الثورة – يمن سليمان عباس:
أن تكون حياتك الوظيفية التي بدأتها منذ نصف قرن وأنهيتها بسلام جزءاً من المشهد الإبداعي، وكان هو أيضاً زميلاً لكنه يرحل إلى تخصصه العلمي في الهندسة، لكنه لا يترك حبر الإبداع ولا الصحيفة.
إنه الزميل الروائي أيمن الحسن الذي نتابع إنتاجه الإبداعي بشغف بدءاً من دفاتر الزفتية مروراً بباب الجابية وصولاً إلى الرواية التي هي موضع حديثنا (خطوات الماء السبع) القيمرية عام ١٩٨٢.
قد يكون السؤال لماذا عام ١٩٨٢ هل لأنه بنى عليها من خلال الحرب التي كانت قاصمة الظهر في العمل العربي وسقطت فيها ثاني عاصمة عربية بيروت بعد القدس، نعني غزو الكيان الصهيوني للبنان وما نتج عنه.
ترافق هذا أيضاً مع بداية التوجه الفكري للكاتب وانغماسه في الحياة العملية والثقافية وأيضاً وقوعه في الحب وما ينقله لنا من صور ليست شخصية إلا بمقدار وجوده فيها.
الشخصية الرئيسية التي تدور حولها الرواية لا يخفيها الكاتب هي ذاته أيمن الذي قدم الكثير من الوصف وكان جريئاً وكأنه يريد أن يلقي عن كاهله أثقالاً حملها نصف قرن وربما يقول أنا جان جاك روسو في القيمرية.
أربع شخصيات محورية تبدو في مسار العمل الروائي كأنها تمثل حياتنا كلها، زويا الحبيبة الساحرة التي تغيب وتظهر، وروحية التي تنهي حياتها بالانتحار فلم تعد تستطيع تحمل خيبات الحياة.
وكم شعرنا بالألم حين تمنت لو أن أختيها اللتين كانت لهما أماً شكرتاها بكلمة واحدة، أو أن أباها قد طبع قبلة على جبينها ذات يوم أو ابن عمها الذي كان الفاتك بكل شيء ولكل شيء.
وفريدة الحبيبة التي لا تبالي بمن أحبها ومن شخصيات الأخوة كما يسميها أخوة العمل الفكري.
وإذا كانت القيمرية مكاناً للأحداث مع باب توما فإن قسم التصحيح في صحيفة الثورة الذي عمل فيه الكاتب يبدو محورياً من خلال الشخصيات التي يستذكرها رئيس القسم محمد رجب عباس وحسن قطريب وحسن حسن وغيرهم.
الرواية رسالة وعي سياسي جاءت بوقت نحتاج فيه إلى إعادة مثل هذا التفكير القومي والاشتغال على وعي مغاير لما يقدمه الغزو الإعلامي.
رواية تقول الكثير ويمكن أن تكون ذات يوم شريطاً سينمائياً يوثق ما حدث.