الثورة – متابعة عبد الحميد غانم:
زوال كيان “إسرائيل” هدف يجتمع حوله الفلسطينيون والعرب والأحرار في العالم، نظراً لما يسببه هذا الكيان من كوارث ومتاعب ومشكلات ليس في فلسطين المحتلة فحسب، بل في المنطقة العربية والعالم أيضاً، وهو أمر يثير رعب القوى الاستعمارية الغربية التي تسعى بكل طاقتها لضمان بقاء هذا الكيان للحفاظ على مصالحها، كما أصبح هذا الأمر يثير أيضاً رعب المستوطنين الإسرائيليين أنفسهم خاصة في ضوء التطورات الراهنة، حيث تعززت من خلالها مواقع جبهة الصمود والمقاومة للمشروع الصهيوني الأميركي الغربي المستمرة، ولم تتوقف ومازالت مستمرة منذ قيام هذا الكيان الغاصب وحتى الآن.
وقد شكل زوال الكيان هاجساً وأرقاً لحكام العدو نظراً لما يحمله الكيان من عوامل ذاتية وخارجية تهدد بإمكانية زواله في المستقبل القريب، ويتنبأ كثيرون من الإسرائيليين أن عمر كيانهم لن يدوم، وهذا الكيان الغاصب الذي قام في 14 أيار عام 1948 بعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين واحتلال الأرض العربية، في طريقه إلى الزوال خلال القرن الحالي، وذلك استناداً إلى مؤشرات تاريخية.
وفي الوقت نفسه، يمكن للصهيونية أن تحاول استغلال هذه النبوءات والتوقعات وتوظيفها في خدمة أهدافها العدوانية والاستيطانية لتوحيد القوى الاستعمارية إلى جانبها، واستمرار دعمهم لها، وكذلك جمع المستوطنين تحت غاياتها الخبيثة ومنع معارضتها في سياساتها ضد المنطقة، وتعطيل أي توجه نحو السلام.
زوال “إسرائيل” كان موضوع الندوة السياسية التي دعت إلى عقدها مؤسسة القدس الدولية (سورية) واللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني، ومقاومة المشروع الصهيوني، وتحالف القوى والفصائل الفلسطينية بدمشق بعنوان: معطيات زوال “إسرائيل” ، وألقى المحاضرة فيها الكاتب والباحث شادي دياب، وذلك في المركز الثقافي العربي بأبي رمانة أمس الأربعاء.
– دياب: المشكلة الديمغرافية والصراع الداخلي من أسباب زوال الكيان..
يرى الباحث دياب أن هذا الرعب ومخاوف ما سمي بـ «لعنة العقد الثامن» كما يسميها الإسرائيليون، إنما يرجع إلى الخوف من تكرار التاريخ نفسه؛ إذ يقارنون بين وجود كيانهم الاستيطاني الحالي مع ادعاءات قديمة لا أساس لها من الواقع، ويوضح الباحث دياب في محاضرته أن تسمية الكيان الاستيطاني الحالي كان نتيجة نقاش بين المستعمرين اليهود والاختيار من عدة أسماء منها: يهودا، وصهيون.
وعدَّد الباحث دياب مجموعة من المعطيات التي تدل على زوال الكيان.. أولها المشكلة الديمغرافية في الكيان، وفشل تحقيق الانسجام بين المستوطنين الذين هاجروا من بقاع مختلفة في العالم يحملون هويات وثقافات ولغات وأحوال وغايات مختلفة ومتباعدة، ولم يستطع هذا الكيان أن يحقق التوافق فيما بين هذه الجماعات التي هجرت من مختلف بقاع العالم، وأشار الباحث إلى أن ذلك الاختلاف انعكس صراعاً وتنافساً عنيفاً تشهده اليوم أروقة السياسة والسلطة داخل الكيان بين التيارات السياسية والعرقية والدينية، فمثلاً بين الأشيكناز والسفارديم والحرادين، وبين اليمين واليسار، وبين العلمانيين والمتدينيين، وبين القطاعات المدنية والعسكرية وغيرها.
ونوَّه الباحث بأن الإعلام الصهيوني يخفي حقيقة هذه الصراعات والاختلافات، ويمنع أي معلومات حولها داخل الكيان وخارجه، وأكد أن الهجرة المعاكسة للمستوطنين من الكيان عند حدوث الأزمات والحروب تعد من أبرز المعطيات التي تدل على أن مستوطني الكيان لا يحملون أي انتماء لإسرائيل ولايؤمنون بمستقبلها، ولا شيء يربطهم بها إلا مصالحهم ورفاهيتهم وعندما تنتهي يغادرون الكيان سريعاً إلى موطنهم الأصلي أو إلى أي بلد يرون فيه مصلحتهم.
– المقاومة وموقف سورية الداعم لها عامل أساس..
واعتبر الباحث دياب أن المقاومة الفلسطينية المستمرة للاحتلال وللمشروع الصهيوني داخل فلسطين المحتلة وفي محيطها العربي والعالم هي العامل الأساس المساعد لزوال الكيان الإسرائيلي، منوهاً بالموقف البطولي لسورية العربية المساند للمقاومة الفلسطينية، وتكاد تكون الوحيدة في المنطقة إلى جانب الموقف الإيراني الداعم للمقاومة في مواجهة هذا المشروع العدواني والاستيطاني.
