ظافر أحمد أحمد – الثورة :
تشوهت علاقة الإعلام بالحقيقة في عصر إعلام غربي متطور مهمته الأساسية تعليب الحقائق وتدويرها لخدمة أنظمته السياسية والاقتصادية، والتلاعب بالعقول ولا فرق بين عقول العاّمة ونخبة المفكرين والأكاديميين والمثقفين الذين كغيرهم ينطلي عليهم التضليل.
أصبح من طبائع البشر الاهتمام بالخبر الكاذب، ووفق دراسة من قلب (إمبراطورية تزييف الحقائق الأميركية) تبين أنّ الجمهور يهتم بالخبر الكاذب أكثر من اهتمامه بالخبر الصحيح وذلك من خلال تعامله مع 130 ألف خبر كاذب ورد على وسائل التواصل الاجتماعي.
عندما يتمكن الإعلام الأميركي المتطور على سبيل المثال من الضخ اليومي في عقول الأميركيين قبل غيرهم بأنّ الحرب الأوكرانية هي قضية (أمن قومي للولايات المتحدة)، أو أنّ القواعد الأميركية المشرفة على نهب النفط والقمح السوريين في المنطقة الشرقية هي لمحاربة داعش وحماية للأمن القومي الأميركي، فهذا يعني أنّ الحقيقة المصنعة خدّرت عقول الأميركيين.
كذلك تنشغل صناعة التضليل الإعلامي في دول الاتحاد الأوروبي بتعليب الحقيقة وفرضها على عقول الأوروبيين، فهو يسوق منذ سنوات طويلة حقائق مصنّعة “تشيطن” إيران وسورية وأي قوى وطنية تجد في الكيان الإسرائيلي العامل التفجيري الأوّل لاستقرار المنطقة، وبات مؤخرا يركز على شيطنة الاتحاد الروسي على خلفية الحرب الأوكرانية وبالغ في محاربة وسائل الإعلام الروسية وتطبيق عقوبات على وصول المحتوى الروسي للجمهور الأوروبي.
وفي الحدث السوري نماذج تطبيقية لا سابق لها مارستها وسائل إعلام نافذة وثرية في حجم التضليل وتشويه المصطلحات وقصف العقل السوري بحقائق معلبة ومدورة شوهت بها مفاهيم السيادة الوطنية والحرية والانتماء والجغرافيا، وحتّى الآن يقدّم الأداء الإعلامي لعشرات الفضائيات ووسائل الإعلام خدمات إعلامية وسياسية تضليلية كبيرة لصالح المجموعات الإرهابية والمسلحة في مناطق خارج سيطرة الدولة، حيث يسرح ويمرح مئات الإعلاميين وأشباه الإعلاميين ويضخون على مدار الساعة لشتى وسائل الإعلام بما يخدم التنظيمات المسلحة وعملاء الاحتلالات.
ومن خلال متابعة صناعة التضليل الإعلامي الغربي يمكن الانتباه إلى أنّ الغاية الأساسية منها تنميط تفكير الشعوب الغربية تجاه دول وقضايا ساخنة عالمياً..، ويتم تسويق وفرض الأنماط المطلوبة بشكل أمكن عزل تلك الشعوب عن أي آراء متعددة، وبشكل يجعل ما تقره الإدارة الأميركية يقرّه الاتحاد الأوروبي ويسوقه الإعلام على أنّه الرأي الليبرالي الصحيح في وجه آراء ومعلومات العالم الآخر المستبد..
ومع أنّ عزل الشعوب الغربية عن القضايا الساخنة هو من أشكال التضييق على الحريات فإنّ الموضوع يحصل على أنّه حماية لحرياتها، وأصبحت تلك الشعوب العريقة تجاه مفاهيم الحرية والديمقراطية والحضارة رهينة قاعدة أميركية وأوروبية فاسدة مفادها: (إنّ الحقيقة أميركية وأوروبية فقط)!.
وهكذا في عصر التضليل الإعلامي كل الشعوب في العالم بحاجة إلى حقيقة وطنية تغتسل من التعليب الأميركي والأوروبي للحقائق.
