الثورة – ميساء العلي:
يبرز الإصلاح الضريبي كأحد أعمدة إعادة الإعمار الاقتصادي، ورافعة أساسية لضمان موارد مستدامة للدولة بعيداً عن الاعتماد المفرط على المساعدات أو الديون الخارجية، فالمنظومة الضريبية الحالية التي أرهقتها سنوات الحرب والتهريب والاقتصاد غير الرسمي لم تعد قادرة على مواكبة متطلبات التنمية ولا تحقيق العدالة الاجتماعية.
اليوم تعمل وزارة المالية على إصلاح النظام الضريبي وقد حققت عدة خطوات جيدة في هذا الاتجاه للوصول كما يقول وزير المالية محمد يسر برنية لنظام ضريبي عادل وشفاف يكون القطاع الخاص شريكاً معه، بحيث تكون المسؤولية مجتمعية، ويذهب التعديل بهذا النظام إلى إعفاء من يقل دخله عن 60مليون ليرة من الضريبة.
أرضية صلبة
يقول المحلل الاقتصادي شادي سليمان في حديثه لـ”الثورة”: إنه لا يمكن الحديث عن إصلاح ضريبي ما لم نمهد له الأرضية الصلبة، ونُقر بأن أول أركانه العدالة الضريبية.
وأضاف: إن وزارة المالية ومن خلال اللجنة التي تم تشكليها منذ أكثر من ثلاثة أشهر تعمل ضمن هذا النهج للوصول إلى عدالة ضريبية ويبدو أن النتائج حتى اليوم مبشرة.
وبين أن الإصلاح الضريبي أولوية للمرحلة القادمة ليس فقط كأداة تمويلية، بل كآلية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحفيز النمو.
وتابع كلامه بالقول: لابد من توسيع القاعدة الضريبية عبر دمج الاقتصاد غير الرسمي وتشجيع التسجيل الضريبي الطوعي إضافة إلى تحقيق العدالة التصاعدية من خلال تخفيف العبء عن الشرائح الفقيرة والمتوسطة وزيادة مساهمة كبار الدخل والثروة ناهيك عن تحفيز الاستثمار عبر منح إعفاءات محددة وذكية مرتبطة بالقطاعات الإنتاجية وفرص العمل.
ولفت إلى أنه لابد من إطلاق الفوترة الالكترونية كآلية فعالة لمكافحة التهرب وتدريب الكوادر المالية وتزويدها بالتقنيات اللازمة.
ورداً على كلام وزير المالية، إن من يقل دخله عن 60 مليون فهو معفى من الضريبة، يرى سليمان أن الرقم قليل جداً في ظل التضخم الكبير خاصة بالنسبة لقطاع الأعمال.
ويختم كلامه بالقول: إن أي برنامج لإعادة إعمار البنية التحتية وتحريك عجلة الإنتاج دون موارد داخلية ثابتة، والإصلاح الضريبي هو الشرط الأساسي لذلك، كما أنه يبعث برسالة إيجابية للمستثمرين المحليين والدوليين بأن البيئة السورية تتجه نحو الشفافية والاستقرار.
خطوة إيجابية
الخبيرة الاقتصادية الدكتورة لمياء عاصي قالت: إن وزارة المالية تسعى بشكل عام إلى توازن دقيق بين دعم الأعمال وتعزيز الإيرادات العامة، مع ذلك يعتبر اعفاء قطاع الأعمال الحد الأدنى من ضرائب الدخل بمبلغ سنوي يبلغ 60 مليون ليرة, يعد خطوة ايجابية في سياق التعافي الاقتصادي الذي تسعى له سوريا، فالمقصود منه أن يساعد الشركات الصغيرة على النمو وتخفيف الأعباء الضريبية عنها, ولكن يجب أن يرافق هذا الإعفاء إجراءات وآليات رقابية صارمة لمنع تدهور وانخفاض إيرادات الدولة.
بشكل عام، وبحسب عاصي، فإنه لا يمكن الحديث عن الشفافية ومحاربة الفساد والتهرب الضريبي بدون تطبيق شامل للمعلوماتية والأتمتة، وهذا يعني أن تحديد الحد الأدنى المعفي لأي شركة أو نشاط تجاري يستلزم معرفة كل تفاصيل وأعمال الشركة، وهذا غير ممكن في ظل العمل الورقي، والمعروف أن العمل الورقي يهيمن حالياً على كل مفاصل العمل المالي، لذلك فإن المهمة الأولى لوزارة المالية هي تحضير وتهيئة البنية التحتية اللازمة للأتمتة، إذ يمكن تقليل الهدر والفساد والتهرب الضريبي الى أدنى المستويات من خلال تعزيز الشفافية وتقليل تأثير العامل البشري.