الثورة – ترجمة رشا غانم:
يعدّ خبر استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية الذي تم الإعلان عنه في بكين في 10 آذار خبراً عظيماً للبلدين وللشرق الأوسط وللعالم بأسره، لأنه يظهر أن البلدين يمكن أن يتعايشا في سلام وتعاون إذا ما اختارا المصالحة والدبلوماسية على المواجهة.
ولابدّ بالاعتراف بالدور الذي لعبته الصين في التقارب بين السعودية وإيران، إنّها شهادة على التزام الصين بالسلام، فالشعوب في الشرق الأوسط تتوق إلى السلام، فلطالما طاردتها صراعات لا نهاية لها، فالحرب التي قادتها الولايات المتحدة في العراق، وقصف الناتو وتغيير النظام في ليبيا، والاحتلال غير القانوني المستمر لبعض أجزاء شمال شرق سورية من قبل القوات الأمريكية هي بعض الحقائق المرّة التي يعيش معها الناس في الشرق الأوسط.
هذا وجاء الاختراق الدبلوماسي بين طهران والرياض بعد أقل من أسبوعين من إعلان بكين عن وثيقة من 12 نقطة للمساعدة في إنهاء الصراع الروسي الأوكراني الذي دام عاماً واحداً، وقد تمّ إصدارها في وقت تخلت فيه الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ومعظم دول الاتحاد الأوروبي عن الجهود الدبلوماسية للمساعدة في إنهاء الصراع، وبدلاً من ذلك، حاول بعضهم إبقاء الصراع حياً من خلال تزويد أوكرانيا بالأسلحة.
يعرف معظم الناس أنّه لا يوجد حل عسكري للصراع، وإذا تُرك الصراع دون رادع، فقد يتصاعد قريباً إلى حرب أوسع، وما ليس فيه شك بأن الدول التي تحافظ على علاقات جيدة مع كل من روسيا وأوكرانيا يمكن أن تلعب دوراً أكبر في تعزيز السلام بين البلدين، كما يمكن للصين أن تتوسط في السلام بين طهران والرياض لأنها لم تكن منحازة إلى أي جانب في نزاعاتهما.
بالنسبة للصين، فإن الحفاظ على علاقات جيدة مع كل من روسيا وأوكرانيا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله، وفي المقابل، فإن الدول التي انحازت إلى جانب في الصراع الروسي الأوكراني، مثل الولايات المتحدة ومعظم الدول الأعضاء في الناتو، ليست مؤهلة حتى للتوسط لسبب بسيط هو أن روسيا لن تقبلهم.
وفي الواقع، رد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشكل أكثر إيجابية على وثيقة موقف الصين للتّسوية من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في حين أن لامبالاة الاتحاد الأوروبي بوثيقة موقف الصين لإيجاد حل للنزاع مخيّب للآمال، فإنّ بيان الدّائرة الأوروبية للشؤون الخارجية بشأن التقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية يعكس ضيق الأفق، لأنه لا يذكر الدور الذي لعبته الصين في التنمية، إنّه في تناقض صارخ مع الثناء الذي ألقاه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على الصين.
ومن الجدير بالذّكر أنّ لامبالاة الاتحاد الأوروبي صادمة ولكنها ليست مفاجئة، نظراً لأن مدح الصين على أي شيء في هذه الأيام أصبح غير صحيح سياسياً في أوروبا، تماماً كما هو الحال في الولايات المتحدة، ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي سيستفيد كثيراً إذا انتهى الصراع الروسي الأوكراني واستعاد السلام الدائم في الشرق الأوسط، وهو مصدر لأزمة الهجرة في أوروبا.
وبينما تبذل الصين قصارى جهدها للتوسط في السلام بين الدول المتحاربة في أجزاء مختلفة من العالم، كشفت الولايات والمملكة المتحدة وأستراليا، في استفزاز كبير للصين، عن خطة بموجب اتفاقية أوكوس الثلاثية لتزويد أستراليا بـ غواصات تعمل بالطاقة النووية.
لقد استفادت الولايات المتحدة بشكل كبير من أزمة أوكرانيا وإذكاء التوترات في شرق آسيا كما يتضح من حصة المنطقة البالغة 40 في المئة في صادرات الأسلحة العالمية خلال عام 2018- إلى عام 2022، مقارنة بـ 33 في المئة خلال عام 2013- إلى عام2017، أوكوس هو مجرد عمل آخر للمجمع الصناعي العسكري الأمريكي، ولكنّ مثل هذه الجهود لإطلاق سباق تسلح جديد هو نذير شؤم للجنس البشري يجب أن يتوقف على الفور.
المصدر- تشاينا ديلي