المال العام بين الأيادي العابثة أرقام صادمة .. تسجلها فاتورة الفساد في قطاع الجيولوجيا

الثورة – لينا شلهوب:
ما كشفته تقارير الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في قطاع الجيولوجيا والثروة المعدنية بأنه  لا يمكن التعامل معه كخبر عابر، بل هو مؤشر خطير على حجم الفساد الذي ينهش مؤسسات الدولة ويستنزف مواردها، نحن أمام مخالفات جسيمة تجاوز ضررها المالي 148 مليار ليرة سورية، أي ما يعادل أكثر من 13 مليون دولار.

هذا الرقم وحده كفيل بأن يضع القضية في مصافي القضايا الكبرى التي تهدد الأمن الاقتصادي، وتزيد من الأعباء المعيشية التي يواجهها السوريون يومياً.

ما يلفت الانتباه أن هذه المخالفات لم تكن مجرد خطأ إداري أو سوء تقدير في التعاقد، بل سلسلة متكاملة من التجاوزات في إبرام العقد وتنفيذه، شارك فيها موظفون رسميون من الشركة العامة إلى جانب شركاء في القطاع الخاص، بعضهم من خارج البلاد، هذا يعني أننا أمام شبكة فساد عابرة للقطاعات والحدود، وليست مجرد حالة فردية يمكن إغلاقها بقرارات إدارية.

تقرير التفتيش بالاستعانة بلجنة خبرة فنية لحساب الأضرار المالية تعكس جدية مهنية، وتضفي مصداقية على التقرير الأولي، لكنها تبقى خطوة أولى فقط، إذ إن التحدي الحقيقي يكمن في الانتقال من مرحلة التشخيص إلى مرحلة المحاسبة واسترداد الأموال المنهوبة، تاريخياً، عانت قضايا الفساد الكبرى في سوريا من غياب الشفافية وتأجيل المحاسبة، ما أضعف ثقة الناس بجدية الحرب على الفساد، وأعطى الفاسدين شعوراً بالحصانة.

القضية تطرح سؤالاً أساسياً: كيف استطاع عقد بهذا الحجم أن يمر دون أن تتنبه إليه الأجهزة الرقابية منذ بدايته؟ إذا كانت الرقابة لا تتحرك إلا بعد سنوات من الهدر، فهذا يعني أن هناك خللاً بنيوياً في آليات المتابعة والمحاسبة داخل المؤسسات، بل قد يعني وجود تواطؤ أو تغطية متعمدة سمحت باستمرار المخالفة حتى وصلت إلى هذه الأرقام الفلكية.

محاربة الفساد ليست شعاراً سياسياً ولا مجرد بيانات صحفية، بل عملية معقدة تبدأ بالوقاية قبل أن تصل إلى العلاج، الوقاية هنا تعني الشفافية المطلقة في التعاقدات، رقابة حقيقية أثناء التنفيذ، ومساءلة فورية عند ظهور أي خلل، أما العلاج فيعني إجراءات قانونية صارمة، تبدأ بالحجز الاحتياطي ومنع السفر كما أوصى التقرير، ولا تنتهي إلا بعد محاكمة عادلة واسترداد المال العام.
في نهاية المطاف، هذه المليارات التي جرى هدرها لم تكن أموالاً بلا صاحب، بل كانت من المفترض أن تذهب لتطوير معامل ومشاريع تخدم الاقتصاد والمجتمع، وضياعها يترجم مباشرة إلى تراجع في الخدمات، وضعف في البنية التحتية، وزيادة في معاناة المواطن الذي يجد نفسه في مواجهة أزمات متتالية لا ذنب له فيها.

إن نشر تفاصيل هذه القضية خطوة مهمة، لكن الأهم هو أن تكون بداية لمسار مختلف، مسار يثبت أن لا أحد فوق القانون، وأن حماية المال العام ليست خياراً بل واجب وطني، عندها فقط يمكن أن نستعيد بعضاً من الثقة المفقودة بين المواطن ومؤسسات الدولة، ونضع لبنة حقيقية في طريق مكافحة الفساد.

آخر الأخبار
إقبال كبير في طرطوس على حملة للتبرع بالدم  الشيباني: سوريا تدعم مبادرات السلام والاستقرار الإقليمي والدولي "الأشغال العامة": الانتهاء من تأهيل أتوستراد دمشق - بيروت آخر أيلول  القانون الضريبي الجديد بين صناعيي حلب والمالية  أزمة البسطات في حلب.. نزاع بين لقمة العيش وتنفيذ القانون  جسر جديد بين المواطن والجهاز الرقابي في سوريا  90 مدرسة خارج الخدمة في الريف الشمالي باللاذقية  غلاء الغذاء والدواء يثقل كاهل الأسر السورية بعد تدشين سد النهضة..هل تستطيع مصر والسودان الحفاظ على حقوقهما المائية؟! قافلتا مساعدات أردنية – قطرية إلى سوريا 90 بالمئة من الأسر عاجزة عن تكاليف التعليم الحد الأدنى المعفى من الضريبة.. البادرة قوية وإيجابية.. والرقم مقبول عملية نوعية.. القبض على خلية لميليشيا “حزب الله” بريف دمشق "الإصلاح الضريبي" شرط أساسي لإعادة الإعمار المال العام بين الأيادي العابثة أرقام صادمة .. تسجلها فاتورة الفساد في قطاع الجيولوجيا الأسعار في ارتفاع والتجار في دائرة الاتهام سرافيس الأشرفية – جامعة حلب.. أزمة موقف بين المخالفات ومعيشة الأسر بين الهاتف الهاكر ومواجهة العاصفة الإلكترونية  الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمفقودين تبحثان آليات التنسيق عودة اللاجئين السوريين نقطة تحول من أجل إعادة الإعمار