "دمج الوزارات تحت مظلّة الطاقة".. خطوة نحو تكامل مؤسسي وتحسين جودة الخدمات بينها سوريا.. الإدارة الأميركية تستأنف أنشطة "الأغذية العالمي" لعدة دول The NewArab: إسرائيل تحرم مئات الأطفال من التعليم الشعير المستنبت خلال 9 أيام.. مشروع زراعي واعد يطلقه المهندس البكر في ريف إدلب برونزية لأليسار محمد في ألعاب القوى استجابة لمزارعي طرطوس.. خطّة سقاية صيفيّة إيكونوميست: إسرائيل تسعى لإضعاف وتقسيم سوريا المجاعة تتفاقم في غزة.. والأمم المتحدة ترفض آلية الاحتلال لتقديم المساعدات أردوغان يجدد دعم بلاده لسوريا بهدف إرساء الاستقرار فيها خطوة "الخارجية" بداية لمرحلة تعافي الدبلوماسية السورية  الشرع يترأس الاجتماع الأول للحكومة.. جولة أفق للأولويات والخطط المستقبلية تشليك: الرئيس الشرع سيزور تركيا في الـ11 الجاري ويشارك في منتدى أنطاليا بعد قرارات ترامب.. الجنيه المصري يتراجع إلى أدنى مستوياته الأمم المتحدة تحذر من انعدام الأمن الغذائي في سوريا.. وخبير لـ" الثورة": الكلام غير دقيق The Hill: إدارة ترامب منقسمة حول الوجود العسكري الروسي في سوريا