90 بالمئة من الأسر عاجزة عن تكاليف التعليم

الثورة – علا محمد:
تبدأ الحكاية مع حقيبة صغيرة يختارها طفل بحماسة، وأبٍ يتأمل وجهه محاولاً أن يخفي ثقل الهم عن عينيه، فبين فرحة الطفولة وبساطتها، يقف الكبار مثقلين بأسئلة لا تفارقهم.. من أين نؤمّن أقساط المدارس؟ كيف نغطي نفقات النقل؟ وأي راتب يمكن أن يواجه جنون الأسعار؟.

مع هذا الواقع الصعب، تبدو الحاجة إلى دعم عاجل، سواء عبر منح أم برامج مساعدة، ضرورة أساسية لضمان استمرار التعليم وتخفيف الضغط عن الأسر.

أعباء فوق طاقة الأسر

يؤكد الخبير في التنمية البشرية وعلوم الطاقة، المهندس محمد خير اللبابيدي لـ “الثورة”، أن بداية العام الدراسي تحولت إلى محطة تثقل كاهل الأسر السورية بأعباء إضافية فوق أعبائها المعيشية المعتادة، فدخل الأسر- كما يقول، لا يكفي ربع ما تحتاجه للعيش بكرامة، وتأتي تكاليف الدراسة لتضاعف الضغوط، ويشرح أنّ الأهل، مهما حاولوا، لا يستطيعون التخلي عن مستلزمات أبنائهم، لأن المدرسة بالنسبة للطفل هي الفرح والأمل، لكنها بالنسبة للأب والأم صارت قلقاً دائماً يتكرر مع كل عام جديد.

ويضيف: إنّ ضعف أداء المدارس الحكومية في فترات سابقة، ونقص الكوادر التعليمية، دفع كثيراً من الأسر إلى التوجّه نحو المدارس والمعاهد الخاصة، لكن هذه الأخيرة لم تُراع الظروف، بل رفعت أسعارها حتى فقدت عقلانيتها، إلى جانب ذلك، ارتفعت تكاليف النقل بفعل أسعار الوقود وربطها بسعر الصرف، حتى باتت أقساط المواصلات تضاهي أو تتجاوز رسوم التسجيل نفسها، هذه الدائرة المغلقة من النفقات، كما يصفها، انعكست على الحالة النفسية للأهل، فزرعت القلق والحزن، وولّدت خلافات أسرية، بل وأورثت شعوراً بالنقص عند بعض الأطفال الذين يقفون عاجزين عن مجاراة زملائهم في شراء ما يحتاجون إليه.

على الرغم من هذه الصعوبات، تحاول الأسر التكيّف بما يتاح، فتتجه إلى محال تقدّم عروضاً، أو تكتفي بشراء حاجة واحدة يستعملها أكثر من طفل، مع حرص الأهل على توعية أبنائهم بضرورة الحفاظ على أغراضهم، ويرى اللبابيدي أنّ هذه الحلول وحدها غير كافية، ما لم تُدعَم بمبادرات مجتمعية، كالجمعيات التي توزّع القرطاسية، أو منح حكومية تسند العائلات في هذه الفترة الحساسة.

ما المطلوب من الدولة؟

الخبير اللبابيدي يلفت إلى أنّ أول ما ينبغي أن يتحلى به أصحاب المدارس الخاصة هو الرحمة، عبر خفض الأقساط وتقدير الواقع المعيشي، أما على مستوى الدولة، فيرى أنّ تخفيف شروط ترخيص المدارس والمعاهد أمر أساسي لزيادة أعدادها وفتح باب المنافسة، بما يضمن تراجع الأسعار، ويشدد على أنّ زيادة الرواتب ضرورة قصوى، لتواكب ما قدّرته “الأمم المتحدة” لحاجة الأسرة السورية، والتي تتراوح شهرياً بين 6 و9 ملايين ليرة، كما يدعو إلى منحة مالية مجزية مع بداية كل عام دراسي، لأن المواطن، كما يقول، مهما عمل لن يستطيع أن يؤمن لقمة عيش كافية في ظل الغلاء الفاحش وضعف الدخل والقدرة الشرائية.