وأكد على ضرورة توحيد الصف الفلسطيني المقاوم والتسامي على الخلافات، والاستفادة من دعم سورية وإيران والأحرار في الوطن العربي والعالم لاستمرار المقاومة ومواجهة الاحتلال والتصدي لعدوانه وأطماعه التوسعية والعنصرية كسبيل رئيس في زوال هذا الكيان الغريب عن فلسطين والمنطقة، وأن يستعيد الشعب الفلسطيني أرضه وحقوقه كاملة وتنتهي بزواله كوارث المنطقة ومحنتها.
وعرض الباحث بعض المؤشرات التاريخية والدينية التي لا تستند إلى أدلة دامغة حول نبوءات زوال كيان الاحتلال.
– د. أسعد: الأجيال لن تنسى قضية فلسطين..
وقد أدار الندوة الدكتور يوسف أسعد عضو مجلس إدارة مؤسسة القدس (سورية) الذي أكد على أهمية صمود أصحاب الأرض ومقاومتهم للاحتلال بدعم الأشقاء والأصدقاء باعتباره أساس إزالة كيان إسرائيل، مشيراً إلى أن الأجيال الفلسطينية والعربية لن تنسى قضية فلسطين، وكما تؤكد سورية دوماً فإن قضية فلسطين ستبقى القضية المركزية للأمة العربية ولجميع أحرار العالم.
– د. المفتاح: مقاومة أصحاب الأرض كفيلة بزوال الاحتلال..
وفي مداخلات عدد من الحضور، وفي مقدمتهم الدكتور خلف المفتاح والدكتور سليم بركات، انتقدوا بعض الطروحات التي قُدِّمت ولا تستند إلى مؤشرات علمية، وتكتفي بالسرديات الدينية، وأكدوا على ضرورة البحث والتفكير للتصدي لمثل هذا الموضوع، وشددوا على ضرورة تركيز الباحث على نقاط ضعف الكيان ونقاط قوة الفلسطينيين ومقاومتهم وصمودهم باعتبار أن هذا العامل هو أساس في زوال الكيان.
وأكد الدكتور المفتاح أن الكيانات الاستعمارية والاستيطانية في العالم منها أُزيل بسبب مقاومة أصحاب الأرض وإصرارهم على زوال الكيان العنصري كما حصل في جنوب أفريقيا، ومنها ما يزال كما هو حال الكيان الاستعماري الأميركي لأن الشعب الأصلي لم يقاوم الغزاة الغرباء، وقال: كلنا ثقة بأن الشعب الفلسطيني المقاوم للاحتلال وللكيان الغاصب وبدعم سورية والأصدقاء والأحرار في العالم سيسهم في زوال الكيان.
– بركات: القنبلة الديمغرافية..
ونوَّه الدكتور سليم بركات الباحث والأستاذ الجامعي بأن استمرار المقاومة الفلسطينية أسقط مقولة هرتزل وبن غوريون أن “فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، وأن العوامل القوية لإزالة الكيان لاتعرف الأديان وإنما بالقنبلة الديمغرافية والإرادة العربية الصلبة بدعم المقاومة الفلسطينية حتى تحرير الأرض المحتلة وعودة الحقوق كاملة.
– مداخلة لـ “الثورة”: خديعة صهيونية..
أيضاً صحيفة “الثورة” كان لها مداخلة حول هذا السياق، وناقشت الباحث في أفكاره ورؤيته، وانتقدت الرؤى التي لا تستند إلى رؤية تحليلية علمية تقارب الواقع وتحاكي المستقبل، لأن تناول هذا الموضوع يحتاج إلى تحليل معمَّق يستند إلى مؤشرات ودلالات يمكن من خلالها أن نربط الأحداث والتطورات في الماضي والحاضر تساعدنا على استقراء المستقبل، فلا يكفي الحماس.. فالموضوع بحاجة إلى اطلاع واسع، ونظرة معمَّقة، كما يتطلب البحث تجنب الاستناد إلى نبوءات وروايات تاريخية ودينية اعتمدها البعض على مؤشرات لم تراعِ الأسباب الحقيقية للزوال.
كما أن بث ونشر هذه النبوءات الإسرائيلية التي تقول بقرب زوالها، يمكن أن تعد جزءاً من استراتيجية صهيونية خبيثة وخديعة يستغلها الكيان لإثارة الرعب بين المستوطنين في الكيان، ولمنع المعارضة المحلية، ودفع المستوطنين للالتفاف حول سلطة الكيان، كما أن إثارة مثل هذه النبوءات في الغرب يضمن بقاء واستمرار الدعم المالي، والعسكري، والسياسي لكيان إسرائيل.
حضر الندوة الدكتور خلف المفتاح مدير عام مؤسسة القدس الدولية (سورية)، والدكتور صابر فلحوط رئيس اللجنة الشعبية لدعم صمود الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني، وممثلون عن فصائل المقاومة الفلسطينية، ولفيف من الإعلاميين والمثقفين والمهتمين.