الثورة- ناصر منذر:
مشكلة اللاجئين الفلسطينيين الذين هجرتهم العصابات الصهيونية، والعمل على ترجمة حقهم المشروع في العودة إلى أرضهم وديارهم، لم تزل تمثل أبرز التحديات أمام المجتمع الدولي، إذ تضمن ميثاق منظمة الأمم المتحدة نصوصاً واضحةً بشأن حقوق الشعب والأفراد، حيث عبر في مقدمته عن ” إيمان الأمم المتحدة بالحقوق الأساسية للإنسان، وبكرامة الفرد وقدْرِه، كما أكدت المادة الأولى من الميثاق على وجوب ” احترام المبدأ الذي يقضي بالتساوي في الحقوق بين الشعوب، وبأن يكون لكل منها حق تقرير مصيرها”.
اليوم تصاف الذكرى الرابعة والسبعين لصدور قرار الجمعية العام للأمم المتحدة رقم “194” الذى صدر فى مثل هذا اليوم من عام “1948” وأكد على حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم، حيث جاء هذا القرار لإنصاف الشعب الفلسطيني بعد المجازر والمذابح التي نفذتها العصابات الصهيونية عام 1948 بتواطؤ من القوى الاستعمارية المتتالية منذ وعد بلفور حتى صدور قرار التقسيم، مروراً بعصبة الأمم والانتداب البريطاني على فلسطين، وما تعرض له الشعب الفلسطيني طوال تلك الفترات من عمليات قتل وتهجير قسري، ومآس كبيرة لم تتوقف منذ النكبة وحتى اليوم.
القرار رقم 194 الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثالثة من عام 1948 ينص على “وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وكذلك عن كل فقدان أو خسارة أو ضرر للممتلكات، بحيث يعود الشيء إلى أصله وفقاً لمبادئ القانون الدولي والعدالة، بحيث يعوّض عن ذلك الفقدان أو الخسارة أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة”. ولكن هذا القرار لم يترجم على أرض الواقع حتى اليوم بسبب عدم تنفيذ الكيان الغاصب للقرار المذكور، وتقاعس المجتمع الدولي في إلزامه بالتنفيذ، إضافة إلى التشجيع الأميركي المستمر لكيان الاحتلال كي لا ينفذ أي من التزاماته بموجب قرارات الشرعية الدولية.
ومن هنا فإن حق العودة هو حق الفلسطيني الذي طُرد أو خرج من وطنه لأي سبب بدءاً من عام 1948 أو ما بعد ذلك، في العودة إلى الديار أو الأرض أو البيت الذي كان يعيش فيه حياة اعتيادية قبل 1948، وهذا الحق ينطبق على كل فلسطيني سواء كان رجلاً أو امرأة، وينطبق كذلك على ذرية أي منهما مهما بلغ عددها وأماكن تواجدها ومكان ولادتها وظروفها السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وهذا الحق غير قابل للتصرف، وهو مستمد من القانون الدولي المعترف به عالمياً،وهو مكفول بمواد الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر في 10 كانون الأول 1948.
في عام 1971 أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها 2787 الصادر في 6/12/1971 ” شرعية نضال الشعوب لتقرير المصير والتحرر من الاستعمار والسيطرة والتسلط الأجنبيين، ولاسيما في جنوب أفريقيا وفي فلسطين بكل الوسائل المتوافرة والمنسجمة مع الميثاق”. كما أكدت الجمعية العامة جميع القرارات المتخذة في السنوات السابقة، وعبرت في قرارها رقم 2792 عن ” قلقها البالغ لعدم السماح لشعب فلسطين بالتمتع بحقوقه الثابتة التي لا يمكن التخلي عنها، ولعدم ممارسته حق تقرير المصير”، وبذلك تكون الجمعية العامة قد أكدت للشعب الفلسطيني حقه في النضال المشروع لانتزاع حقوقه المشروعة من مغتصبيها.
رغم ما يعانيه أكثر من ستة ملايين فلسطيني في أرض الشتات، فإنهم اليوم أكثر تمسكا بحق العودة إلى وطنهم وديارهم، ويؤكدون على ذلك من خلال مسيرات العودة التي تجري كل عام، من أجل تكريس هذا الحق، وفي ظل تقاعس المجتمع الدولي، والدعم الأميركي والغربي اللامحدود للكيان الصهيوني، فإن خيار المقاومة يبقى السبيل الأنجع لاستعادة الحقوق الفلسطينية، وعلى رأسها تحرير الأرض، وعودة اللاجئين.