الحفاظ على جودة التعليم في ظل هذه الظروف- بحسب اللبابيدي، يمرّ بفتح الباب أمام كل من يرغب في ترخيص مدرسة أو معهد من دون وساطات أو شروط مجحفة، مع رفع رواتب المعلمين والإداريين لتحفيزهم على البقاء في الميدان، كما يرى أن هناك مواهب وهواة قادرين على العطاء، بل وربما يتفوقون في بعض المجالات على المختصين، ما يستدعي من وزارة التربية وضع ضوابط مرنة تسمح بالاستفادة منهم في سد النقص الكبير بالكوادر التعليمية.
ويلفت الخبير اللبابيدي إلى أن على الأهل إيجاد توازن بين الإمكانيات المحدودة واحتياجات أبنائهم الدراسية، عبر ترشيد الإنفاق، والعناية بالمستلزمات، والاكتفاء بالضروري منها، وفي المقابل، يناشد المعلمين والمعلمات أن يراعوا ظروف الأسر، وألا يطلبوا مواد إضافية تزيد الأعباء.

أرقام صادمة

الأرقام، كما يشير اللبابيدي، تعكس حجم الأزمة، فطالب المدرسة الحكومية يحتاج اليوم بين مليون ونصف ومليوني ليرة سنوياً لتغطية القرطاسية والمواصلات، فيما تتجاوز التكاليف في المدارس الخاصة مع الدروس الخصوصية 7 ملايين ليرة، وهو مبلغ لا تستطيع أكثر من 90 بالمئة من الأسر السورية تحمّله، من هنا، يؤكد أنّ الحل يكمن في تقديم منحة للأسر، وتوسيع دعم القطاع الحكومي ليستوعب أكبر عدد ممكن من الطلاب، منعاً لانزلاقهم نحو مؤسسات التعليم الخاصة الباهظة.

وسط هذه التحديات اليومية، يبقى صوت الأسر السورية مرتفعاً، يحمل الأمل في أن تتحول الضغوط المالية إلى فرصة لدعم التعليم، لتبدأ كل حقيبة دراسية رحلة جديدة من المعرفة بعيداً عن القلق والمعاناة.

آخر الأخبار
2.5 مليون دولار لدعم مراكز الرعاية  من مجموعة الحبتور   السعودية تمنح سوريا 1.65 مليون برميل دعماً لقطاع الطاقة وإعادة الإعمار  حملة “دير العز”.. مبادرة لإعادة صياغة المشهد التنموي في دير الزور إقبال كبير في طرطوس على حملة للتبرع بالدم  الشيباني: سوريا تدعم مبادرات السلام والاستقرار الإقليمي والدولي "الأشغال العامة": الانتهاء من تأهيل أتوستراد دمشق - بيروت آخر أيلول  القانون الضريبي الجديد بين صناعيي حلب والمالية  أزمة البسطات في حلب.. نزاع بين لقمة العيش وتنفيذ القانون  جسر جديد بين المواطن والجهاز الرقابي في سوريا  90 مدرسة خارج الخدمة في الريف الشمالي باللاذقية  غلاء الغذاء والدواء يثقل كاهل الأسر السورية بعد تدشين سد النهضة..هل تستطيع مصر والسودان الحفاظ على حقوقهما المائية؟! قافلتا مساعدات أردنية – قطرية إلى سوريا 90 بالمئة من الأسر عاجزة عن تكاليف التعليم الحد الأدنى المعفى من الضريبة.. البادرة قوية وإيجابية.. والرقم مقبول عملية نوعية.. القبض على خلية لميليشيا “حزب الله” بريف دمشق "الإصلاح الضريبي" شرط أساسي لإعادة الإعمار المال العام بين الأيادي العابثة أرقام صادمة .. تسجلها فاتورة الفساد في قطاع الجيولوجيا الأسعار في ارتفاع والتجار في دائرة الاتهام سرافيس الأشرفية – جامعة حلب.. أزمة موقف بين المخالفات ومعيشة الأسر