الثورة-ترجمة ميساء وسوف:
بالنسبة للهند، تعتبر رئاسة مجموعة العشرين (G20) فرصة لإبراز الامتداد السياسي لدلهي وقيادتها في القضايا العالمية، وعنوان رئاسة الهند لمجموعة العشرين هو “أرض واحدة ، عائلة واحدة ، مستقبل واحد”.
تم إنشاء نموذج G20 في التسعينيات، ويتألف من 19 دولة والاتحاد الأوروبي، ويمثل حوالي 85 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في العالم، وإضافة إلى أعضائها، تدعو مجموعة العشرين أيضاً الدول غير الأعضاء، بما في ذلك بنغلاديش وسنغافورة وإسبانيا ونيجيريا، فضلاً عن المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي لحضور اجتماعاتها.
تضم مجموعة العشرين اقتصادات العالم المتقدمة والنامية إضافة إلى الدول القوية، وأعضاؤها هم الأرجنتين، أستراليا، البرازيل، كندا، الصين، فرنسا، ألمانيا، الهند، إندونيسيا، إيطاليا، اليابان، جمهورية كوريا، المكسيك، روسيا، المملكة العربية السعودية، جنوب إفريقيا، تركيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي.
تناقش اجتماعات وقمم مجموعة العشرين قضايا تشمل التجارة والمسائل الاقتصادية، وتغير المناخ، والرعاية الصحية، وأمن الغذاء والطاقة، وسلاسل التوريد العالمية، والتوترات الجيوسياسية، وكيفية زيادة فعالية التعاون الدولي.
لقد نصبت الهند خلال رئاستها لمجموعة العشرين، نفسها كصوت لجنوب الكرة الأرضية وحاولت إثارة القضايا ذات الصلة بالمنطقة، ولكن هيمن الانقسام العالمي العميق بشأن الأزمة الأوكرانية على اجتماعات وزراء المالية ووزراء الخارجية، التي عُقدت خلال شهري شباط وآذار 2023 في نيودلهي.
ومع ذلك، حافظت الهند على موقف محايد بشأن الأزمة وحاولت لعب دور حيوي في سد الخلافات بين الغرب وروسيا، ويُنظر أيضاً إلى رئاسة الهند لمجموعة العشرين على أنها فرصة للحزب السياسي الحاكم في الهند لعرض إنجازاته ونطاقه الدبلوماسي قبل الانتخابات العامة عام 2024. من المتوقع أن تكون رئاسة الهند لمجموعة العشرين بمثابة راية كبيرة في الحملة الانتخابية لرئيس الوزراء مودي، لإبرازه كرجل دولة عالمي من دولة قوية يمكن أن تقود كتلة مجموعة العشرين للوصول إلى أهدافها من خلال التغلب على المنافسات الجيوسياسية بشأن توافق الآراء حول عدد من القضايا والاهتمامات العالمية.
أتاحت رئاسة الهند لمجموعة العشرين فرصة للبلاد لعرض قصصها التنموية والتدخلات العملية والحلول الفعالة المقترحة في عالم ما بعد الوباء، ويُنظر أيضاً إليها على أنها فرصة للحزب السياسي الحاكم في الهند، حزب بهاراتيا جاناتا، لاستخدام أوراق اعتماد رئيس الوزراء مودي الدولية لتصويره كلاعب رئيس في النظام العالمي وتحسين مكانته في الداخل والخارج.
وقد حافظت الهند على علاقات وثيقة مع كل من واشنطن وموسكو، وانعكس ذلك في اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين واجتماع وزراء المالية، كما كانت هذه الاجتماعات مهمة لمناقشة العلاقات الثنائية بين الهند والصين أيضاً.
ركز اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في نيودلهي على مجموعة واسعة من القضايا العالمية، بما في ذلك تغير المناخ، والأمن الغذائي، وقضايا سلسلة التوريد، والإرهاب، وغسيل الأموال، وتهريب الأسلحة، وتهريب المخدرات، والمساعدة الإنسانية، والحد من مخاطر الكوارث. أرادت الهند، بصفتها مضيفة اجتماعات مجموعة العشرين، توجيه التركيز بعيداً عن الأزمة الأوكرانية ونحو القضايا ذات الصلة بجنوب الكرة الأرضية.
ومع ذلك، هيمنت هذه الأزمة على الاجتماع، مما سلط الضوء على الانقسامات العالمية العميقة بشأنها، وعلى الرغم من موقفها المحايد من الأزمة الأوكرانية، فقد وضعت الهند نفسها كوسيط محتمل بين الغرب وروسيا، وصانع للسلام.
مع تولي الهند رئاسة مجموعة العشرين، لديها فرصة للعب دور رئيس في تشكيل الحوكمة العالمية ومعالجة القضايا الأكثر إلحاحاً التي تواجه العالم اليوم، ويمكن للهند الاستفادة من موقفها لسد الفجوة بين البلدان المتقدمة والنامية، والدعوة إلى النمو المستدام والشامل، وتعزيز مصالح الجنوب العالمي.
يمكن أن تركز رئاسة الهند لمجموعة العشرين على تعزيز الطاقة المتجددة والعمل المناخي والتنمية المستدامة، وهو أمر ضروري لتحقيق الهدف العالمي المتمثل في صافي الانبعاثات الصفرية.
ويمكن للهند أيضاً أن تدافع عن احتياجات البلدان منخفضة الدخل والبلدان النامية من خلال الدعوة إلى الوصول العادل إلى الرعاية الصحية والتعليم والتكنولوجيا.
علاوة على ذلك، يمكن للهند أن تلعب دوراً حاسماً في النهوض بالاقتصاد الرقمي، وتعزيز محو الأمية الرقمية، وضمان الأمن الرقمي، ويمكن لخبرة الهند في المجال الرقمي أن تساعد في تشكيل أجندة مجموعة العشرين بشأن الأمن السيبراني وخصوصية البيانات والتجارة الرقمية.
بشكل عام، توفر رئاسة الهند لمجموعة العشرين فرصة فريدة لتوجيه الحوكمة العالمية نحو مستقبل أكثر إنصافاً واستدامة، كما يمكنها الاستفادة من قيادتها لتعزيز النمو الشامل، وسد الفجوة بين البلدان المتقدمة والنامية، ومعالجة التحديات الأكثر إلحاحاً التي تواجه العالم اليوم.
المصدر- منتدى فالداي