يقال: لا يكشف المعادن الأصيلة.. إلا المواقف وكذلك هو الشعب السوري الذي أظهر أن معدنه هو معدن نادر فيه من الأصالة والشهامة والوفاء الكثير، شعب أظهر بلهفته وإغاثته لبعضه أنه بالرغم من الحرب وويلاتها ومحاولات البعض التفريق والتمييز بينه باءت بالفشل وللتأكيد على ذلك يكفي أن تتابع الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عن المبادرات والجهود الإغاثية التي بذلت من قبل الأفراد والجمعيات الأهلية والشعبية منذ أن ضرب الزلزال عدداً من المحافظات السورية ومنذ اللحظة الأولى أعلن السوريون أن تلك المحافظات منكوبة وواجب كل المحافظات وأبناء هذا البلد الوقوف مع بعضهم البعض بتكافلهم ومحبتهم بغض النظر عن أي شيء آخر سوى انتمائهم لسوريتهم.
التكافل الاجتماعي تحدث عنه عالم الاجتماع إميل دوركايم في العام (١٩٨٣) وتحدث عن أنواعه وميّز بين التكافل العضوي وهو الذي يحدث بشأن المعتقدات والقيم وبين التكافل الميكانيكي الذي يتحقق بناءً على تبادل المصالح.
ويعرف التكافل الاجتماعي بأنه “العملية التي تُساهم في تحقيق الأهداف التي لا يُمكن للأشخاص تحقيقها بمفردهم، وذلك من خلال عمل أفراد المجتمع معًا، وتبادل الخبرات والموارد والمسؤوليات فيما بينهم، لتحقيق هدف معين، مما يؤدي إلى إتاحة الخدمات والفرص، وتوفير الدعم اللازم لتنمية المجتمع وأفراده، ولاسيما الفئة الشابة”.
ولأن الإنسان كائن اجتماعي يسعى دائما نحو تعزيز الروابط الاجتماعية والتجمع ضمن مجموعات مع بعضها البعض خاصة في وقت الأزمات والحروب وهذا ما شاهدناه بعد الزلزال فالتكافل مطلوب ويقوي الترابط المُجتمعي ويُعمّق أواصر المحبة والألفة وتختلف الدوافع التي تؤكد على التكافل الاجتماعي وتتباين بين المعتقدات المشتركة بين أفراد المجتمع الواحد، وبين الأعراف، والمودة والألفة فيما بينهم، وهنالك أفراد آخرون يُدفعون للتكافل الاجتماعي بهدف تحقيق مصالحهم الشخصية بحيث يكون تفكيرهم منطقياً وعقلانياً بعيدًا عن العواطف أو الأفكار المعنوية.
من مظاهر التكافل الاجتماعي في المجتمع بناء الثقة بين أفراد المجتمع، أو بين فرد ومؤسسة في المجتمع، إذّ تساهم الثقة في تشجيع الأفراد على التعاون وكلما زادت المسافات بين أفراد المجتمع ومؤسساته وبين بعضهم البعض كلما قلت الثقة وضعف المجتمع أيضاً من مظاهر التكافل تحقيق الإيثار الذي يعني رفض الأنانية وتغليب المصلحة العامة على الخاصة ومن صور التكافل الاجتماعي، أيضًا الصَدَقَة، فالتكافل الاجتماعي هو عبارة عن علاقة مشتركة المصالح بين أفراد المجتمع، ويكونوا يدا واحدة في وجه المعوقات الفردية والجماعية وحتى الطبيعية التي تواجههم .
ومن أهم آثار التكافل الاجتماعي انعدام العوز والحاجة والفقر، دون الشعور بالذل والإهانة وبالتالي توطيد المحبة والمشاعر الجميلة في النفوس وتخفيف الأعباء وإتقان العمل وكذلك تبادل الخبرات، حيث يعبر التعاون عن قوة المجتمع وتماسكه حيث يشعر الإنسان بأخيه الإنسان حيث يعمل التكافل الاجتماعي على صون الفرد في مجتمعه وشعوره بالطمأنينة والراحة والحب، وزيادة الثقة بالنفس.
التكافل الاجتماعي تكون نتائجه أفضل في حال كان التعاون مبنياً على أسس علمية من جهة ومن جهة أخرى خطط ومنهجية واضحة من قبل الجهات المعنية بذلك وبالتالي يكون السؤال الأهم فيما لاحظناه خلال الحرب وآثار الزلزال المدمر الذي ضرب عدداً من المحافظات السورية هل كان هناك خطة واضحة في مواجهة آثار وتداعيات هذه الكوارث لاستيعاب مثل هكذا حالات؟.
د.مازن سليم خضور