الثورة- ترجمة ميساء وسوف:
مر عام تقريباً على بدء الحرب في أوكرانيا، ولا يزال الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة غارقاً في صراع من صنعه، لكنه ومع ذلك، يفكر بالفعل في حرب أخرى.
في مؤتمر ميونيخ للأمن (MSC) في 18 شباط الفائت، نشر الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ القلق، وربط الصراع الروسي الأوكراني الجاري بالصين، وحذر من أن ما يحدث في أوروبا اليوم يمكن أن يحدث في آسيا غداً، وهو ما يعتقد الكثيرون أنه إشارة إلى مخاوف بشأن الحرب في جزيرة تايوان.
قال ستولتنبرغ ما كان يدور في ذهن واشنطن، وبصفته أحد أتباع الولايات المتحدة السياسيين، فإن الناتو يحقق إرادتها، وفي المؤتمر أيضاً، زعمت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس أن دعم الصين لروسيا في الصراع سوف يكافئ “العدوان”، من الواضح أن واشنطن لا تحاول فقط استنزاف القيمة الجيوسياسية للأزمة الأوكرانية، ولكنها تدعو الجميع أيضاً لإلقاء اللوم على الصين.
يتكلم الناتو والولايات المتحدة بنفس اللهجة لتقوية ما يسمى بالتهديد من روسيا والصين، في محاولة لجعل الدول الأعضاء في الناتو تعتقد أن الولايات المتحدة وحدها هي التي يمكنها أن توفر لهم مظلة أمنية، ولطالما كان اختطاف أمن الدول الأعضاء في الناتو هدفاً للولايات المتحدة والأمين العام لحلف الناتو.
إن الأداة الوحيدة التي يحافظ عليها الناتو هي الحرب، وفي الذكرى السنوية الأولى للصراع الروسي الأوكراني، لا توجد بوادر للتراجع في ساحة المعركة، حيث أشار ستولتنبرغ إلى أن خطر تصعيد الصراع في أوكرانيا لا يضاهى بالخطر الذي قد ينشأ في حالة انتصار روسيا.
من الواضح أن الناتو يجد أنه لا داعي لإخفاء جوهره باعتباره أصل الحرب، وكنتيجة للحرب الباردة، كان من المفترض أن يستريح في رماد التاريخ، لكنه الآن يخلق الخوف على الأرض الأوروبية، وفي نفس الوقت، فإنه يفاقم القلق في آسيا استعداداً لحرب أخرى، فالناتو إما في حالة حرب أو في طريقه إلى الحرب.
قال سونغ تشونغ بينغ، الخبير العسكري الصيني: إن الولايات المتحدة تأمل في أن يتمكن الناتو من توسيع انتشاره في جميع أنحاء العالم، وليس مجرد البقاء منظمة عسكرية عبر الأطلسي. لذلك ، يتعين على الولايات المتحدة أن تستمر في تضخيم التهديدات الخارجية، وتوحيد الدول الأعضاء التي لا تتوافق مصالحها دائماً وتجعلها تنفق المزيد على ميزانيتها العسكرية.
قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في مقر الناتو في بروكسل: إن دول الناتو ستوافق على تعهد جديد هذا الصيف لزيادة الإنفاق الدفاعي فوق هدفها السابق.
وأشار سونغ إلى أن هدف الولايات المتحدة هو السيطرة على الناتو وأوروبا وتحويل الناتو إلى تحالف عسكري عالمي، ويمكن اعتبار كلمات ستولتنبرغ على أنها تمهد الطريق لمشاركة الناتو في شؤون آسيا والمحيط الهادئ.
كما أكد سون زيهوي، زميل باحث مشارك في المعهد الوطني للاستراتيجية الدولية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية أن ستولتنبرغ حاول تصعيد الوضع المتوتر في آسيا والتسبب في القلق بين اليابان وكوريا الجنوبية وحتى دول جنوب شرق آسيا، وهم سيعززون العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.
من ناحية أخرى، أعرب ستولتنبرغ عن أمله في جذب الانتباه الدولي للوضع في جزيرة تايوان كوسيلة للضغط على الصين.
لكن للتذكير هنا: مصالح الولايات المتحدة لا تتساوى مع مصالح الدول الأعضاء في الناتو، حيث يعتبر البعض داخل الناتو روسيا تهديداً حقيقياً، لكنهم لا ينظرون إلى الصين بنفس الطريقة.
في غضون ذلك، لا تتمتع بعض الدول الأوروبية، وخاصة القوى الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا، بثقة شديدة تجاه الولايات المتحدة، خاصة بعد الملحمة الأخيرة حول انفجار نورد ستريم، والتي عمقت الريبة.
وقال سونغ: الناتو يواصل الحديث عن الصين، وهو ما يثبت فقط أنها آلة تنفيذ إرادة الولايات المتحدة، وهذا يحبط سعي أوروبا لتحقيق الاستقلال الاستراتيجي، ويختطف الدفاع الجماعي لأوروبا.
المصدر- غلوبال تايمز